وَلَمْ تَطْلُقْ أَوْ بَعْدَهَا لَمْ يَقَعَا.
(وَلَوْ) (عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بِمَشِيئَتِهَا خِطَابًا) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ إذَا شِئْت أَوْ إنْ شِئْت فَأَنْت طَالِقٌ (اُشْتُرِطَتْ مَشِيئَتُهَا) وَهِيَ مُكَلَّفَةٌ أَوْ سَكْرَانَةٌ بِاللَّفْظِ مُنَجَّزَةٍ لَا مُعَلَّقَةً وَلَا مُؤَقَّتَةً أَوْ بِإِشَارَةٍ مِنْ خَرْسَاءَ وَلَوْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنُ لَفْظِ شِئْت، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ نَحْوَ أَرَدْت وَإِنْ رَادَفَهُ إلَّا أَنَّ الْمَدَارَ فِي التَّعَالِيقِ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ دُونَ مُرَادِفِهِ فِي الْحُكْمِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ فِي إتْيَانِهَا بِشِئْت بَدَلَ أَرَدْت فِي جَوَابِ إنْ أَرَدْت لَا يَقَعُ وَمُخَالَفَةُ الْأَنْوَارِ لَهُ فِيهَا نَظَرٌ (عَلَى فَوْرٍ) بِهَا وَهُوَ مَجْلِسُ التَّوَاجُبِ فِي الْعُقُودِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّهُ اسْتِدْعَاءٌ لِجَوَابِهَا الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ الْقَبُولِ وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا وَهُوَ تَمْلِيكٌ كَمَا مَرَّ، نَعَمْ لَوْ قَالَ مَتَى أَوْ أَيَّ وَقْتٍ مَثَلًا شِئْت لَمْ يَشْتَرِطْ (أَوْ غَيْبَةٍ) كَزَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ وَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً سَامِعَةً (أَوْ بِمَشِيئَةِ أَجْنَبِيٍّ) كَإِنْ شِئْت فَزَوْجَتِي طَالِقٌ (فَلَا) يُشْتَرَطُ فَوْرٌ لِجَوَابِهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِبُعْدِ التَّمْلِيكِ فِي الْأَوَّلِ مَعَ عَدَمِ الْخِطَابِ وَلِعَدَمِ التَّمْلِيكِ فِي الثَّانِي، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ نَظَرًا إلَى تَضَمُّنِ التَّمْلِيكِ فِي الْأُولَى وَإِلَى الْخِطَابِ فِي الثَّانِيَةِ، نَعَمْ إنْ قَالَ إنْ شَاءَ زَيْدٌ لَمْ يُشْتَرَطْ فَوْرٌ جَزْمًا، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ لَوْ انْفَرَدَ (وَلَوْ) (قَالَ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (شِئْت) وَلَوْ سَكْرَانَ أَوْ (كَارِهًا) لِلطَّلَاقِ (بِقَلْبِهِ) (وَقَعَ) الطَّلَاقُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّ الْقَصْدَ اللَّفْظُ الدَّالُ لَا فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ لِخَفَائِهِ (وَقِيلَ لَا يَقَعُ بَاطِنًا) كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِحَيْضِهَا فَأَخْبَرَتْهُ كَاذِبَةً، وَرُدَّ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ هُنَا عَلَى اللَّفْظِ وَقَدْ وُجِدَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وُجِدَتْ الْإِرَادَةُ دُونَ اللَّفْظِ لَمْ يَقَعْ إلَّا إنْ قَالَ شِئْت بِقَلْبِك. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَا يَجِيءُ هَذَا الْخِلَافُ فِي نَحْوِ بَيْعٍ بِلَا رِضًا وَلَا إكْرَاهٍ بَلْ يُقْطَعُ بِعَدَمِ حِلِّهِ بَاطِنًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] وَحَمَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى نَحْوِ بَيْعٍ لِنَحْوِ حَيَاءٍ أَوْ رَهْبَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ رَغْبَةٍ فِي جَاهِهِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِمَحَبَّتِهَا لَهُ أَوْ رِضَاهَا عَنْهُ فَقَالَتْ ذَلِكَ كَارِهَةً بِقَلْبِهَا لَمْ تَطْلُقْ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْأَنْوَارِ: أَيْ بَاطِنًا.
(وَلَا يَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِمَشِيئَةِ صَبِيٍّ وَصَبِيَّةٍ) لِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ كَالْمَجْنُونِ (وَقِيلَ يَقَعُ ب) مَشِيئَةِ (مُمَيِّزٍ) لِأَنَّ لَهَا مِنْهُ دَخْلًا فِي اخْتِيَارِهِ لِأَبَوَيْهِ، وَرُدَّ بِظُهُورِ الْفَرْقِ إذْ مَا هُنَا تَمْلِيكٌ أَوْ شِبْهُهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَقُلْ إنْ قُلْت شِئْت وَإِلَّا وَقَعَ بِمَشِيئَتِهِ لِأَنَّهُ بِتَعْلِيقِهِ بِالْقَوْلِ صَرَفَ لَفْظَ الْمَشِيئَةِ عَنْ مُقْتَضَاهُ مِنْ كَوْنِهِ تَصَرُّفًا يَقْتَضِي الْمِلْكَ أَوْ شِبْهَهُ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ فِي التَّعْلِيلِ (وَلَا رُجُوعَ لَهُ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ وَهُوَ مَجْلِسُ التَّوَاجُبِ) أَيْ بِأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ وَلَا سُكُوتٌ طَوِيلٌ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ التَّعْبِيرِ فِي الْعُقُودِ أَنَّ الْفَوْرَ هُنَا مُعْتَبَرٌ بِمَا فِي الْبَيْعِ فَيَكُونُ السُّكُوتُ الْمُضِرُّ هُنَا بِقَدْرِ السُّكُوتِ الْمُضِرِّ ثَمَّ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ فَصْلِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ مِنْ الْعُقُودِ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ: وَعُلِمَ بِذَلِكَ مَا صَرَّحُوا بِهِ وَهُوَ أَنَّ الِاتِّصَالَ هُنَا أَبْلَغُ مِنْهُ بَيْنَ إيجَابِ نَحْوِ الْبَيْعِ وَقَبُولِهِ، وَدَعْوَى أَنَّ مَا تَقَرَّرَ يَقْتَضِي كَوْنَهُ مِثْلَهُ مَمْنُوعٌ، بَلْ لَوْ سَكَتَ ثُمَّ عَبَثًا يَسِيرًا عُرْفًا لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ زَادَ عَلَى سَكْتَةٍ نَحْوَ التَّنَفُّسِ، بِخِلَافِهِ هُنَا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ بَيْنَ كَلَامِ اثْنَيْنِ مَا لَا يَحْتَمِلُ بَيْنَ كَلَامِ وَاحِدٍ اهـ. وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّ السُّكُوتَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ هَذَا بَيْنَ كَلَامِهِ وَكَلَامِهَا فَهُوَ بَيْنَ كَلَامِ اثْنَيْنِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي كَلَامِ شَخْصٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يُشْتَرَطْ) أَيْ فَوْرًا (قَوْلُهُ لَوْ انْفَرَدَ) وَهُوَ الْفَوْرِيَّةُ فِيهَا دُونَهُ (قَوْلُهُ أَيْ بَاطِنًا) أَيْ وَعَلَيْهِ لَوْ عَلِمَ بِطَرِيقٍ مَا أَنَّهَا قَالَتْهُ كَارِهَةً لَهُ بِقَلْبِهَا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا لِعَدِّ الطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ: بِمَشِيئَةِ صَبِيٍّ) وَالْعِبْرَةُ بِحَالِ التَّعْلِيقِ، حَتَّى لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْمَشِيئَةِ وَكَانَتْ الصِّيغَةُ صَرِيحَةً فِي التَّرَاخِي
[حاشية الرشيدي]
لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيضُ الْعِتْقِ لَهَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَطْلُقْ) أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ صِفَةِ طَلَاقِهَا الَّتِي هِيَ مُضِيُّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ التَّعْلِيقِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكْرَانَ) الْوَاوُ فِيهِ لِلْحَالِ لِيَتَأَتَّى الْخِلَافُ فِي الْكَارِهِ الَّذِي صَارَ مَعْطُوفًا عَلَى هَذَا، وَقَضِيَّةُ سِيَاقِهِ حِينَئِذٍ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي السَّكْرَانِ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ رَغْبَةً فِي جَاهِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَرِهَ لِمَحَبَّتِهِ لِلْمَبِيعِ وَإِنَّمَا بَاعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute