للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثِنْتَيْنِ عِنْدَ قَصْدِ الْمَعِيَّةِ، وَفِي حَاشِيَةِ نُسْخَتِهِ بِغَيْرِ خَطِّهِ نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ تَوَهُّمًا مِنْ كَاتِبِهَا اعْتِرَاضُ مَا بِخَطِّهِ دُونَ مَا كَتَبَهُ وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَ، إذْ مَحَلُّ هَذِهِ أَيْضًا مَا لَمْ يَقْصِدْ الْمَعِيَّةَ وَإِلَّا وَقَعَ بِهَا ثِنْتَانِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِشَيْخَيْهِ الْإِسْنَوِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ نِصْفُ طَلْقَةٍ مَعَ نِصْفِ طَلْقَةٍ فَهُوَ كَنِصْفِ طَلْقَةٍ وَنِصْفِ طَلْقَةٍ، لَكِنْ رَدَّهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ وُقُوعَ ثِنْتَيْنِ بِهَذَا الْمُقَدَّرِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ وَنِصْفِ طَلْقَةٍ لِتَكَرُّرِ طَلْقَةٍ مَعَ الْعَطْفِ الْمُقْتَضِي لِلتَّغَايُرِ، بِخِلَافِ مَعَ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَقْتَضِي الْمُصَاحَبَةَ وَهِيَ صَادِقَةٌ بِمُصَاحَبَةِ نِصْفِ طَلْقَةٍ لِنِصْفِهَا انْتَهَى.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ أَمَّا عِنْدَ قَصْدِ الْمَعِيَّةِ الَّتِي تُفِيدُ مَا لَا تُفِيدُهُ الظَّرْفِيَّةُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِقَصْدِهَا فَائِدَةٌ، فَالظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ لِأَنَّ تَكْرِيرَ الطَّلْقَةِ الْمُضَافِ إلَيْهَا كُلٌّ مِنْهُمَا ظَاهِرٌ فِي تَغَايُرِهِمَا، وَقَدْ مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ نِيَّةَ الْمَعِيَّةِ تُفِيدُ مَا لَا يُفِيدُهُ لَفْظُهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ مَعَ اسْتِشْكَالِهِ وَالْجَوَابِ عَنْهُ.

(وَلَوْ) (قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ) (وَقَصَدَ مَعِيَّةً فَثَلَاثٌ) يَقَعْنَ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَوْطُوءَةٍ لِمَا مَرَّ (أَوْ) قَصَدَ (ظَرْفًا فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا مُقْتَضَاهُ (أَوْ حِسَابًا وَعَرَفَهُ فَثِنْتَانِ) لِأَنَّهَا مُوجِبَةٌ عِنْدَ أَهْلِهِ وَإِنْ جَهِلَهُ وَقَصَدَ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِهِ فَطَلْقَةٌ لِبُطْلَانِ قَصْدِ الْمَجْهُولِ، وَقِيلَ ثِنْتَانِ لِأَنَّهَا مُوجِبَةٌ وَقَدْ قَصَدَهُ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَطَلْقَةٌ) عَرَفَهُ أَوْ جَهِلَهُ إذْ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ (وَفِي قَوْلٍ ثِنْتَانِ إنْ عَرَفَ حِسَابًا) لِأَنَّهُ مَدْلُولُهُ وَفِي ثَالِثٍ ثَلَاثٌ لِتَلَفُّظِهِ بِهِنَّ، وَلَوْ قَالَ لَا أَكْتُبُ مَعَ فُلَانٍ فِي شَهَادَةٍ وَلَمْ يَنْوِ عَدَمَ اجْتِمَاعِ خَطَّيْهِمَا فِي وَرَقَةٍ بَرَّ بِأَنْ يَكْتُبَ قَبْلَ رَفِيقِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْأَوَّلَ حِينَئِذٍ لَا يُسَمَّى أَنَّهُ كَتَبَ مَعَ الثَّانِي بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَيُقَاسُ بِهِ نَظَائِرُهُ، نَعَمْ يَتَّجِهُ فِيمَا يَكُونُ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ نَحْوَ لَا أَقْعُدُ مَعَك أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْحَالِفِ وَتَأَخُّرِهِ.

(وَلَوْ) (قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (بَعْضَ طَلْقَةٍ) أَوْ نِصْفَ أَوْ ثُلُثَيْ طَلْقَةٍ (فَطَلْقَةٌ) إجْمَاعًا إذْ لَا يَتَبَعَّضُ.

فَإِيقَاعُ بَعْضِهِ كَكُلِّهِ لِقُوَّتِهِ (أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا مَجْمُوعُهُمَا، وَرَجَّحَ الْإِمَامُ فِي نَحْوِ بَعْضِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ، وَزَيَّفَ كَوْنَهُ مِنْ بَابِ السِّرَايَةِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ هَذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَعِيَّةَ لِمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ النِّصْفَيْنِ

(قَوْلُهُ: قَبْلَ رَفِيقِهِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ تَوَاطُئِهِ مَعَ رَفِيقِهِ عَلَى أَنَّهُ يَكْتُبُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ بِأَنْ يَكْتُبَ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: نَحْوَ لَا أَقْعُدُ مَعَك) لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعُدَّ مُجْتَمَعًا مَعَهُ عُرْفًا بِأَنْ يَجْلِسَا بِمَحَلٍّ يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا، أَمَّا لَوْ جَمَعَهُمَا مَسْجِدٌ أَوْ قَهْوَةٌ أَوْ حَمَّامٌ لَمْ يَحْنَثْ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي أَحَدِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ قَصَدَ جُلُوسَهُ مَعَهُ وَلَوْ بِمُجَرَّدِ الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ نَحْوِهِ يَحْنَثُ

(قَوْلُهُ: بَعْضَ طَلْقَةٍ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَرُبْعَ طَلْقَةٍ وَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَثُلُثُ طَلْقَةٍ فَيَحْتَمِلُ التَّعَدُّدُ نَظَرًا لِلْعَطْفِ وَإِضَافَةٍ الْجُزْءِ إلَى الطَّلْقَةِ وَاخْتِلَافِ التَّعْلِيقَاتِ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَقَعُ بِالدُّخُولِ وَاحِدَةً فَقَطْ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَكَذَا عَبَّرُوا بِهِ أَيْضًا فِي التَّمْيِيزِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي أَلْفِيَّتِهِ: اسْمٌ بِمَعْنَى مِنْ مُبِينٌ إلَخْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْوِ عَدَمَ اجْتِمَاعِ خَطَّيْهِمَا فِي وَرَقَةِ بُرٍّ) يَعْنِي لَمْ يَحْنَثْ.

وَاعْلَمْ أَنَّ السُّيُوطِيّ أَفْتَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِنَظِيرِ مَا قَالَهُ وَالِدُ الشَّارِحِ لَكِنْ بِزِيَادَةِ قُيُودٍ، وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ بَعْضُهُمَا مِمَّا فِي فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ، وَلَفْظُ فَتَاوِيهِ أَعَنَى السُّيُوطِيّ: مَسْأَلَةٌ: شَاهِدٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَكْتُبُ مَعَ فُلَانٍ فِي وَرَقَةِ رَسْمِ شَهَادَةٍ فَكَتَبَ الْحَالِفُ أَوَّلًا ثُمَّ كَتَبَ الْآخَرُ الْجَوَابَ إنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْوَرَقَةِ مَكْتُوبًا بِخَطِّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَوَاطُؤٌ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ وَلَا عَلَّمَهُ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِيهَا لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِ نَظَائِرُهُ) لَيْسَ مِنْ نَظَائِرِهِ كَمَا لَا يَخْفَى لَا آكُلُ مَعَ فُلَانٍ مَثَلًا وَيَقَعُ كَثِيرًا لَا أَشْتَغِلُ مَعَ فُلَانٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي هَذَا لِلْعُرْفِ فَمَا عَدَّهُ الْعُرْفُ مُشْتَغِلًا مَعَهُ يَحْنَثُ بِهِ وَمَا لَا فَلَا، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>