للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِكْرَاهَ يَجْعَلُ الصَّرِيحَ كِنَايَةً.

(وَبِكِنَايَةٍ) وَهِيَ مَا احْتَمَلَ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا أَظْهَرَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (بِنِيَّةٍ) لِإِيقَاعِهِ وَمَعَ قَصْدِ حُرُوفِهِ أَيْضًا، فَلَوْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يَقَعْ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ اقْتَرَنَ بِهَا قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ كَأَنْتِ بَائِنٌ بَيْنُونَةً مُحَرِّمَةً لَا تَحِلِّينَ لِي أَبَدًا أَوْ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ كَلَسْت بِزَوْجَتِي مَا لَمْ يَقَعْ جَوَابُ دَعْوَى فَإِقْرَارٌ، وَفَارَقَ ضَمَّ " صَدَقَةٍ لَا تُبَاعُ " لِ " تَصَدَّقْت " حَيْثُ كَانَ صَرِيحًا فِي الْوَقْفِ بِأَنَّ صَرَائِحَهُ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، بَائِنٌ بَيْنُونَةً إلَى آخِرِهِ يَأْتِي فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ كَالْفَسْخِ، بِخِلَافِ لَا تُبَاعُ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْوَقْفِ، وَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ جَمْعٌ مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ بِالْكِنَايَةِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ وَهِيَ مُسْتَحِيلَةٌ مِنْهُ فَمَحَلُّ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ السَّابِقِ إنَّمَا هُوَ بِالصَّرَائِحِ فَقَطْ مِرْوَدٌ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ بِأَنَّ الصَّرِيحَ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ لَفْظٍ بِمَعْنَاهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَالسَّكْرَانُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَيْضًا، فَكَمَا أَوْقَعُوهُ بِهِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ فَكَذَلِكَ هِيَ وَكَوْنُهَا يُشْتَرَطُ فِيهَا قَصْدَانِ وَهُوَ قَصْدٌ وَاحِدٌ لَا يُؤَثِّرُ، لِأَنَّ الْمَلْحَظَ أَنَّ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ اقْتَضَى الْوُقُوعَ عَلَيْهِ بِالصَّرِيحِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِيهَا، وَشَرْطُ وُقُوعِهِ بِصَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ رَفْعُ صَوْتِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ وَلَا عَارِضٍ وَلَا يَقَعُ بِغَيْرِ لَفْظٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.

(فَصَرِيحُهُ الطَّلَاقُ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَوْ سَكْرَانَ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: كَلَسْت بِزَوْجَتِي) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلَسْت بِزَوْجَتِي، أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا مَا أَنْتِ لِي بِزَوْجَةٍ أَوْ مَا تَكُونِينَ لِي بِزَوْجَةٍ، أَوْ إنْ شَكَانِي أَخِي لَسْت لِي بِزَوْجَةٍ أَوْ فَمَا تَصْلُحِينَ لِي زَوْجَةً، أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا مَا عَادَ زَوْجُ بِنْتِي يَكُونُ زَوْجًا لَهَا أَوْ مَا عُدْت تَكُونِينَ لِي بِزَوْجَةٍ، فَإِنْ نَوَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى.

وَقَوْلُ حَجّ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا مَا عَادَ إلَخْ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ يَنْوِي بِمَا ذَكَرَ الْحَلِفَ أَنَّهُ لَا يُبْقِي بِنْتَه مَعَ زَوْجِهَا بَلْ يَكُونُ سَبَبًا فِي طَلَاقِهَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقَعْ جَوَابُ دَعْوَى) هَلْ شَرْطُهَا كَوْنُهَا عِنْدَ حَاكِمٍ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حَتَّى لَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ بِأَنَّهُ زَوْجُهَا لِتَطْلُبَ نَفَقَتَهَا مَثَلًا عِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ فَقَالَ لَسْت زَوْجَتِي كَانَ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي اهـ (قَوْلُهُ: فَإِقْرَارٌ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا.

أَمَّا بَاطِنًا فَإِنْ كَانَ صَادِقًا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ أَنْتِ بَائِنٌ بَيْنُونَةً (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ) أَيْ ضَمَّ صَدَقَةٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ بِأَنَّ صَرَائِحَهُ: أَيْ الْوَقْفَ (قَوْلُهُ بَائِنٌ بَيْنُونَةً) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا تَأَتَّى فِي بَقِيَّةِ صِيَغِ الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ هِيَ) أَيْ الْكِنَايَةُ فَيَقَعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ بِأَنْ يُخْبِرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ نَوَى سَوَاءٌ أَخْبَرَ فِي حَالِ السُّكْرِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا: أَيْ الْكِنَايَةُ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ: أَيْ الصَّرِيحُ، وَقَوْلُهُ مَوْجُودٌ فِيهَا: أَيْ الْكِنَايَةَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقَعُ بِغَيْرِ لَفْظٍ) أَيْ وَلَا بِصَوْتٍ خَفِيٍّ بِحَيْثُ لَا يُسْمِعُ بِهِ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ) أَشَارَ بِهِ إلَى خِلَافِ سَيِّدِنَا مَالِكٍ فَإِنَّهُ قَالَ يَقَعُ بِنِيَّتِهِ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى.

وَقَوْلُ حَجّ بِنِيَّتِهِ: أَيْ بِأَنْ يُضْمِرَ فِي نَفْسِهِ مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك، أَمَّا مَا يَخْطُرُ لِلنَّفْسِ عِنْدَ الْمُشَاجَرَةِ أَوْ التَّضَجُّرِ مِنْهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعَزْمِ عَلَى أَنَّهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

صَرَفَهُ الْعَارِفُ بِمَدْلُولِهِ عَنْ مَعْنَاهُ، وَاسْتَعْمَلَهُ فِي مَوْضُوعٍ آخَرَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا أَظْهَرَ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الظُّهُورِ فِي كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ، بِخِلَافِ الصَّرِيحِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ لَيْسَ إلَّا الطَّلَاقَ، وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ فَهُوَ ضَعِيفٌ كَلَفْظِ الطَّلَاقِ إذَا خُوطِبَتْ بِهِ الزَّوْجَةُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ الْفِرَاقُ، وَإِنْ احْتَمَلَ مَعَهُ الطَّلَاقَ مِنْ الْوَثَاقِ فَهُوَ ضَعِيفٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقَعْ جَوَابُ دَعْوَى فَإِقْرَارٍ) رُبَّمَا يَأْتِي لَهُ فِي الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ مَا يُخَالِفُ هَذَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ إلَخْ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ أُجْبِرَ بِأَنَّهُ نَوَى إمَّا فِي حَالِ سُكْرِهِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْحُكْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>