للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ إنْ خَالَفْت نَهْيِي فَأَنْت طَالِقٌ فَخَالَفَتْ أَمْرَهُ كَقُوَّمِي فَرَقَدَتْ طَلُقَتْ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَهَذَا فَاسِدٌ إذَا لَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ فِيمَا نَخْتَارُهُ.

وَإِنْ كَانَ: أَيْ نَهْيًا عُمِلَ ضِدُّهُ فَالْيَمِينُ لَا تُبْنَى عَلَيْهِ بَلْ عَلَى اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ. قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا مُخَالَفَتَهَا نَهْيَهُ مُخَالَفَةً لِأَمْرِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْأَمْرِ الْإِيقَاعُ وَبِمُخَالَفَتِهَا نَهْيَهُ حَصَلَ الْإِيقَاعُ لَا تَرْكُهُ، وَالْمَطْلُوبُ بِالنَّهْيِ الْكَفُّ: أَيْ الِانْتِهَاءُ وَبِمُخَالَفَتِهَا أَمْرَهُ مَا لَمْ تَنْكَفَّ وَلَمْ تَنْتَهِ لِإِتْيَانِهَا بِضِدِّ مَطْلُوبِهِ وَالْعُرْفُ شَاهِدٌ لِذَلِكَ.

(وَلَوْ) (قَالَ لِثَلَاثٍ مِنْ زَوْجَاتِهِ مَنْ لَمْ تُخْبِرْنِي بِعَدَدِ رَكَعَاتِ فَرَائِضِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ) فَهِيَ طَالِقٌ (فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُنَّ عَدَدُ رَكَعَاتِ فَرَائِضُهَا (سَبْعَ عَشْرَةَ) أَيْ غَالِبًا (وَ) قَالَتْ (أُخْرَى) أَيْ ثَانِيَةٌ مِنْهُنَّ (خَمْسَ عَشْرَةَ أَيْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ) قَالَتْ (ثَالِثَةٌ) مِنْهُنَّ (إحْدَى عَشْرَةَ أَيْ لِمُسَافِرٍ) (لَمْ يَقَعْ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلَاقٌ لِصِدْقِ الْكُلِّ، نَعَمْ إنْ قَصَدَ تَعْيِينًا لَمْ يَتَخَلَّصْ بِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَذِنَ لَهَا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ، أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً فَخَرَجَتْ لَمْ تَطْلُقْ إذَا لَمْ تَخْرُجْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلَوْ أَخْرَجَهَا هُوَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ مَرَّةً فَخَرَجَتْ لَمْ يَقَعْ وَانْحَلَّتْ لِأَنَّ إنْ لَا تَكْرَارَ فِيهَا فَأَشْبَهَ إنْ خَرَجْت مَرَّةً بِدُونِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَيُفَارِقُ إنْ خَرَجْت لَابِسَةً ثَوْبَ حَرِيرٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ ثُمَّ خَرَجَتْ لَابِسَةً حَيْثُ طَلُقَتْ بِعَدَمِ انْحِلَالِ الْيَمِينِ لِانْتِفَاءِ الصِّفَةِ فَيَحْنَثُ فِي الثَّانِي بِخِلَافِ هَذِهِ، وَلَوْ أَذِنَ ثُمَّ رَجَعَ فَخَرَجَتْ بَعْدَ الْمَنْعِ لَمْ يَحْنَثْ لِحُصُولِ الْإِذْنِ، وَإِنْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَيُّ مَرَّةٍ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ طَلُقَتْ لِاقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ، وَخَلَاصُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَذِنْت لَك أَنْ تَخْرُجِي مَتَى شِئْت أَوْ كُلَّمَا شِئْت أَوْ إنْ خَرَجْت إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَرَقَدَتْ طَلُقَتْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْأَمْرِ إلَخْ) وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحُكْمَ مُسْتَشْكِلًا لَهُ فَقَالَ:

وَأَنْتِ إنْ خَالَفْت نَهْيِي تَطْلُقِي ... فَخَالَفَتْ أَمْرًا طَلَاقُهَا انْتَفَى

وَعَكْسُ هَذِي لَا وَهَذَا النَّقْلُ ... فَأَيُّ فَرْقٍ أَوْضَحَا يَا فَضْلُ

وَنَاظِمُهُ الشَّيْخُ عِيسَى الشَّهَاوِيُّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً) أَيْ أَوْ أَذِنَ لَهَا وَكَانَتْ صَغِيرَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَخْرُجْ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا أَذِنَ فِي غَيْبَتِهَا أَنْ يُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّهَا لَوْ خَرَجَتْ بَعْدُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهَا فَأَنْكَرَتْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ إذْنًا) أَيْ فَيَحْنَثُ (قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ فِي الثَّانِي) أَيْ إنْ خَرَجَتْ لَابِسَةً ثَوْبًا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذِهِ) أَيْ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَذِنَ ثُمَّ رَجَعَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُتَّصِلًا بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ عَدَمُ الْإِذْنِ لَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِاقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَتَى خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَلَسْت أَرَى الْأَمْرَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرَى الْوَاحِدَ بَعْدَ الْوَاحِدِ وَيَضْبِطَ فَيُقَامَ مَقَامَ الْفِعْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ) هَذَا إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَمْرِ النَّفْسِيِّ قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: أَمَّا اللَّفْظِيُّ فَلَيْسَ عَيْنَ النَّهْيِ قَطْعًا وَلَا يَتَضَمَّنُهُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: فَالْيَمِينُ لَا تُبْنَى عَلَيْهِ) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: حَصَلَ الْإِيقَاعُ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ وَقَعَ مِنْ الْمُعَلِّقِ بَعْدَ تَعْلِيقِهِ أَمْرٌ فِي الْخَارِجِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ نَهَى عَنْهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِإِتْيَانِهَا بِضِدِّ مَطْلُوبِهِ) هَذَا إنَّمَا يَتَّضِحُ إذَا أُحْدِثَتْ فِعْلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَدَامَتْ الْحَالَةُ الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَصَدَ تَعْيِينًا) يَعْنِي: مُعَيَّنًا مِنْهَا (قَوْلُهُ: مَتَى شِئْت) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ مَتَى وَإِنْ كَانَتْ لِعُمُومِ الْأَزْمِنَةِ فَلَا تُفِيدُ تَكْرَارًا لِأَنَّ مَعْنَاهَا إنَّ إذْنِي لَك لَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، إلَّا أَنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا إذْنًا وَاحِدًا وَهَذَا لَا يَكْفِي هُنَا. بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ إذْنٍ لِخُرُوجِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>