مِمَّنْ تَحْمِلُ حَرُمَ وَطْؤُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِلطَّلَاقِ ظَاهِرًا فَتُحْسَبُ الْحَيْضَةُ أَوْ الشَّهْرُ مِنْ الْعِدَّةِ لَا أَنَّ اسْتِبْرَائِهَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ، فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَالْحُكْمُ فِي تَبَيُّنِ الطَّلَاقِ وَعَدَمِهِ بِعَكْسِ مَا سَبَقَ، فَلَوْ وَطِئَهَا وَبَانَتْ مُطَلَّقَةً مِنْهُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً طَلُقَتْ حَالًا، وَلَوْ قَالَ إنْ أَحْبَلْتك فَأَنْت طَالِقٌ فَالتَّعْلِيقُ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْحَمْلِ فَكُلَّمَا وَطِئَهَا وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْوَطْءَ هُنَا سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي حُصُولِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، أَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَحْبَلِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَيْأَسَ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ.
(وَإِنْ) (قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ) أَوْ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك ذَكَرٌ (فَطَلْقَةً) بِالنَّصْبِ أَيْ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً (أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَكَانَ مَا بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (وَقَعَ ثَلَاثٌ) لِتَحَقُّقِ الصِّفَتَيْنِ، فَإِنْ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِهِ، أَوْ خُنْثَى وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ حَالًا وَوَقَفَتْ الثَّانِيَةُ إلَى تَبَيُّنِ حَالِهِ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ بِالْوِلَادَةِ لِأَنَّهَا طَلُقَتْ بِاللَّفْظِ، بِخِلَافِهِ فِيمَا يَأْتِي فِي إنْ وَلَدْت أَوْ أُنْثَى وَخُنْثَى فَثِنْتَانِ وَتُوقَفُ الثَّالِثَةُ لِتَبَيُّنِ حَالِ الْخُنْثَى، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ اللَّفْظِ كَمَا مَرَّ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ حَالَ الْحَلِفِ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: ١١] مَعَ أَنَّ الْيَمِينَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِلتَّرَدُّدِ فِي الْوُقُوعِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ إذَا وَطِئَ ثُمَّ تَبَيَّنَ الْوُقُوعُ يَجِبُ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ: أَيْ الِاسْتِبْرَاءُ (قَوْلُهُ حُرِّمَ وَطْؤُهَا) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّعْلِيقِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِقُرْءٍ (قَوْلُهُ: بِعَكْسِ مَا سَبَقَ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ وَلَدَتْ لِدُونِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ) أَيْ وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ إنْ وَطِئَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ وُجُوبِهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ) أَيْ مَا لَمْ يُرِدْ الْفَوْرَ كَسَنَةٍ أَوْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهِ وَإِلَّا فَيَقَعُ عِنْدَ فَوَاتِ مَا أَرَادَهُ أَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا) [فَرْعٌ] قَالَ الشَّارِحُ فِي الْوَصِيَّةِ: لَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا أَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك أُنْثَى فَوَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ أُنْثَيَيْنِ فَأَكْثَرَ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ أَوْ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ، وَفِي إنْ كَانَ حَمْلُهَا ابْنًا أَوْ بِنْتًا فَلَهُ كَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا شَيْءٌ وَفَارَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى بِأَنَّهُمَا اسْمَا جِنْسٍ يَقَعَانِ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، بِخِلَافِ الِابْنِ وَالْبِنْتِ اهـ: أَيْ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَاصٌّ بِالْوَاحِدِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ مَا فِي بَطْنِك ابْنًا أَوْ بِنْتًا فَأَتَتْ بِابْنَيْنِ أَوْ بِنْتَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ، وَمِنْ هَذَا يَتَخَرَّجُ الْجَوَابُ عَنْ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا أَتَتْ زَوْجَتُهُ فِي بُطُونٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِإِنَاثٍ فَقَالَ لَهَا إنْ وَلَدَتْ بِنْتًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ بِنْتَيْنِ هُوَ أَنَّهُ لَا وُقُوعَ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ مُسَمَّى الْبِنْتِ وَاحِدَةٌ لَا أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: لِتَبَيُّنِ حَالِ الْخُنْثَى) أَيْ فَإِنْ بَانَ ذَكَرًا وَقَعَتْ الثَّالِثَةُ حَالًا أَوْ أُنْثَى لَمْ يَزِدْ عَلَى الطَّلْقَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ أَنَّهَا حَامِلٌ بِذَكَرٍ وَصَدَقَ بِأُنْثَى وَإِنْ تَعَدَّدَتْ (قَوْلُهُ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ) أَيْ بِوِلَادَةِ أُنْثَى وَخُنْثَى (قَوْلُهُ: أَوْ مُضْغَةً) أَيْ أَوْ نُطْفَةً عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ ذَكَرًا إلَخْ، وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّهَا لَوْ أَلْقَتْ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً حَالًا وَصِيغَتُهُ مَا ذَكَرَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقُ لِعَدَمِ خُلُوِّهِ عَمَّا ذَكَرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ، فَلَوْ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي تَعْلِيقِهِ كَأَنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَلْقَتْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً لَمْ يُعْلَمْ هَلْ هِيَ أَصْلُ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ لِلشَّكِّ فِيهِ
[حاشية الرشيدي]
الِاسْتِبْرَاءُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُوجَبٌ إلَخْ.) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ وَطِئَهَا وَبَانَتْ مُطَلَّقَةً مِنْهُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْوَطْءُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ مَعَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ الْحَدِّ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَطْءُ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ مَعَ الْحُكْمِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حِينَئِذٍ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَيْأَسَ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ تَبْلُغُ سِنَّ الْيَأْسِ أَوْ الْمُرَادُ يَحْصُلُ الْيَأْسُ بِنَحْوِ الْمَوْتِ
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَلَيْهِ إلَخْ.) أَيْ لِأَنَّ الْآيَةَ شَمَلَتْ مَا إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute