مَا فِي الْمَسَائِلِ الْأُوَلِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالتَّنْظِيرُ بِمَسْأَلَةِ الْمَوْتِ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَقَوْلُهُ إنَّ الْحِنْثَ فِي مَسْأَلَةِ تَلَفِ الطَّعَامِ وَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهَا تُصَلِّي الْيَوْمَ الظُّهْرَ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّ الْيَأْسَ مِنْ الْبِرِّ حَصَلَ مَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَبِذَلِكَ ظَهَرَ قَوْلُ السُّبْكِيّ إنَّ الصِّيَغَ ثَلَاثٌ: لَا أَفْعَلُ، وَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ، وَلَأَفْعَلَنَّ، وَالْأَوَّلَانِ يَخْلُصُ فِيهِمَا الْخُلْعُ دُونَ الثَّالِثِ، وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ حَلَفَ بِهِ لَا يُخَالِعُ وَلَا يُوَكِّلُ فِيهِ فَخَالَعَ بَانَتْ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِهِ كَمَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ إنَّ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ يَتَقَارَنَانِ فِي الزَّمَنِ لَا يُجْدِي هُنَا لِأَنَّ بَيْنَهُمَا تَرَتُّبًا زَمَانِيًّا، لِأَنَّ وُقُوعَ الثَّلَاثِ يَسْتَدْعِي رَفْعَهَا، وَلَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَاتٌ فَحَلَفَ بِالثَّلَاثِ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ قَبْلَ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَيَّنْت فُلَانَةَ لِهَذَا الْحَلِفِ تَعَيَّنَتْ وَلَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ عَنْهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْعَلْ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَمَاتَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا لَمْ يَأْثَمْ فَلَمْ يَجْعَلُوا التَّمَكُّنَ مِنْ الْفِعْلِ قَبْلَ الْمَوْتِ مُوجِبًا لِلْإِثْمِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ الْمُخَالِفِ (قَوْلُهُ: لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّعْلِيلِ) أَيْ فَيَقُولُهُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْمَسَائِلِ الْأُوَلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ ظَهَرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَمَّا لَوْ حَلَفَ بِطَلْقَتَيْنِ فَأَكْثَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلَانِ) أَيْ مِثْلُهُمَا إنْ فَعَلْت كَذَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ دُونَ الثَّالِثِ) وَمِثْلُهُ النَّفْيُ الْمُشْعِرُ بِالزَّمَانِ كَإِذَا لَمْ أَفْعَلْ كَذَا اهـ حَجّ.
أَقُولُ: وَمِثْلُ إذَا كُلُّ أَدَاةِ شَرْطٍ غَيْرُ إنْ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي أَوَّلِ الْخُلْعِ أَنَّهُ يُخَلِّصُهُ الْخُلْعُ فِي الصِّيَغِ كُلِّهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ حَلَفَ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ ثَانِيًا، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ ابْتِدَاءً أَنَّهُ لَمْ يُخَالِعْ ثُمَّ خَالَعَ لَمْ يَحْنَثْ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ فَمَا ذَكَرَهُ تَصْوِيرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُوَكِّلُ فِيهِ) أَيْ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِالْخُلْعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُقُوعَ الثَّلَاثِ) يَسْتَدْعِي تَأَخُّرَ الْخُلْعِ وَوُقُوعَهُ يَسْتَدْعِي رَفْعَهَا اهـ حَجّ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ لِبَيْنُونَتِهَا بِهِ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْخُلْعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الْوُقُوعُ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ امْتَنَعَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ قَطْعًا لِلدَّوْرِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهَا عَدَمُ وُقُوعِهَا فَعَدَمُ الْوُقُوعِ لَيْسَ لِانْتِفَاءِ التَّرَتُّبِ بَيْنَ الْجَوَابِ وَالشَّرْطِ بَلْ لِلدَّوْرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْوِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ قَبْلَ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ حَجّ هُنَا، وَلَوْ قَبْلَ اهـ.
وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّعْيِينِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْفِعْلِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ، فَإِنَّ يَمِينَهُ انْعَقَدَتْ مُطْلَقَةً فَلَا فَرْقَ فِي التَّعْيِينِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْفِعْلِ أَوْ بَعْدَهُ، ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي آخِرِ بَابِ الطَّلَاقِ حَيْثُ قَالَ: وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ حَنِثَ ذُو زَوْجَاتٍ لَمْ يَنْوِ إحْدَاهُنَّ وَالطَّلَاقُ ثَلَاثٌ عَيَّنَهُ فِي وَاحِدَةٍ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَوْزِيعُهُ لِمُنَافَاتِهِ لِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى، وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَهُ فِي مَيْتَةٍ وَبَائِنَةٍ بَعْدَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِهِ لَا بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. ثُمَّ كَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَهُ إلَى آخِرِهِ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ شَكَّ فِي طَلَاقِ فُلَانَةَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ تَعْيِينُهُ فِي مَيْتَةٍ وَمُبَانَةٍ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَا قَبْلَهُ، وَفِيهِ أَيْضًا: فَلَوْ كَانَتْ إحْدَى زَوْجَاتِهِ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا وَاحِدَةٌ فَالْوَجْهُ جَوَازُ تَعَيُّنِهَا لِلطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَتَقَعُ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ وَتَبِينُ بِهَا وَيَلْغُو الْبَاقِي، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ حَلَفَ بِطَلْقَتَيْنِ كَأَنْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ طَلْقَتَيْنِ مَا أَفْعَلُ كَذَا وَحَنِثَ وَلَهُ زَوْجَاتٌ يَمْلِكُ عَلَى كُلٍّ طَلْقَتَيْنِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يُعَيَّنَ إحْدَاهُنَّ بَلْ لَهُ تَوْزِيعُ الطَّلْقَتَيْنِ عَلَى اثْنَتَيْنِ لِأَنَّ يَمِينَهُ فِي ذَاتِهَا لَا تَقْتَضِي الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى وَإِنْ اتَّفَقَ هَذَا بِحَسَبِ الْوَاقِعِ أَنَّهُ لَوْ أَوْقَعَ طَلْقَتَيْنِ عَلَى وَاحِدَةٍ حَصَلَتْ الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى تَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ تَعَيَّنَتْ)
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا تَرَتُّبًا زَمَانِيًّا) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ أَيْضًا: يُتَأَمَّلُ فِيهِ وَفِي دَلِيلِهِ الْمَذْكُورِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute