للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ حَالَةَ تَلَفُّظِهِ بِهِ كَانَ نَائِمًا أَوْ صَبِيًّا: أَيْ وَأَمْكَنَ وَمِثْلُهُ مَجْنُونٌ عُهِدَ لَهُ جُنُونٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَمُنَازَعَةُ الرَّوْضَةِ لَهُ فِي الْأُولَى ظَاهِرَةٌ إذْ لَا أَمَارَةَ عَلَى النَّوْمِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ لَمْ أَقْصِدْ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ ظَاهِرًا لِتَلَفُّظِهِ بِالصَّرِيحِ مَعَ تَيَقُّنٍ وَتَكْلِيفِهِ فَلَمْ يُمْكِنْ رَفْعُهُ هُنَا لَمْ نَتَيَقَّنْ تَكْلِيفَهُ حَالَ تَلَفُّظِهِ فَقُبِلَ فِي دَعْوَاهُ الصِّبَا أَوْ الْجُنُونُ بِقَيْدِهِ، وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِاشْتِرَاطِهِ التَّكْلِيفَ أَوَّلَ الْبَابِ لِأَنَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ كَالشَّرْحِ لِذَلِكَ، عَلَى أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ هُنَا عَدَمُ تَأْثِيرِ قَوْلِهِ أَجَزْته وَنَحْوُهُ لِأَنَّ اللَّغْوَ لَا يَنْقَلِبُ بِالْإِجَازَةِ غَيْرَ لَغْوٍ، وَلَا يُسْتَفَادُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ التَّكْلِيفُ.

(وَلَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ بِطَلَاقٍ بِلَا قَصْدٍ) هُوَ تَأْكِيدٌ لِفَهْمِهِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالسَّبْقِ (لَغَا) كَلَغْوِ الْيَمِينِ وَمِثْلُهُ تَلَفُّظُهُ بِهِ حَاكِيًا أَوْ تَكْرِيرُ الْفَقِيهِ لِلَفْظِهِ فِي تَصْوِيرِهِ وَدَرْسِهِ (وَلَا يَصَدَّقُ ظَاهِرًا) فِي دَعْوَاهُ سَبْقَ لِسَانِهِ أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يَمْنَعُ الطَّلَاقَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَلِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ لِلْغَالِبِ مِنْ حَالِ الْعَاقِلِ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) كَمَا يَأْتِي كَدَعْوَاهُ أَنَّ الْحَرْفَ الْتَفَّ عَلَيْهِ بِحَرْفٍ آخَرَ فَيُصَدَّقُ ظَاهِرًا لِظُهُورِ صِدْقِهِ حِينَئِذٍ أَمَّا بَاطِنًا فَيُصَدَّقُ مُطْلَقًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا طَلَّقْتُك ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أَنْ أَقُولَ طَلَبْتُك وَلَهَا قَبُولُ قَوْلِهِ هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ إنْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ بِأَمَارَةٍ وَلِمَنْ ظَنَّ صِدْقَهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ.

(وَلَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا فَقَالَ لَهَا يَا طَالِقُ وَقَصْدَ النِّدَاءَ لَهَا) بِاسْمِهَا (لَمْ تَطْلُقْ) لِلْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى صِدْقِهِ لِأَنَّهُ صَرَفَهُ بِذَلِكَ عَنْ مَعْنَاهُ مَعَ ظُهُورِ الْقَرِينَةِ فِي صِدْقِهِ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَلَا تَطْلُقُ (فِي الْأَصَحِّ) حَمْلًا عَلَى النِّدَاءِ لِتَبَادُرِهِ وَغَلَبَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غَيَّرَ اسْمَهَا عِنْدَ النِّدَاءِ: أَيْ بِحَيْثُ هَجَرَ الْأَوَّلَ طَلُقَتْ كَمَا لَوْ قَصَدَ طَلَاقَهَا وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ وَالثَّانِي تَطْلُقُ احْتِيَاطًا وَلَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ.

قَالَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الدَّوَاءِ الْمُزِيلِ لِلْعَقْلِ بِأَنَّ الْعَقْلَ مِنْ الْكُلِّيَّاتِ الَّتِي يَجِبُ حِفْظُهَا فِي سَائِرِ الْمِلَلِ، بِخِلَافِ النَّوْمِ فَإِنَّهُ قَدْ يُطْلَبُ اسْتِعْمَالُ مَا يُحَصِّلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ رَاحَةِ الْبَدَنِ فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ عَدَمِ تَقْيِيدِ النَّوْمِ فِي كَلَامِهِ بِعَدَمِ الْمَعْصِيَةِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَجَازَهُ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: عُهِدَ لَهُ جُنُونٌ) أَيْ سَابِقٌ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ) أَيْ الْمُطَلِّقُ (قَوْلُهُ: وَالْعِتْقُ ظَاهِرًا) أَيْ أَمَّا بَاطِنًا فَيَنْفَعُهُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ حَيْثُ قَصَدَ عَدَمَ الطَّلَاقِ، أَمَّا لَوْ أَطْلَقَ فَلَا لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَقَعُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْجُنُونُ بِقَيْدِهِ) أَيْ إمْكَانِ الصِّبَا وَعَهْدِ الْجُنُونِ.

(قَوْلُهُ: سَبَقَ لِسَانُهُ أَوْ غَيْرُهُ) دَخَلَ فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَلَا قَرِينَةَ ثُمَّ تَدُلُّ عَلَى الصِّبَا وَالْجُنُونِ وَالنَّوْمِ الَّتِي ادَّعَاهَا فَتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ عَهْدَ الْجُنُونِ وَإِمْكَانَ الصِّبَا وَالنَّوْمَ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْقَرِينَةِ لِتَقْرِيبِهَا صَدَقَةً فِيمَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِقَرِينَةٍ) وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت حَرَامٌ فَظَنَّ وُقُوعَ الثَّلَاثِ بِهِ فَأَخْبَرَ عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ الظَّنِّ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ مُجِيبًا لِسَائِلٍ قَالَ لَهُ: أَطَلَّقْت زَوْجَتَك بِأَنَّهُ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَوْ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت أَنَّ مَا جَرَى بَيْنَنَا طَلَاقٌ فَأَفْتَيْت بِخِلَافِهِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَأَخْبَرَ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ فَفَعَلَهُ وَبَانَ صِحَّةُ الْعَقْدِ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْعَقْدِ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ ذَيْنِك اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ أَمَّا بَاطِنًا فَيُصَدَّقُ) أَيْ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِ يَنْفَعُهُ كَانَ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَنْ أَقُولَ طَلَبْتُك) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ فَلَا يُقْبَلُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا قَبُولُ قَوْلِهِ) أَيْ يَجُوزُ لَهَا وَقَوْلُهُ وَلِمَنْ ظَنَّ أَيْ يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ) أَيْ سَبْقَ اللِّسَانِ أَوْ نَحْوَهُ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ) وَبَقِيَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

هَذَا الْأَمْرِ الْعَارِضِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَمْ أَقْصِدْ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ) أَيْ لَمْ أَقْصِدْ لَفْظَهُمَا بَلْ جَرَى عَلَى لِسَانِي مَثَلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ

(قَوْلُهُ:: كَدَعْوَاهُ أَنَّ الْحَرْفَ الْتَفَّ عَلَيْهِ) أَيْ عِنْدَ وُجُودِ الْقَرِينَةِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَمَا يَأْتِي فِيمَنْ الْتَفَّ بِلِسَانِهِ حَرْفٌ بِآخَرَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا طَلَّقْتُك إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّشْبِيهَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَمَّا بَاطِنًا فَيُصَدَّقُ مُطْلَقًا بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>