لَا يُمْكِنُهَا رُؤْيَتُهُ إلَّا كَذَلِكَ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا وَبِلَمْسِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ لَا مَعَ إكْرَاهٍ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ لَا نَحْوِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ سَوَاءٌ الرَّائِي وَالْمَرْئِيُّ وَاللَّامِسُ وَالْمَلْمُوسُ الْعَاقِلُ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ لَمَسَهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِنَّمَا اسْتَوَيَا فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى لَمْسِ شَيْءٍ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَيُشْتَرَطُ مَعَ رُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ صِدْقُ رُؤْيَةِ كُلِّهِ عُرْفًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ كَوَّةٍ مَثَلًا فَرَأَتْهَا فَلَا حِنْثَ.
وَلَوْ قَالَ لِعَمْيَاءَ إنْ رَأَيْت فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ حَمْلًا لِرَأَى عَلَى الْمُتَبَادِرِ مِنْهَا، أَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ الْقَمَرِ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا أَوْ بِتَمَامِ الْعَدَدِ فَتَطْلُقُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْعِلْمِ، بِخِلَافِ رُؤْيَةِ زَيْدٍ مَثَلًا فَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ زَجْرُهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ، وَعَلَى اعْتِبَارِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ فَاسِقٌ فَصَدَّقَهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مُؤَاخَذَتُهُ، وَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِالرُّؤْيَةِ الْمُعَايَنَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِرُؤْيَةِ عَمْيَاءَ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنْ يَدِينُ، وَإِذَا قَبِلْنَا التَّفْسِيرَ فِي الْهِلَالِ بِالْمُعَايَنَةِ وَمُضِيِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَلَمْ يَرَ فِيهَا مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ تَسْتَقْبِلُهُ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَعْدَهَا هِلَالًا، أَمَّا التَّعْلِيقُ بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ مَعَ تَفْسِيرِهِ بِمُعَايَنَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَتِهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ قَبْلَهَا لَا يُسَمَّى قَمَرًا، كَذَا أَفْتَى بِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ قَالَ إنْ رَأَيْتِ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْت طَالِقٍ فَرَأَتْهُ فِي الْمَنَامِ وَأَرَادَ ذَلِكَ طَلُقَتْ، فَإِنْ نَازَعَهَا فِيهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إذْ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا مِنْهَا، وَإِنْ أَرَادَ رُؤْيَتَهُ لَا فِي مَنَامٍ أَوْ أَطْلَقَ اتَّجَهَ عَدَمُ الْوُقُوعِ حَمْلًا لَهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ (بِخِلَافِ ضَرْبِهِ) فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ سِوَى الْحَيِّ إذْ الْغَرَضُ مِنْهُ الْإِيلَامُ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَا هُنَا اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ مُؤْلِمًا، لَكِنْ خَالَفَاهُ فِي الْأَيْمَانِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ إذْ الْمَدَارُ عَلَى مَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي ثَمَّ أَنَّ مِنْهُ مَا لَوْ حَذَفَهَا بِشَيْءٍ فَأَصَابَهَا، وَجَمَعَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى اشْتِرَاطِهِ بِالْقُوَّةِ، وَالثَّانِي عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ.
وَلَوْ عَلَّقَ بِتَقْبِيلِ زَوْجَتِهِ اخْتَصَّ بِالْحَيَّةِ بِخِلَافِ أُمِّهِ، لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الشَّهْوَةُ وَهُنَا الْكَرَامَةُ، أَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ سَكْرَانُ سُكْرًا يَسْمَعُ مَعَهُ وَيَتَكَلَّمُ، وَكَذَا إنْ كَلَّمَتْهُ وَهِيَ سَكْرَى لَا السُّكْرَ الطَّافِحَ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ مِمَّنْ يُكَلِّمُ غَيْرَهُ وَيُكَلِّمُ هُوَ عَادَةً، فَإِنْ كَلَّمَتْهُ فِي نَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ أَوْ بِهَمْسٍ وَهُوَ خَفْضُ الصَّوْتِ بِالْكَلَامِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ الْمُخَاطَبَ أَوْ نَادَتْهُ مِنْ مَكَان لَا يَسْمَعُ مِنْهُ وَإِنْ فَهِمَهُ بِقَرِينَةٍ أَوْ حَمَلَتْهُ إلَيْهِ رِيحٌ وَسَمِعَ لَمْ تَطْلُقْ إذْ لَا يُسَمَّى كَلَامًا عَادَةً نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا وَهِيَ مَجْنُونَةٌ طَلُقَتْ بِذَلِكَ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الَّذِي يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ بِغَيْرِ الْمِرْآةِ كَجَانِبَيْ الْمَنْحَرِ وَبَعْضِ الشَّفَتَيْنِ (قَوْلُهُ: بِرُؤْيَتِهِ وَجْهَهُ) أَيْ وَجْهَ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمُسْتَحِيلِ فِي الْإِثْبَاتِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُقُوعِ بِخِلَافِهِ فِي النَّفْيِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَمَامِ الْعَدَدِ) أَيْ لِلشَّهْرِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِإِعْلَامِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ بِنَفْسِهِ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِ يُسَمَّى هِلَالًا إنْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ قَمَرًا إنْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ وَيُسَمَّى هِلَالًا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَبَعْدَهَا يُسَمَّى قَمَرًا (قَوْلُهُ: حَمْلًا لَهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لِلتَّطَوُّعِ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ مُحَقَّقَةٌ فَلَا تَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ (قَوْلُهُ: لَا يَتَنَاوَلُ سِوَى الْحَيِّ) أَيْ وَلَوْ نَبِيًّا وَشَهِيدًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أُمِّهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُهَا حَيَّةً
[حاشية الرشيدي]
فِي الْمُثْبَتِ (قَوْلُهُ: وَبِلَمْسِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يُقَيِّدْهُ هُنَا بِالْمُتَّصِلِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِرُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: الْعَاقِلُ وَغَيْرُهُ) هَذَا هُوَ مَحَطُّ التَّسْوِيَةِ، وَلَوْ زَادَ لَفْظَ فِي عَقِبَ قَوْلِهِ سَوَاءٌ لَكَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا عُلِّقَ بِغَيْرِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالْقَمَرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ تَسْتَقْبِلُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أُمِّهِ) أَيْ فِيمَا إذَا عُلِّقَ بِتَقْبِيلِهَا فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا حَيَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute