للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَعْلِيقُهُ، وَيُعْلَمُ هَذَا مِمَّا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْخُلْعِ وَمِمَّا سَيَذْكُرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ قَبْلَ النِّكَاحِ وَ (التَّكْلِيفُ) فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقٌ وَلَا تَنْجِيزٌ مِنْ نَحْوِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَنَائِمٍ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمْ، لَكِنْ لَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ وَبِهِ نَحْوَ جُنُونٍ وَقَعَ وَالِاخْتِيَارُ فَلَا يَقَعُ مِنْ مُكْرَهٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ.

(إلَّا السَّكْرَانَ) وَهُوَ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمُسْكِرٍ تَعَدِّيًا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِهِ حَيْثُ أُطْلِقَ، وَسَيَذْكُرُ أَنَّ مِثْلَهُ كُلُّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَا أَثِمَ بِهِ مِنْ نَحْوِ شَرَابٍ أَوْ دَوَاءٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ طَلَاقُهُ مَعَ انْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ عَلَى الْأَصَحِّ: أَيْ مُخَاطَبَتِهِ حَالَ السُّكْرِ لِعَدَمِ فَهْمِهِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ وَنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ الدَّالُّ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ بِالْقَذْفِ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَهُوَ رَبْطُ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ وَأَلْحَقَ مَالَهُ بِمَا عَلَيْهِ طَرْدًا لِلْبَابِ فَلَا يَرِدُ النَّائِمُ وَالْمَجْنُونُ، عَلَى أَنَّ خِطَابَ الْوَضْعِ قَدْ لَا يَعُمُّهُمَا كَكَوْنِ الْقَتْلِ سَبَبًا لِلْقِصَاصِ. وَالنَّهْيُ فِي {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣] لِمَنْ فِي أَوَائِلِ النَّشْوَةِ لِبَقَاءِ عَقْلِهِ فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، بِخِلَافِ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ سَوَاءٌ أَصَارَ زِقًّا مَطْرُوحًا أَمْ لَا، وَمَنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ التَّكْلِيفُ أَرَادَ أَنَّهُ بَعْدَ صَحْوِهِ مُكَلَّفٌ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ أَوْ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ وَإِلَّا لَزِمَ صِحَّةُ نَحْوِ صَلَاتِهِ وَصَوْمِهِ.

(وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِصَرِيحِهِ) وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ ظَاهِرُهُ غَيْرَ الطَّلَاقِ وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ إجْمَاعًا (بِلَا نِيَّةٍ) لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ مِنْ الْعَارِفِ بِمَدْلُولِ لَفْظِهِ، فَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ قَصْدِ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ فَلَا يَكْفِي قَصْدُ حُرُوفِهِ فَقَطْ كَأَنْ لَقَّنَهُ أَعْجَمِيٌّ لَا يَعْرِفُ مَدْلُولَهُ فَقَصَدَ لَفْظَهُ فَقَطْ أَوْ مَعَ مَدْلُولِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ هَذَا) أَيْ كَوْنُهُ مِنْ زَوْجٍ

(قَوْلُهُ: بِمَا أَثِمَ بِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ لِأَنَّ الْكَافِرَ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِهِ الْحِلَّ. وَإِقْرَارُنَا إيَّاهُ عَلَى شُرْبِهِ لَيْسَ لِحِلِّ ذَلِكَ بَلْ لِكَوْنِ الْجِزْيَةِ مَأْخُوذَةً فِي مُقَابَلَةِ كَفِّ الْأَذَى عَنْهُمْ (قَوْلُهُ: الدَّالُّ عَلَيْهِ) أَيْ النُّفُوذُ (قَوْلُهُ: عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ وَهُوَ رَبْطُ الْأَحْكَامِ) أَيْ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِيهَا بِالْأَسْبَابِ أَيْ التَّلَفُّظُ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: كَكَوْنِ الْقَتْلِ سَبَبًا لِلْقِصَاصِ) أَيْ فَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ إذَا قَتَلَا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا مَعَ أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ بِالْقَتْلِ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ: أَيْ فَحَيْثُ دَخَلَ التَّخْصِيصُ فِي شَأْنِهِمَا بِعَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ الْقِصَاصِ أَمْكَنَ التَّخْصِيصُ بِغَيْرِهِ لِمَعْنًى يَقْتَضِيهِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: النَّشْوَةِ) هُوَ بِتَثْلِيثِ النُّونِ وَبِالْوَاوِ بِخِلَافِ النَّشْأَةِ بِالْهَمْزِ فَإِنَّهُ يُقَالُ نَشَأَ نَشْأَةً إذَا حَيِيَ وَرَبَا وَشَبَّ اهـ كَذَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: أُطْلِقَ عَلَيْهِ) أَيْ السَّكْرَانِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ صَلَاتِهِ وَصَوْمِهِ) وَيُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ أَوَائِلَ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ اتَّصَلَ جُنُونٌ لَمْ يَتَوَلَّدْ عَنْ السُّكْرِ بِهِ وَقَعَ عَلَيْهِ الْمُدَّةُ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا السَّكْرَانُ غَالِبًا اهـ حَجّ

(قَوْلُهُ: وَيَقَعُ الطَّلَاقُ) أَيْ مِمَّنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمِمَّا سَيَذْكُرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) إلَخْ قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَنَائِمٍ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: ذِكْرُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ يَقْتَضِي حَمْلَ التَّكْلِيفِ عَلَى مَا يَشْمَلُ التَّمْيِيزَ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِهِ حَيْثُ أُطْلِقَ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ النَّائِمُ وَالْمَجْنُونُ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُمَا وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِمَا خِطَابٌ لِلْوَضْعِ فِيمَا عَلَيْهِمَا كَالْإِتْلَافِ لَكِنْ لَمْ يُلْحَقْ مَا لَهُمَا بِمَا عَلَيْهِمَا، عَلَى أَنَّ خِطَابَ الْوَضْعِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِمَا فِي جَمِيعِ مَا عَلَيْهِمَا فِي نَحْوِ الْإِتْلَافِ خَاصَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْعِلَاوَةِ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَالنَّهْيُ فِي {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} [النساء: ٤٣] إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ يُقَالُ إنَّ السَّكْرَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ خُوطِبَ بِالنَّهْيِ فِي الْآيَةِ.

فَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ الَّذِي حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُخَاطَبَ فِيهَا لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ بَلْ هُوَ مُكَلَّفٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ التَّكْلِيفَ إلَخْ) يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، لَكِنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ تَعْبِيرَهُ بِالْأَصَحِّ فِيمَا مَرَّ الصَّرِيحَ فِي ثُبُوتِ الْخِلَافِ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ لَقَّنَهُ أَعْجَمِيٌّ إلَخْ) وَكَأَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>