للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ حَلَّ لَهُ الْوَطْءُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ، نَعَمْ يُسَنُّ تَرْكُهُ إلَى اسْتِبْرَائِهَا بِقُرْءٍ احْتِيَاطًا (فَإِنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ التَّعْلِيقِ) أَيْ مِنْ آخِرِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ (بِأَنَّ وُقُوعَهُ) لِتَحَقُّقِ وُجُودِ الْحَمْلِ حِينَ التَّعْلِيقِ لِاسْتِحَالَةِ حُدُوثِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ أَقَلَّهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَمُنَازَعَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ السِّتَّةَ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاتِهِ لَا لِكَمَالِهِ لِأَنَّ الرُّوحَ تُنْفَخُ فِيهِ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ كَمَا فِي الْخَبَرِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ لَفْظَ الْخَبَرِ «ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ» وَثُمَّ تَقْتَضِي تَرَاخِيَ النَّفْخِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مُدَّةٍ لَهُ، فَأُنِيطَ بِمَا اسْتَنْبَطَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْقُرْآنِ أَنَّ أَقَلَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ (أَوْ) وَلَدَتْهُ (لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْ التَّعْلِيقِ وُطِئَتْ أَوَّلًا (أَوْ بَيْنَهُمَا) يَعْنِي السِّتَّةَ وَالْأَرْبَعَ سِنِينَ (وَوُطِئَتْ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ أَوْ مَعَهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَأَمْكَنَ حُدُوثُهُ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْوَطْءِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَضْعِهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ (فَلَا) طَلَاقَ فِيهِمَا لِلْعِلْمِ بِعَدَمِهِ عِنْدَ التَّعْلِيقِ فِي الْأُولَى وَلِجَوَازِ حُدُوثِهِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْوَطْءِ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِ الْعِصْمَةِ.

(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُوطَأْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ أَوْ وُطِئَتْ وَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ (فَالْأَصَحُّ وُقُوعُهُ) لِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ ظَاهِرًا وَلِهَذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِالْوُقُوعِ بَاطِنًا إذَا عُرِفَ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الْحَلِفِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ مِنْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَلَى مُطْلَقِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَعُلِمَ مِمَّا قَرَرْنَاهُ أَنَّ السِّتَّةَ مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا وَالْأَرْبَعَ بِمَا دُونَهَا كَمَا مَرَّ فِي الْوَصَايَا. وَالثَّانِي لَا يَقَعُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ الْحَمْلِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِاسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ، وَلَوْ وَطِئَهَا وَبَانَتْ حَامِلًا فَهُوَ شُبْهَةٌ يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا وَهُوَ قَبْلَ التَّعْلِيقِ كَافٍ، فَإِنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ وَهِيَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

إلَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ) .

(فَرْعٌ) هَلْ تَشْمَلُ الْوِلَادَةُ خُرُوجَ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الْمُعْتَادِ لِخُرُوجِهِ كَمَا لَوْ شُقَّ فَخَرَجَ الْوَلَدُ مِنْ الشَّقِّ أَوْ خَرَجَ الْوَلَدُ مِنْ فَمِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَّجِهُ الشُّمُولُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوِلَادَةِ انْفِصَالُ الْوَلَدِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم. وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ لِانْصِرَافِ الْوِلَادَةِ لُغَةً وَعُرْفًا لِخُرُوجِ الْوَلَدِ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ آخِرِهِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا آخِرُ أَوْقَاتِ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِ بِهَا لِأَنَّ التَّعْلِيقَ لَيْسَ عَلَى الْحَمْلِ مِنْهُ بَلْ عَلَيْهِ مُطْلَقًا فَلَمْ يُعْتَبَرْ مَا قَبْلَ الْآخِرِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ فِيمَا قَبْلَ فَرَاغِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَيْ السِّتَّةَ وَالْأَرْبَعَ سِنِينَ (قَوْلُهُ: يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ) وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قِيلَ فِيهِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ وَإِذَا تَبَيَّنَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَعْدُ فَهُوَ وَطْءُ شُبْهَةٍ يَجِبُ لَهُ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ، وَكَذَا لَوْ حُرِّمَ الْوَطْءُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمُنَازَعَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ.) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَنَازَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا إذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعَ قِيَامِ الْوَطْءِ وَقَالَ: إنَّ كَمَالَ الْوَلَدِ وَنَفْخَ الرُّوحِ فِيهِ يَكُونُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا شَهِدَ بِهِ الْخَبَرُ فَإِذَا أَتَتْ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا احْتَمَلَ الْعُلُوقُ بِهِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ.

قَالَ: وَالسِّتَّةُ أَشْهُرٍ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاةِ الْوَلَدِ غَالِبًا (قَوْلُهُ: مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ لَفْظَ الْخَبَرِ إلَخْ.) وَأَجَابَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ فِي قَوْلِهِمْ أَوْ وَلَدَتْهُ الْوَلَدَ التَّامَّ (قَوْلُهُ: أَيْ: السِّتَّةَ وَالْأَرْبَعَ سِنِينَ) الْمُنَاسِبُ لِطَرِيقَتِهِ الْآتِيَةِ مِنْ إلْحَاقِ الْأَرْبَعِ سِنِينَ بِمَا دُونَهَا أَنْ يَبْقَى الْمَتْنُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ مَرْجِعِ الضَّمِيرِ بِأَنْ يَقُولَ: أَيْ السِّتَّةَ وَالْأَكْثَرَ مِنْ الْأَرْبَعِ وَقَدْ تَبِعَ فِي هَذَا الْحَلِّ الشِّهَابَ حَجّ لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ ظَاهِرِ الْمَتْنِ لِيَتَمَشَّى عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ إلْحَاقِ الْأَرْبَعِ بِمَا فَوْقَهَا كَمَا نَبَّهَ هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ إلَخْ.) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الَّذِي عُلِمَ مِنْ تَقْرِيرِهِ إنَّمَا هُوَ إلْحَاقُ الْأَرْبَعِ بِمَا فَوْقَهَا لَا بِمَا دُونَهَا (قَوْلُهُ: مَنِيِّهِ) يَعْنِي: الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ قَرِيبًا وَكَانَ الْأَوْضَحُ تَنْكِيرَ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا) الْمُنَاسِبُ فِي الْغَايَةِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا إنْ كَانَ غَايَةً لِكَوْنِ الْوَطْءِ شُبْهَةً لَا تُوجِبُ الْحَدَّ، فَإِنْ كَانَ غَايَةً لِلْمَهْرِ فَقَطْ فَالْمُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَبْلَ التَّعْلِيقِ كَافٍ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُمَهِّدَ قَبْلَهُ بِذِكْرِ نُدِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>