للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا بِنِيَّةٍ.

(وَإِنْ) (قَالَهُ لِأَمَتِهِ وَنَوَى عِتْقًا ثَبَتَ) قَطْعًا لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِيهِ إذْ لَا مَجَالَ لِلطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ فِيهَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْأَمَةَ الْمُحْرِمَةَ وَالصَّائِمَةَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ.

بِخِلَافِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمُحَرَّمَةِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ وَمِثْلُهُنَّ الْمُزَوَّجَةُ وَالْمُعْتَدَّةُ (أَوْ) نَوَى (تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ لَا نِيَّةَ) لَهُ (فَكَالزَّوْجَةِ) فِيمَا مَرَّ فَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ.

(وَلَوْ) (قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ أَوْ الْعَبْدُ حَرَامٌ عَلَيَّ) أَوْ نَحْوَهُ (فَلَغْوٌ) لَا شَيْءَ فِيهِ لِتَعَذُّرِهِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْحَلِيلَةِ لِإِمْكَانِهِ فِيهَا بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ.

(وَشَرْطُ) تَأْثِيرِ (نِيَّةِ الْكِنَايَةِ اقْتِرَانُهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ) وَهِيَ أَنْتِ بَائِنٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ كَجَمَاعَةٍ. وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ لَفْظُ الْكِنَايَةِ كَبَائِنٍ دُونَ أَنْتِ لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي الْخِطَاب فَلَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ، يُرَدُّ بِأَنَّ بَائِنٌ لَمَّا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالْإِفَادَةِ كَانَتْ مَعَ أَنْتِ كَاللَّفْظِ الْوَاحِدِ (وَقِيلَ يَكْفِي بِأَوَّلِهِ) اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِهَا فِي بَاقِيهِ دُونَ آخِرِهِ لِأَنَّ انْعِطَافَهَا عَلَى مَا مَضَى بَعِيدٌ، وَرَجَّحَهُ كَثِيرُونَ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَوَّلَ سَبْقُ قَلَمٍ، لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الِاكْتِفَاءُ بِأَوَّلِهِ وَآخِرِهِ: أَيْ يُجْزِئُ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

فَالْحَاصِلُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَوْجَهُ مَجِيءُ هَذَا الْخِلَافِ فِي الْكِنَايَةِ الَّتِي لَيْسَتْ لَفْظًا كَالْكِتَابَةِ، وَلَوْ أَتَى بِكِنَايَةٍ ثُمَّ مَضَى قَدْرُ عِدَّتِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ نَوَى بِالْكِنَايَةِ الطَّلَاقَ لَمْ يُقْبَلْ لِرَفْعِهِ الثَّلَاثَ الْمُوجِبَةَ لِلتَّحْلِيلِ اللَّازِمِ لَهُ، وَلَوْ أَنْكَرَ نِيَّتَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَكَذَا وَارِثُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ نَوَى، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ أَوْ وَارِثُهَا أَنَّهُ نَوَى لِأَنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَى نِيَّتِهِ مُمْكِنٌ بِالْقَرَائِنِ.

(وَإِشَارَةُ نَاطِقٍ بِطَلَاقٍ لَغْوٌ) وَإِنْ نَوَاهُ وَأَفْهَمَ بِهَا كُلَّ أَحَدٍ (وَقِيلَ كِنَايَةٌ) لِحُصُولِ الْإِفْهَامِ بِهَا كَالْكِتَابَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ تَفْهِيمَ النَّاطِقِ إشَارَتَهُ نَادِرَةٌ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ مَوْضُوعَةٍ لَهُ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ.

نَعَمْ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْفِعْلِ عَلَى الْحَدَثِ، وَالثَّانِيَةُ كَدَلَالَتِهِ عَلَى الزَّمَانِ، وَالثَّالِثَةُ كَدَلَالَتِهِ عَلَى الْأَفْعَالِ.

وَصَرَّحَ ابْنُ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيِّ أَنَّ دَلَالَةَ الْأَفْعَالِ عَلَى الزَّمَانِ لَيْسَتْ لَفْظِيَّةً بَلْ هِيَ مِنْ بَابِ دَلَالَةِ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ وَهِيَ لَا يُعْمَلُ بِهَا فِي الطَّلَاقِ وَالْأَقَارِيرِ وَنَحْوِهَا، بَلْ لَا يُعْتَمَدُ فِيهَا إلَّا مَدْلُولُ اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ وَالدَّلَالَةُ اللَّفْظِيَّةُ.

[تَنْبِيهٌ] مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ وَعْدٌ.

فَإِنْ قِيلَ: لَفْظُ السُّؤَالِ تَكُونِي بِحَذْفِ النُّونِ.

قُلْت: لَا فَرْقَ فَإِنَّهُ لُغَةٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لَحْنًا فَلَا فَرْقَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَيْنَ الْمُعَرَّبِ وَالْمَلْحُونِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ الْأَمْرِ عَلَى حَذْفِ اللَّامِ: أَيْ لِتَكُونِي فَهُوَ إنْشَاءٌ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ بِلَا شَكٍّ اهـ نَقَلَهُ سم بِهَامِشِ التُّحْفَةِ عَنْ السُّيُوطِيّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ الْأَمْرِ إلَخْ صَرَاحَةُ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ رِجْلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ كُونِي طَالِقًا لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يُقْصَدُ بِهِ إلَّا الْإِنْشَاءُ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَالًا (قَوْلُهُ: إلَّا بِنِيَّةٍ) أَيْ لِلْيَمِينِ وَمِثْلُ أَنْتِ حَرَامٌ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ الْحَرَامُ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ، وَفِي فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ.

(قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْأَمَةَ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَفِي وُجُوبِهَا فِي زَوْجَةٍ مُحَرَّمَةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ أَمَةٍ مُعْتَدَّةٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا لَا اهـ. فَقَدْ صَرَّحَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الزَّوْجَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَالْأَمَةِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ وَسَكَتَ عَنْ الْأَمَةِ الْمُحَرَّمَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ هُنَا وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فِي الْأَمَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَسَكَتَ عَنْ الزَّوْجَةِ، فَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ مَقْصُودٌ مِنْهُ أَوْ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ فَتُلْحَقُ الزَّوْجَةُ الْمُحَرَّمَةُ بِهَا وَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ غَيْرَ مَا فِي الْمَنْهَجِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ ثُمَّ زَعَمَ) أَيْ قَالَ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ) وَيَنْبَغِي تَدْيِينُهُ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا وُقُوعَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَبْلَ تَطْلِيقِهَا ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنْكَرَ نِيَّتَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ نَوَى) وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ نَوَى) أَيْ لَا تَرِثُ مِنْهُ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا

(قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَاهُ) غَايَةٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

النَّازِلِ فِيهَا ذَلِكَ إلَخْ، وَلَعَلَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ سَقْطًا مِنْ الْكَتَبَةِ

(قَوْلُهُ: دُونَ آخِرِهِ) يَعْنِي مَا عَدَا أَوَّلَهُ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِي هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْإِشَارَةَ بِالْعِبَارَةِ وَلَا بِأَعَمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>