بَلْ لَوْ أَطْلَقَ هُنَا لَمْ يَتَعَدَّدْ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْأَيْمَانِ حَيْثُ لَمْ تَتَعَدَّدْ الْكَفَّارَةُ مَعَ قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَقَصْدُ الِاسْتِئْنَافِ يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَهُ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّهُ تُشْبِهُ الْحُدُودَ الْمُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ فَتَتَدَاخَلُ وَلَا كَذَلِكَ الطَّلَاقُ، وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ بِخِلَافِ الْفَاءِ كَانَ تَعْلِيقًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّفَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى إرَادَةَ التَّنْجِيزِ عُمِلَ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ فَصْلٌ كَذَلِكَ (فَإِنْ قَصَدَ تَأْكِيدًا) لِلْأُولَى: أَيْ قَبْلَ فَرَاغِهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَنَحْوِهِ بِالْأُخْرَيَيْنِ (فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّ التَّأْكِيدَ مَعْهُودٌ لُغَةً وَشَرْعًا (أَوْ اسْتِئْنَافًا فَثَلَاثٌ) لِظُهُورِ اللَّفْظِ فِيهِ مَعَ تَأَكُّدِهِ بِالنِّيَّةِ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ) عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَلِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى فَائِدَةٍ جَدِيدَةٍ أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيدِ.
وَالثَّانِي لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ مُحْتَمَلٌ فَيُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ اشْتِرَاطَ نِيَّةِ التَّأْكِيدِ مِنْ أَوَّلِ التَّأْسِيسِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي نِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ حَسَنٌ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّفْصِيلِ يَجْرِي فِي تَكْرِيرِ الْكِنَايَةِ كَ اعْتَدِّي، كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْفُرُوعِ الْمَنْثُورَةِ فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ، وَفِي التَّكْرِيرِ بِمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثٍ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي امْتِنَاعِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ إنَّ الْعَرَبَ لَا تُؤَكِّدُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، وَقَدْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَيَّلَ أَنَّ الرَّابِعَةَ يَقَعُ بِهَا طَلْقَةٌ لِفَرَاغِ الْعَدَدِ، لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ التَّأْكِيدُ بِمَا يَقَعُ لَوْلَا التَّأْكِيدُ فَلَأَنْ يُؤَكِّدَ بِمَا لَا يَقَعُ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ التَّأْكِيدِ أَوْلَى (وَإِنْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدًا) لِلْأُولَى (وَبِالثَّالِثَةِ اسْتِئْنَافًا أَوْ عَكَسَ) أَيْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ اسْتِئْنَافًا وَبِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الثَّانِيَةِ (فَثِنْتَانِ) عَمَلًا بِقَصْدِهِ (أَوْ) قَصَدَ (بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى) أَوْ بِالثَّانِيَةِ اسْتِئْنَافًا وَأَطْلَقَ الثَّالِثَةَ أَوْ بِالثَّالِثَةِ اسْتِئْنَافًا وَأَطْلَقَ الثَّانِيَةَ (فَثَلَاثٌ) يَقَعْنَ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَخَيُّلِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْمُؤَكِّدِ وَالْمُؤَكَّدِ وَالثَّانِي طَلْقَتَانِ وَيُغْتَفَرُ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ.
(وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ صَحَّ قَصْدُ تَأْكِيدِ الثَّانِي بِالثَّالِثِ) لِتَسَاوِيهِمَا فِي الصِّفَةِ (لَا الْأَوَّلِ بِالثَّانِي) وَلَا بِالثَّالِثِ، فَلَا يَصِحُّ ظَاهِرًا لِاخْتِصَاصِهِ بِوَاوِ الْعَطْفِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّغَايُرِ، أَمَّا بَاطِنًا فَيُدَيَّنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ مُقْتَضَى النَّصِّ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لَمْ تَتَعَدَّدْ الْكَفَّارَةُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِحَقِّ آدَمِيٍّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا) أَيْ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ) وَمِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِهِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَأَخَّرْ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ مُدَّةً عَنْ التَّعْلِيقِ ثُمَّ يَدَّعِي ذَلِكَ لِقَصْدِ إسْقَاطِ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ تَجَمَّدَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّفَةِ) وَهِيَ الدُّخُولُ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي) قَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ وَيُكْتَفَى بِمُقَارَنَةِ الْقَصْدِ لِلْمُؤَكَّدِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي نَحْوِ الِاسْتِثْنَاءِ رَفْعًا مِمَّا سَبَقَ أَوْ تَغْيِيرًا لَهُ بِنَحْوِ تَعْلِيقِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ الْقَصْدِ وَإِلَّا لَزِمَ مُقْتَضَاهُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ فَلَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ رَفْعَ التَّأْكِيدِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا بَعْدَ الْأَوَّلِ بِصَرْفِهِ عَنْ التَّأْثِيرِ وَالْوُقُوعِ بِهِ إلَى تَقْوِيَةِ غَيْرِهِ فَيَكْفِي مُقَارَنَةُ الْقَصْدِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى فَائِدَةٍ جَدِيدَةٍ) أَيْ مِنْ اللَّفْظِ حَيْثُ أَفَادَ الثَّانِي مَا لَمْ يُفِدْهُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ التَّأْسِيسِ) وَهُوَ الصِّيغَةُ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ) فِيهِ مَا ذَكَرْنَا عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ) أَيْ قَبُولُ قَصْدِ التَّأْكِيدِ فَلَا يَقَعُ بِالرَّابِعَةِ مَثَلًا شَيْءٌ (قَوْلُهُ: تَأْكِيدُ الْأُولَى) يَنْبَغِي التَّدْيِينُ هُنَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي سم عَلَى حَجّ وَيُوَافِقُهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَمَّا بَاطِنًا فَيُدَيَّنُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: تَأْكِيدِ الثَّانِي بِالثَّالِثِ) وَهَلْ مِثْلُهُ قَصْدُ مُطْلَقِ التَّأْكِيدِ حَمْلًا لِكَلَامِهِ عَلَى الصُّورَةِ الصَّحِيحَةِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فَلَا يُصْرَفُ
[حاشية الرشيدي]
حَذَفَ مِنْهَا كَأَنَّهُ لِمَا قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ أَطْلَقَ هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ أَنَّهُ يَتَعَدَّدُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ إذَا اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ، فَلَعَلَّ مَا هُنَا عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: أَيْ قَبْلَ فَرَاغِهَا إلَخْ) سَيَأْتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute