للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ سَوَّى كَثِيرُونَ بَيْنَهُمَا، وَصَوَّبَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَيَدُلُّ لَهُ إيجَابُ ضَمَانِهِ فِي الْغَصْبِ وَأَنَّ السِّمَنَ الْعَائِدَ غَيْرُ الْأَوَّلِ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ بِهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّحْمَ جِرْمٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحِلُّ وَعَدَمُهُ وَالسِّمَنُ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الْمَعَانِي كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ مَعْنًى لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ذَلِكَ وَهَذَا وَاضِحٌ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي حَيَاتِك عَدَمُ وُقُوعِ شَيْءٍ بِهِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الرُّوحَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالْحَيِّ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ مَا بَحَثَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ، وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّ عَقْلَك طَالِقٌ لَغْوٌ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ أَنَّهُ عَرَضٌ وَلَيْسَ بِجَوْهَرٍ (وَكَذَا مَنِيٌّ وَلَبَنٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمَا وَإِنْ كَانَ أَصِلُهُمَا دَمًا فَقَدْ تَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ كَالْبَوْلِ.

وَالثَّانِي الْوُقُوعُ كَالدَّمِ لِأَنَّهُ أَصْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَى أُنْثَيَيْهَا طَلُقَتْ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ أَحْمَدُ الرَّسُولُ مُعَلِّلًا بِأَنَّ لَهَا أُنْثَيَيْنِ مِنْ دَاخِلِ الْفَرْجِ لَكِنْ لَمْ نَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَلَعَلَّ قَوْلَهُمْ عُضْوٌ يَشْمَلُهُ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ (وَلَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ يَمِينُك طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ) وَإِنْ الْتَصَقَتْ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا ذَكَرُك أَوْ لِحْيَتُك طَالِقٌ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْ الْكُلِّ بِالْبَعْضِ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي بَعْضٍ مَوْجُودٍ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْبَاقِي، وَصَوَّرَ الرُّويَانِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا فَقَدَتْ يَمِينَهَا مِنْ الْكَتِفِ فَيَقْتَضِي وُقُوعَهُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ الْمِرْفَقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْيَدَ هَلْ تُطْلَقُ إلَى الْمَنْكِبِ أَوْ لَا.

(وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ وَنَوَى تَطْلِيقَهَا) أَيْ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا (طَلُقَتْ) لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا إذْ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا نَحْوَ أُخْتِهَا وَلَا أَرْبَعًا سِوَاهَا مَعَ مَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْمُؤَنِ فَصَحَّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ عَلَى حِلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ، وَقَوْلُهُ مِنْك كَالرَّوْضَةِ مِثَالٌ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَمِنْ ثَمَّ حَذَفَهَا الدَّارِمِيُّ ثُمَّ إنْ اتَّحَدَتْ زَوْجَتُهُ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَمَنْ قَصَدَهَا (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا) أَيْ إيقَاعَهُ (فَلَا) يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ بِإِضَافَتِهِ لِغَيْرِ مَحَلِّهِ خَرَجَ عَنْ صَرَاحَتِهِ فَاشْتَرَطَ قَصْدَ الْإِيقَاعِ لِصَيْرُورَتِهِ كِنَايَةً كَمَا تَقَرَّرَ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ إضَافَةً إلَيْهَا) وَإِنْ نَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ أَوْ طَلَاقَ نَفْسِهِ خِلَافًا لِجَمْعٍ لَا تَطْلُقُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا الْمَحَلُّ دُونَهُ وَاللَّفْظُ مُضَافٌ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ صَارِفَةٍ تَجْعَلُ الْإِضَافَةَ لَهُ، وَلَوْ فَوَّضَ إلَيْهَا طَلَاقَهَا فَقَالَتْ لَهُ أَنْتَ طَالِقٌ فَقَدْ مَرَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَّتْهَا الْحَيَاةُ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِامْتِنَاعِ قَطْعِهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَصَوَّبَهُ) أَيْ التَّسْوِيَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الشَّحْمِ وَالسِّمَنِ خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَهَذَا وَاضِحٌ) أَيْ هَذَا التَّوْجِيهُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ أَرَادَ) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ (قَوْلُهُ: كَالدَّمِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوعِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الدَّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِحْيَتُك طَالِقٌ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهَا لِحْيَةٌ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: هَلْ تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ) وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا تَطْلُقُ إلَى الْمَنْكِبِ فَمَتَى بَقِيَ مِنْ مُسَمَّى الْيَدِ جُزْءٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِإِضَافَتِهِ لَهُ وَإِنْ قَلَّ

(قَوْلُهُ: طَلُقَتْ) وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَإِنْ ظَنَّ الزَّوْجُ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَقَالَ إنَّمَا ذَكَرْت ذَلِكَ لِظَنِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْيَمِينُ وَأَنَّهُ لَا انْعِقَادَ، وَيُوَافِقُهُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ بِالطَّلَاقِ لِظَنِّهَا أَجْنَبِيَّةً حَيْثُ عَلَّلَ الْوُقُوعَ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ وَنَحْوِهَا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَقَوْلُهُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ يَشْمَلُهُ: أَيْ قَوْلُ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ: فَصَحَّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ) عِبَارَةُ حَجّ: فَصَحَّ حَمْلُ إضَافَةِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَعَلَى عَلَى بَابِهَا صِلَةُ حَمْلٍ وَأَمَّا عَلَى إسْقَاطِ لَفْظِ حَمْلٍ فَيَجُوزُ أَنَّ عَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ وَبِهَا عَبَّرَ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: فَقَدْ مَرَّ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

غَيْرُ الْأَوَّلِ لَا يَدُلُّ؛ لِأَنَّ الْمَعَانِيَ كَذَلِكَ بَلْ الْأَعْرَاضُ كُلُّهَا كَذَلِكَ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ.

وَمِنْهَا قَوْلُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ بِهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّحْمَ إلَخْ فِيهِ أَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْفَرْقُ مِنْ كَوْنِ السِّمَنِ مَعْنًى يُنَاقِضُ مَا قَدَّمَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُؤَاخَذَاتِ الَّتِي لَا تَخْفَى

<<  <  ج: ص:  >  >>