للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ لَهُمَا طَلُقَتْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا. وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْمَعْرُوفُ الْمَنْصُوصُ خِلَافُهُ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ: الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِهِ. وَقَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ إنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ عِيَادَةٍ انْتَهَى. فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ هُنَا وَعَدَمُ الْحِنْثِ فِي تِلْكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إلَيَّ فِي مَسْأَلَتِنَا لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ الْمَكَانِيَّةِ: أَيْ إنْ انْتَهَى خُرُوجُك لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ انْتَهَى لِغَيْرِهَا وَاللَّامُ فِي تِلْكَ لِلتَّعْلِيلِ: أَيْ إنْ كَانَ خُرُوجُك لِأَجْلِ غَيْرِ الْعِيَادَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَخُرُوجُهَا لِأَجْلِهِمَا مَعًا لَيْسَ خُرُوجًا لِغَيْرِ الْعِيَادَةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا مَعَ امْرَأَتِهِ فَخَرَجَا لَكِنَّهُ تَقَدَّمَ عَلَيْهَا بِخُطُوَاتٍ أَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُهَا إلَّا بِمُوجِبٍ فَضَرَبَهَا بِخَشَبَةٍ لِشَتْمِهَا لَهُ لَمْ تَطْلُقْ لِلْعُرْفِ فِي الْأُولَى وَلِضَرْبِهِ لَهَا بِمُوجِبٍ فِي الثَّانِيَةِ، إذْ الْمُرَادُ فِيهَا بِالْمُوجِبِ مَا تَسْتَحِقُّ الضَّرْبَ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا، أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْدٍ وَقَدَّمَ لَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ ضِيَافَةً لَمْ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ أَكَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ، أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ مَا دَامَ فِيهَا فَانْتَقَلَ مِنْهَا وَعَادَ إلَيْهَا ثُمَّ دَخَلَهَا الْحَالِفُ وَهُوَ فِيهَا لَمْ يَحْنَثْ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ بِالِانْتِقَالِ مِنْهَا. نَعَمْ إنْ أَرَادَ كَوْنَهُ فِيهَا اتَّجَهَ الْحِنْثُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

(وَلَوْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ) أَوْ حُقْبٍ بِسُكُونِ الْقَافِ أَوْ عَصْرٍ (أَوْ بَعْدَ حِينٍ) أَوْ نَحْوِهِ (طَلُقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ يَقَعُ عَلَى الْقَصِيرِ وَالطَّوِيلِ وَإِلَى بِمَعْنَى بَعْدُ وَفَارَقَ قَوْلَهُمْ فِي الْإِيمَانِ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينٍ لَمْ يَحْنَثْ بِلَحْظَةٍ فَأَكْثَرَ بَلْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَعْلِيقٌ فَيُعَلَّقُ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِإِذْنِهِ لَهَا مَرَّةً لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ مَتَى التَّكْرَارَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ) عَلَى الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ هُنَا اعْتِمَادُ خِلَافِ هَذَا، لَكِنَّ قَوْلَهُ وَقَالَ الْوَالِدُ الْجَمْعُ إلَخْ إقْرَارُ كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى مَا فِيهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا لَوْ خَرَجَتْ لِلْحَمَّامِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قِيلَ بِالْوُقُوعِ فِيهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ خَرَجَتْ لِلْعِيَادَةِ وَغَيْرِهَا حَيْثُ قِيلَ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ.

(قَوْلُهُ: الْمَنْصُوصُ خِلَافُهُ) أَيْ فَلَا طَلَاقَ فِيمَا لَوْ خَرَجَتْ لَهُمَا (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَهُمَا طَلُقَتْ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْحِنْثِ فِي تِلْكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ عِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ إلَى وَاللَّامِ (قَوْلُهُ: لِشَتْمِهَا لَهُ) وَأَمَّا لَوْ تَرَكَتْ مَا اُعْتِيدَ لِلنِّسَاءِ فِعْلُهُ مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ شَرْعًا كَأَنْ تَرَكَتْ الطَّبْخَ وَالْعَجْنَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا اُعْتِيدَ لَهُنَّ فِعْلُهُ فَضَرَبَهَا عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ فَهَلْ يَحْنَثُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ سَبَبًا شَرْعِيًّا أَوْ لَا لِأَنَّهُ سَبَبٌ عُرْفِيٌّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لَمْ تَطْلُقْ) أَيْ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْدٍ) أَيْ أَوْ عَيْشِهِ أَوْ خُبْزِهِ أَوْ طَعَامِهِ وَالْكَلَامُ كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَكَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ) وَقَضِيَّةُ مَا فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ فِيهِ مَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ مَلَكَهُ عَدَمُ الْحِنْثِ مِنْ الْأَكْلِ مِنْ مَالِهِ مُطْلَقًا وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَصَدَ إبْعَادَ نَفْسِهِ عَمَّا يُضَافُ لِزَيْدٍ فَلَا كَلَامَ فِي الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: فَانْتَقِلْ مِنْهَا) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الِانْتِقَالِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا عَلَى قَصْدِ السُّكْنَى بِغَيْرِهَا وَلَوْ لَحْظَةً لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ انْتَقَلَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَرَجَ لِشِرَاءِ مَصْلَحَةٍ مَثَلًا وَعَادَ لَمْ يَبَرَّ لِحَالِفٍ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ مَا دَامَ فِيهَا خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَفْهُومَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دَوَامُ السُّكْنَى وَهُوَ يَزُولُ بِالِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهَا وَإِنَّ قَلَّ زَمَنُهُ كَلَحْظَةٍ.

(قَوْلُهُ: طَلُقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الثَّانِي وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ إلَّا مَا يُفِيدُ التَّكْرَارَ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَدَلْت لِغَيْرِهِ) لَعَلَّهُ بَعْدَ انْتِهَائِهَا إلَيْهِ لِيُنَاسِبَ الْفَرْقَ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَقَدْ انْتَهَى لِغَيْرِهَا) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ انْتِهَاءِ الْخُرُوجِ إلَى الْحَمَّامِ وَغَيْرِهَا وَإِذَا انْتَهَى إلَى الْحَمَّامِ ثُمَّ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا هَلْ يُقَالُ انْتَهَى الْخُرُوجُ إلَى الْحَمَّامِ وَغَيْرِهَا؟ وَقَدْ أَجَابَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ الْحَمَّامِ فَقَطْ وَهُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَيُصَدَّقُ حِينَئِذٍ عَلَى الْخُرُوجِ لَهُمَا أَنَّهُ خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهُمَا خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ (قَوْلُهُ: ضِيَافَةً) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا وُجِدَتْ فِيهِ الْعِلَّةُ، فَيَشْمَلُ نَحْوَ الْإِبَاحَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>