وَمَرَّ صِحَّتُهُ بِمَيْتَةٍ لَا دَمٍ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا كَكُلِّ عِوَضٍ لَا يُقْصَدُ، وَالْفَرْقُ أَنَّهَا تُقْصَدُ لِأَغْرَاضٍ لَهَا وَقَعَ عُرْفًا كَإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ، وَلَا كَذَلِكَ الدَّمُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهُ يُقْصَدُ لِمَنَافِعَ كَثِيرَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَطِبَّاءُ لِأَنَّهَا كُلَّهَا تَافِهَةٌ عُرْفًا فَلَمْ يُنْظَرْ لَهَا وَكَذَا الْحَشَرَاتُ مَعَ أَنَّ لَهَا خَوَاصَّ كَثِيرَةً
(وَلَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (التَّوْكِيلُ) فِي الْخُلْعِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَالْبَيْعِ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (فَلَوْ) (قَالَ لِوَكِيلِهِ خَالِعْهَا بِمِائَةٍ) مِنْ نَقْدِ كَذَا (لَمْ يُنْقِصْ مِنْهَا) لِأَنَّهُ دُونَ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا لِوُقُوعِ الشِّقَاقِ هُنَا فَانْتَفَتْ الْمُحَابَاةُ، وَبِهِ فَارَقَ بِعْ هَذَا مِنْ زَيْدٍ بِمِائَةٍ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ أَطْلَقَ) كَ خَالِعْهَا بِمَالٍ وَكَذَا خَالِعْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْخُلْعِ وَحْدَهُ يَقْتَضِي الْمَالَ (لَمْ يَنْقُصْ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ) وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ (فَإِنْ نَقَصَ فِيهَا) أَيْ فِي الْأُولَى أَيَّ نَقْصٍ كَانَ، وَفَارَقَتْ الثَّانِيَةُ بِأَنَّ الْمُقَدَّرَ يَخْرُجُ عَنْهُ بِأَيِّ نَقْصٍ بِخِلَافِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ، وَكَالنَّقْصِ فِيهَا الْخُلْعُ بِغَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ الصِّفَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ نَقْصًا فَاحِشًا، وَمَرَّ فِي الْوَكَالَةِ وَكَالنَّقْصِ فِيهَا خُلْعُهُ بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِلْمُخَالَفَةِ الصَّرِيحَةِ كَالْبَيْعِ (وَفِي قَوْلٍ يَقَعُ بِمَهْرِ مِثْلٍ) كَالْخُلْعِ بِخَمْرٍ، وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَتَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَفَارَقَتْ التَّقْدِيرَ بِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهِ صَرِيحَةٌ فَلَمْ يَكُنْ الْمَأْتِيُّ بِهِ مَأْذُونًا فِيهِ.
(وَلَوْ) (قَالَتْ لِوَكِيلِهَا اخْتَلِعْ بِأَلْفٍ فَامْتَثَلَ) أَوْ نَقَصَ عَنْهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى (نَفَذَ) لِمُوَافَقَتِهِ الْإِذْنَ وَفِي تَسْلِيمِ الْوَكِيلِ الْأَلْفَ بِغَيْرِ إذْنٍ جَدِيدٍ وَجْهَانِ أَوْجَهُهَا الْمَنْعُ (وَإِنْ زَادَ) أَوْ ذَكَرَ غَيْرَ الْجِنْسِ أَوْ غَيْرَ نَقْدِ الْبَلَدِ (فَقَالَ اخْتَلَعْتُهَا بِأَلْفَيْنِ مِنْ مَالِهَا بِوَكَالَتِهَا) أَوْ أَطْلَقْت فَزَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (بَانَتْ وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ مِثْلٍ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ فَسَادِ الْعِوَضِ بِزِيَادَتِهِ فِيهِ مَعَ إضَافَتِهِ إلَيْهَا (وَفِي قَوْلٍ يَلْزَمُهَا الْأَكْثَرُ مِنْهُ) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَمِمَّا سَمَّتْهُ) لِلْوَكِيلِ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ إنْ كَانَ الْمَهْرُ فَهُوَ الْوَاجِبُ عِنْدَ فَسَادٍ أَوْ الْمُسَمَّى فَقَدْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَقُولُ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ تُفْرَضَ مُذَكَّاةٌ فَتُقَسَّطُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْمَعْلُومَةِ (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ رَجْعِيًّا) أَيْ فِي الدَّمِ
(قَوْلُهُ: لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا) أَيْ وَلَا يُخَالِعُ بِغَيْرِ النَّقْدِ الَّذِي عَيَّنَهُ لَا جِنْسًا وَلَا صِفَةً فَلَوْ خَالَفَ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَا خَالَعَ بِهِ مِنْ النَّقْصِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا) بَقِيَ مَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ الزِّيَادَةِ فَهَلْ يَبْطُلُ الْخُلْعُ كَالْبَيْعِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْبَيْعِ بِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَتَأَثَّرُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمِائَةِ مَعْلُومَةً، أَمَّا إذَا كَانَتْ مَجْهُولَةً فَهَلْ تَفْسُدُ الْمِائَةُ لِضَمِّ الْمَجْهُولِ إلَيْهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا سَمَّاهُ مِنْ النَّقْدِ وَلَمْ يَنْقُصْ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ مَقْصُودَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ دُونَ مَا سَمَّاهُ الزَّوْجُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُقُوعِ لِانْتِفَاءِ حُصُولِ الْعِوَضِ الَّذِي قَدَّرَهُ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي الْمَالَ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْقُصْ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ) أَيْ نَقْصًا فَاحِشًا كَمَا يَأْتِي وَلَوْ قَدَّمَهُ لَكَانَ أَوْلَى وَلِيَظْهَرَ قَوْلُهُ وَفَارَقَتْ الثَّانِيَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَالنَّقْصِ فِيهَا) أَيْ قَوْلُهُ فِي الْأُولَى أَيْ نَقَصَ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ فِي الْوَكَالَةِ إلَخْ) أَيْ ضَابِطُ التَّفْوِيضِ الْفَاحِشِ وَهُوَ مَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَالنَّقْصِ فِيهَا) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ وَمِثْلُهَا الْأُولَى، وَلَعَلَّهُ تَرَكَ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ بِغَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ الصِّفَةِ هَذَا وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ فِيهَا كَمَا فَعَلَ حَجّ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: يَقَعُ بِمَهْرِ مِثْلٍ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ
(قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الْمَنْعُ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ التَّسْلِيمَ تَصَرُّفٌ لَمْ يَشْمَلْهُ الِاخْتِلَاعُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الْمُعَيَّنَ اعْتَدَّ بِهِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَوْ اسْتَقَلَّ بِقَبْضِ الْمُعَيَّنِ اعْتَدَّ بِقَبْضِهِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ مِثْلٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: سَوَاءٌ أَزَادَ عَلَى
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ الصِّفَةِ) أَوْ خَالَعَ بِمُؤَجَّلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: الصَّرِيحَةُ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute