نَظَرًا إلَى أَنَّهُ تَعْلِيقٌ ظَاهِرًا وَإِنْ تَضَمَّنَ تَمْلِيكًا كَمَا لَا يَرْجِعُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ مُعَاوَضَةً.
(وَلَوْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ طَلْقَةً فَشَاءَ) زَيْدٌ (طَلْقَةً) فَأَكْثَرَ (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَ مَشِيئَةَ زَيْدٍ وَاحِدَةً عَنْ أَحْوَالِ وُقُوعِ الطَّلْقَاتِ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَإِنْ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا وَقَعَ الثَّلَاثُ (وَقِيلَ تَقَعُ طَلْقَةً) إذْ التَّقْدِيرُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَاحِدَةً فَتَقَعَ فَالْإِخْرَاجُ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ دُونَ وَصْلِ الطَّلَاقِ وَتُقْبَلُ ظَاهِرًا إرَادَتُهُ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَرَدْت بِالِاسْتِثْنَاءِ عَدَمَ وُقُوعِ طَلْقَةٍ إذَا شَاءَهَا فَيَقَعُ طَلْقَتَانِ، وَيَأْتِي قَرِيبًا حُكْمُ مَا لَوْ مَاتَ وَشُكَّ فِي نَحْوِ مَشِيئَتِهِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ أَوْ بَهِيمَةٍ لَمْ تَطْلُقْ، أَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ طَلَّقْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا فَشَاءَتْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَطْلُقْ، أَوْ شَاءَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلَاقَ نَفْسِهَا دُونَ ضَرَّتِهَا فَفِي وُقُوعِهِ وَجْهَانِ: أَوْجُهُهُمَا لَا؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ طَلَاقِهَا عِلَّةٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَعَلَى ضَرَّتِهَا، وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ شِئْت أَمْ أَبَيْت طَلَاقٌ مُنَجَّزٌ أَوْ شِئْت أَوْ أَبَيْت تَعْلِيقٌ بِأَحَدِهِمَا أَوْ كَيْف شِئْت أَوْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شِئْت طَلُقَتْ شَاءَتْ أَمْ لَا عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِصَاحِبِ الْأَنْوَارِ، لَكِنَّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ فِي أَوَاخِرِ الْعِتْقِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُقُوعِ مَا لَمْ تَشَأْ فِي الْمَجْلِسِ الطَّلَاقَ أَوْ عَدَمَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَسَيَأْتِي ثَمَّ تَصْحِيحُهُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَمُقَابِلُهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَشَاءَتْ أَقَلَّ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَشَاءَتْ ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ فَوَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك مَثَلًا فَشَاءَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ فَلَا مَا لَمْ يُرِدْ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ وُقُوعَ وَاحِدَةٍ فَتَقَعَ أَوْ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبُوك ثَلَاثًا فَشَاءَهَا فَلَا، أَوْ شَاءَ دُونَهَا أَوْ لَمْ يَشَأْ فَوَاحِدَةً، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك أَوْ لَوْلَا دَيْنُك لَمْ تَطْلُقْ كَلَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك وَصَدَقَ فِي خَبَرِهِ، فَإِنْ كَذَبَ فِيهِ طَلُقَتْ بَاطِنًا وَإِنْ أَقَرَّ بِكَذِبِهِ فَظَاهِرًا، هَذَا كُلُّهُ إنْ تَعَارَفُوهُ يَمِينًا بَيْنَهُمْ وَإِلَّا طَلُقَتْ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِفُلَانٍ أَوْ يُرِيدَ أَوْ يَشَاءَ أَوْ يَرَى غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَبْدُ لَهُ طَلُقَتْ قُبَيْلَ نَحْوِ مَوْتِهِ، أَوْ إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَوْ يَبْدُوَ لِي وَلَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ الطَّلَاقِ طَلُقَتْ حَالًا.
(وَلَوْ) (عَلَّقَ) الزَّوْجُ الطَّلَاقَ (بِفِعْلِهِ) كَدُخُولِهِ الدَّارَ (فَفَعَلَ نَاسِيًا لِلتَّعْلِيقِ أَوْ مُكْرَهًا)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَكَانَ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَشَاءَ بَعْدَ تَكْلِيفِهِ لَمْ يَقَعْ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ بَهِيمَةٍ لَمْ تَطْلُقْ) أَيْ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُقُوعِ لَوْ نَطَقَتْ الْبَهِيمَةُ بِالْمَشِيئَةِ بِالْفِعْلِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ مِنْ إلْغَاءِ عِبَارَتِهِمَا (قَوْلُهُ: قُبَيْلَ نَحْوِ مَوْتِهِ) أَيْ كَجُنُونِهِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ: كَدُخُولِهِ الدَّارَ) أَيْ وَقَدْ قَصَدَ حَثَّ نَفْسِهِ أَوْ مَنْعَهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ بِمُجَرَّدِ صُورَةِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَقَعُ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ رَزِينٍ اهـ حَجّ. وَنَقَلَ
[حاشية الرشيدي]
لِضَرُورَةِ نَحْوِ فَقْرٍ أَوْ دَيْنٍ، فَيَحِلُّ بَاطِنًا قَطْعًا كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ كَمَا هُوَ تَتِمَّةُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ
(قَوْلُهُ: وَقَعَ الثَّلَاثُ) أَيْ: قُبَيْلَ نَحْوِ الْمَوْتِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ السِّوَادَةِ وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَتَعَلَّقَ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا إنْ شَاءَتْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: كَلَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك) مَعْطُوفٌ عَلَى لَوْلَا أَبُوك فَهُوَ مِنْ مَدْخُولِ أَنْتِ طَالِقٌ: أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك، وَوَجْهُ عَدَمِ الْوُقُوعِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْلَا حُرْمَةُ أَبِيهَا لَطَلَّقَهَا، وَأَكَّدَ هَذَا الْخَبَرَ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِمَا إذَا صَدَقَ فِي خَبَرِهِ، وَقَدْ عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي هَذَا إنْ تَعَارَفُوهُ: أَيْ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَا أَبُوك وَنَحْوُهُ كَلَوْلَا اللَّهُ وَلَوْلَا دِينُك لَمْ تَطْلُقْ إذْ الْمَعْنَى لَوْلَاهُ لَطَلَّقْتُك، وَكَذَا لَا تَطْلُقُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْلَا حُرْمَةُ أَبِيهَا لَطَلَّقَهَا، وَأَكَّدَ هَذَا الْخَبَرَ بِالْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَوْلَا أَبُوك لَطَلَّقْتُك، هَذَا إنْ تَعَارَفُوهُ يَمِينًا بَيْنَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفُوهُ يَمِينًا طَلُقَتْ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ بَعْدُ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الطَّلَاقِ إذَا صَدَقَ فِي خَبَرِهِ فَإِنْ كَذَبَ فِيهِ طَلُقَتْ بَاطِنًا وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute