للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّرْكَشِيُّ: وَضَبْطُ الْمُصَنِّفِ يَا طَالِقْ بِالسُّكُونِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ فِي يَا طَالِقُ بِالضَّمِّ لَا يَقَعُ: أَيْ مُطْلَقًا لِأَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى الضَّمِّ يُرْشِدُ إلَى إرَادَةِ الْعَلَمِيَّةِ، وَفِي يَا طَالِقًا بِالنَّصْبِ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى التَّطْلِيقِ: أَيْ مُطْلَقًا، وَيَنْبَغِي فِي الْحَالَيْنِ أَنْ لَا يَرْجِعَ لِدَعْوَى خِلَافِ ذَلِكَ اهـ. وَرُدَّ بِأَنَّ اللَّحْنَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ كَمَا يَأْتِي، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى نَحْوِيٍّ قَصَدَ هَذِهِ الدَّقِيقَةَ، وَالْقِنُّ الْمُسَمَّى حُرًّا فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ.

(وَإِنْ) (كَانَ اسْمُهَا طَارِقًا أَوْ طَالِبًا) أَوْ طَالِعًا (فَقَالَ يَا طَالِقُ) (وَقَالَ أَرَدْت النِّدَاءَ) بِاسْمِهَا (فَالْتَفَّ الْحَرْفُ) بِلِسَانِي (صُدِّقَ) ظَاهِرًا لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ طَلُقَتْ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ مُرَادُهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الصِّيغَةِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مِثْلَهُ فِي هَذَا كُلُّ مَنْ تَلَفَّظَ بِصِيغَةٍ ظَاهِرَةٍ فِي الْوُقُوعِ لَكِنَّهَا تَقْبَلُ الصَّرْفَ بِالْقَرِينَةِ وَإِنْ وُجِدَتْ الْقَرِينَةُ.

(وَلَوْ) (خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ) مُعَلَّقٍ أَوْ مُنَجَّزٍ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَمِثْلُهُ أَمْرُهُ لِمَنْ يُطَلِّقُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا أَثَّرَتْ قَرَائِنُ الْهَزْلِ فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْيَقِينُ وَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ يَتَأَثَّرُ بِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ (هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا) بِأَنْ قَصَدَ اللَّفْظَ دُونَ الْمَعْنَى وَقَعَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِلْإِجْمَاعِ وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالرَّجْعَةُ» وَخُصَّتْ لِتَأْكِيدِ أَمْرِ الْأَبْضَاعِ وَإِلَّا فَكُلُّ التَّصَرُّفَاتِ كَذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ وَالْعِتْقُ، وَخُصَّ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ وَلِكَوْنِ اللَّعِبِ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ الْهَزْلِ عُرْفًا إذْ الْهَزْلُ يَخْتَصُّ بِالْكَلَامِ عَطَفَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ رَادَفَهُ لُغَةً، كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَجَعَلَ غَيْرُهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا لَوْ قَصَدَ النِّدَاءَ وَالطَّلَاقَ فَهَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْمَانِعِ وَالْمُقْتَضِي وَإِذَا اجْتَمَعَا غُلِّبَ الْمَانِعُ وَهُوَ النِّدَاءُ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْمُقْتَضِي وَغَيْرِهِ فَيُغَلَّبُ الْمُقْتَضِي فَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ) أَيْ سَوَاءٌ هَجَرَ اسْمَهَا أَمْ لَا، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا لَوْ قَصَدَ طَلَاقَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ كَلَامِهِ) أَيْ الزَّرْكَشِيّ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ مَعَ الضَّمِّ وَمِنْ الْوُقُوعِ مَعَ النَّصْبِ مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ) أَيْ أَرَدْت النِّدَاءَ (قَوْلُهُ: حُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الصِّيغَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَفِي هَذَا) أَيْ فِي الْحُكْمِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مَا لَمْ يَقُلْ أَرَدْت خِلَافَهُ

(قَوْلُهُ: كَمَا شَمِلَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُعَلَّقِ وَالْمُنَجَّزِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ أَمْرُهُ لِمَنْ يُطَلِّقُهَا) أَيْ لَا لِمَنْ يُعَلِّقُ طَلَاقَهَا لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّيِّدُ يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا وَكِيلُهُ أَوْ الْحَاكِمُ فِي الْمَوْلَى فَلَا يَصْلُحُ مِنْهُمَا تَعْلِيقُهُ (قَوْلُهُ: يَتَأَثَّرُ بِهَا) أَيْ الْقَرَائِنِ (قَوْلُهُ: وَخُصَّتْ) أَيْ الثَّلَاثَةُ، وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ: أَيْ هَزْلِهَا وَجِدِّهَا سَوَاءٌ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَدَّلَ الرَّجْعَةَ فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالثَّلَاثِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الثَّلَاثِ وَعَلَيْهِ فَالتَّقْدِيرُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْعِتْقُ كَهَذِهِ الثَّلَاثِ وَقَرَنَ بَيْنَ تِلْكَ الثَّلَاثِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْضَاعِ وَشَبَّهَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُرِّيَّةِ بِهَا لِتَأَكُّدِهِ (قَوْلُهُ: إذْ الْهَزْلُ) عِلَّةٌ لِكَوْنِ الْهَزْلِ أَخَصَّ (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِالْكَلَامِ) أَيْ وَاللَّعِبِ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ عَطَفَهُ: أَيْ اللَّعِبَ، وَقَوْلُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ فَلَا تَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ فَالْمُخَالَفَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ وَلِمَنْ ظَنَّ صِدْقَهُ إلَخْ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى الضَّمِّ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يُتَأَمَّلُ هَذَا الْكَلَامُ مَعَ كَوْنِ الْبِنَاءِ عَلَى الضَّمِّ حُكْمَ هَذِهِ الصِّيغَةِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْعِلْمِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا نَكِرَةٌ مَقْصُودَةٌ (قَوْلُهُ: وَفِي يَا طَالِقًا بِالنَّصْبِ يَتَعَيَّنُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: قَدْ يُقَالُ مُجَرَّدُ يَا طَالِقًا بِالنَّصْبِ لَا يَقْتَضِي التَّطْلِيقَ إذْ لَيْسَ شَبِيهًا بِالْمُضَافِ لِعَدَمِ اتِّصَالِ شَيْءٍ بِهِ فَهُوَ نَكِرَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ نِدَاءٌ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ مُعَيَّنٌ، فَالزَّوْجَةُ غَيْرُ مُسَمَّاةٍ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ وَلَا مَقْصُودَةٌ بِهَا بِعَيْنِهَا، فَقَدْ يَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ الزَّوْجَةَ فَلَا وُقُوعَ، وَإِنْ قَصَدَهَا فَكَمَا لَوْ لَمْ يَنْصِبْ، فَقَوْلُهُ فِي الْحَالَيْنِ إلَخْ الْمُتَّجِهُ مَنْعُهُ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ اللَّحْنَ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ أَيْضًا: قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا يَكُونُ لَحْنًا إنْ قُصِدَ بِهِ مُعَيَّنٌ، وَإِلَّا فَهُوَ نَكِرَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>