للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُشِيرًا إلَى زَوْجَةٍ أُخْرَى طَلُقَتْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إشَارَةٌ مَحْضَةٌ؛ هَذَا إنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِهِ لِغَيْرِهِ احْتِمَالًا قَرِيبًا: أَيْ وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالطَّلَاقِ غَيْرُهُ فَقَدْ تَكُونُ إشَارَتُهُ كَعِبَارَتِهِ كَهِيَ بِالْأَمَانِ وَكَذَا الْإِفْتَاءُ وَنَحْوُهُ، فَلَوْ قِيلَ لَهُ أَيَجُوزُ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ مَثَلًا: أَيْ نَعَمْ جَازَ الْعَمَلُ بِهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ (وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ فِي الْعُقُودِ) كَهِبَةٍ وَإِجَارَةٍ وَبَيْعٍ (وَالْحُلُولِ) كَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَفَسْخٍ وَالْأَقَارِيرِ وَالدَّعَاوَى وَغَيْرِهَا وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْكِتَابَةُ لِلضَّرُورَةِ (فَإِنْ فَهِمَ طَلَاقَهُ) وَغَيْرَهُ (بِهَا كُلُّ وَاحِدٍ فَصَرِيحَةٌ وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهِ فَطِنُونَ) أَيْ أَهْلُ فِطْنَةٍ وَذَكَاءٍ (فَكِنَايَةٌ) كَمَا فِي لَفْظِ النَّاطِقِ وَتُعْرَفُ نِيَّتُهُ فِيمَا إذَا أَتَى بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أُخْرَى وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا تَعْرِيفَهُ بِهَا مَعَ أَنَّهَا كِنَايَةٌ وَلَا اطِّلَاعَ لَنَا بِهَا عَلَى نِيَّةِ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ، فَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَخْرَسِ أَنْ يَكْتُبَ مَعَ لَفْظِ الطَّلَاقِ إنِّي قَصَدْت الطَّلَاقَ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَسَيَأْتِي فِي اللِّعَانِ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا بِالْأَخْرَسِ مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَلَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ وَالْقِيَاسُ مَجِيئُهُ هُنَا بَلْ الْأَخْرَسُ يَشْمَلُهُ.

(وَلَوْ) (كَتَبَ نَاطِقٌ) أَوْ أَخْرَسُ (طَلَاقًا) (وَلَمْ يَنْوِهِ فَلَغْوٌ) إذْ لَا لَفْظَ وَلَا نِيَّةَ (وَإِنْ نَوَاهُ) وَمِثْلُهُ كُلُّ عَقْدٍ وَحَلٍّ وَغَيْرِهِمَا مَا عَدَا النِّكَاحَ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِمَا كَتَبَهُ (فَالْأَظْهَرُ وُقُوعُهُ) لِإِفَادَتِهَا حِينَئِذٍ، وَإِنْ تَلَفَّظَ بِهِ وَلَمْ يَنْوِهِ عِنْدَ التَّلَفُّظِ وَلَا الْكِتَابَةِ وَقَالَ إنَّمَا قَصَدْت قِرَاءَةَ الْمَكْتُوبِ فَقَطْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (وَإِنْ كَتَبَ إذَا بَلَغَكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ) وَنَوَى الطَّلَاقَ (فَإِنَّمَا تَطْلُقُ بِبُلُوغِهِ) إنْ كَانَ فِيهِ صِيغَةُ الطَّلَاقِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: طَلُقَتْ) أَيْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ كَالْإِجَارَةِ وَالْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ (قَوْلُهُ وَالدَّعَاوَى وَغَيْرِهَا) نَعَمْ لَا تَصِحُّ بِهَا شَهَادَتُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِهَا صَلَاتُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ ثُمَّ خَرِسَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) عِلَّةُ يُعْتَدُّ وَإِنَّمَا لَمْ تُقَدَّمْ الْكِنَايَةُ عَلَى الْإِشَارَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ فَلَا مُرَجَّحَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: أَيْ أَهْلُ فِطْنَةٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مَا قِيلَ فِي السَّلَمِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ عَدْلَانِ يَعْرِفَانِ لُغَتَهُمَا غَيْرُهُمَا وَأَنَّهُمَا يُوجَدَانِ غَالِبًا فَيُقَالُ هُنَا يُشْتَرَطُ لِكَوْنِ الْإِشَارَةِ كِنَايَةً أَنْ يُوجَدَ فَطِنُونَ يَفْهَمُونَهَا غَالِبًا فِي أَيْ مَحَلٍّ اتَّفَقَ لِلْأَخْرَسِ فِيهِ تَصَرُّفٌ بِالْإِشَارَةِ، فَلَوْ فَهِمَهَا فَطِنُونَ فِي غَايَةٍ مِنْ الْفِطْنَةِ قَلَّ أَنْ يُوجَدُوا عِنْدَ تَصَرُّفِ الْأَخْرَسِ لَمْ تَكُنْ إشَارَتُهُ كِنَايَةً بَلْ تَكُونُ كَاَلَّتِي لَمْ يَفْهَمْهَا أَحَدٌ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ بِفَطِنٍ وَاحِدٍ فَالْجَمْعُ فِي كَلَامِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ: تَعْرِيفَهُ بِهَا) أَيْ بِالْكِتَابَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ) وَكَذَا مَنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ قِيَاسًا، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَلْحَقَ بِهِ ثَمَّ لِاحْتِيَاجِهِ لِلِّعَانِ وَاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا اهـ حَجّ.

وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَذَا أَنَّهُ حَيْثُ رُجِيَ بُرْؤُهُ انْتَظَرَ طَالَ زَمَنُ اعْتِقَالِهِ أَوْ قَصُرَ

(قَوْلُهُ: فَلَغْوٌ) أَيْ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ قَرِيبًا، وَلَوْ أَنْكَرَ نِيَّتَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ إنَّمَا قَصَدْت قِرَاءَةً إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ أَوْ أَطْلَقَ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: فَلَوْ تَلَفَّظَ النَّاطِقُ بِمَا كَتَبَهُ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ قِرَاءَةَ مَا كَتَبَهُ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ اهـ.

فَأَفْهَمَ تَخْصِيصُ الْإِنْشَاءِ بِمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ إذَا قَصَدَ إنْشَاءَهُ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَتَبَ إذَا بَلَغَك إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَإِنْ عَلَّقَ بِبُلُوغِ الطَّلَاقِ فَبَلَغَ مَوْضِعَ الطَّلَاقِ وَقَعَ قَطْعًا وَقِرَاءَةُ بَعْض الْكُتَّابِ إنْ عَلَّقَ بِقِرَاءَتِهِ كَوُصُولِ بَعْضِهِ إنْ عَلَّقَ بِوُصُولِهِ، وَإِنْ عَلَّقَ بِوُصُولِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: أَيْ وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقُرْبِ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ إلَى تَعَسُّفٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ فَهْمَ الْمُرَادِ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَهْمًا قَرِيبًا الَّذِي فَهِمَهُ الشِّهَابُ سم حَتَّى نَظَرَ فِي كَوْنِ هَذَا قَرِيبًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَعَ احْتِمَالِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهَذِهِ الْمَعِيَّةِ إشَارَةً لِوَجْهِ الِاحْتِيَاجِ لِلنِّيَّةِ، وَقَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ ادَّعَى الصَّرَاحَةَ وَسَكَتَ عَنْ تَوْجِيهِ صُورَةِ الْإِطْلَاقِ الَّتِي بَحَثَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>