للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَهُ الْقَاضِي، وَإِنْ كَلَّمَتْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَكِنْ انْتَفَى ذَلِكَ لِذُهُولٍ مِنْهُ أَوْ شُغْلٍ أَوْ لَغَطٍ وَلَوْ كَانَ لَا يُفِيدُ مَعَهُ الْإِصْغَاءُ طَلُقَتْ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ وَانْتِفَاءُ السَّمَاعِ لِعَارِضٍ وَإِنْ كَانَ أَصَمًّا فَكَلَّمَتْهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِصَمَمٍ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَصَمًّا لِسَمْعٍ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ، وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْوُقُوعَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ وَنَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي ثَمَّ عَنْ النَّصِّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ، وَالثَّانِي عَلَى مَنْ يَسْمَعُ مَعَ رَفْعِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت نَائِمًا أَوْ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ مَثَلًا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ، كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت مَيِّتًا أَوْ حِمَارًا أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ نَحْوَ حَائِطٍ وَهُوَ يَسْمَعُ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَكَلَّمَتْ أَبَاهَا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مَحَارِمِهَا أَوْ زَوْجِهَا طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ.

فَإِنْ قَالَ قَصَدْتُ مَنْعَهَا مِنْ مُكَالَمَةِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ قُبِلَ مِنْهُ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ، أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِتَكْلِيمِ أَحَدِهِمَا وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ فَلَا يَقَعُ بِتَكْلِيمِ الْآخَرِ شَيْءٌ، أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِكَلَامِهِمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا ثُمَّ عَمْرًا أَوْ زَيْدًا فَعَمْرًا اُشْتُرِطَ تَكْلِيمُ زَيْدٍ قَبْلَ عَمْرٍو مُتَرَاخِيًا عَنْهُ فِي الْأُولَى وَعَقِبَ كَلَامِ زَيْدٍ فِي الثَّانِيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ إلَّا الْإِمَامَ وَالْغَزَالِيَّ يَمِيلُونَ فِي التَّعْلِيقِ إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ، إذْ الْعُرْفُ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ هَذَا إنْ اضْطَرَبَ، فَإِنْ اطَّرَدَ عُمِلَ بِهِ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِ حِينَئِذٍ، وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ فِيمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ.

(وَلَوْ) (خَاطَبَتْهُ) زَوْجَتُهُ (بِمَكْرُوهٍ كَيَا سَفِيهُ أَوْ يَا خَسِيسُ) أَوْ يَا حُقْرَةُ (فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَلِكَ) أَيْ سَفِيهًا أَوْ خَسِيسًا (فَأَنْت طَالِقٌ) (إنْ أَرَادَ مُكَافَأَتَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ) مِنْ الطَّلَاقِ لِكَوْنِهَا أَغَاظَتْهُ بِالشَّتْمِ (طَلُقَتْ) حَالًا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَفَهٌ) وَلَا خِسَّةٌ وَلَا حُقْرَةٌ إذْ الْمَعْنَى إنْ كُنْت كَذَلِكَ فِي زَعْمِك فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) أَرَادَ (التَّعْلِيقَ اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ) كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ) مُكَافَأَةً وَلَا تَعْلِيقًا (فِي الْأَصَحِّ) مُرَاعَاةً لِقَضِيَّةِ لَفْظِهِ إذْ الْمَرْعِيُّ فِي التَّعْلِيقَاتِ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ كَمَا مَرَّ وَالثَّانِي لَا تُعْتَبَرُ الصِّفَةُ حَمْلًا عَلَى الْمُكَافَأَةِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ، وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِغَسْلِ الثِّيَابِ لَا يَحْصُلُ الْبَرُّ فِيهِ إلَّا بِغُسْلِهَا بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا الْغَسْلَ مِنْ الْوَسَخِ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ، وَكَالْوَسَخِ النَّجَاسَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَتَرَدَّدَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِي التَّعْلِيقِ بِأَنَّ بِنْتَه لَا تَجِيئُهُ فَجَاءَتْ لِبَابِهِ فَلَمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَوْ مَيِّتَةً (قَوْلُهُ: حَمْلُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ غَالِبًا) أَيْ حَالَ النَّوْمِ وَالْغَيْبَةِ (قَوْلُهُ قُبِلَ مِنْهُ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اطَّرَدَ عُمِلَ بِهِ) وَمَحَلُّ الْعَمَلِ بِهِمَا حَيْثُ لَمْ يُعَارِضْهُمَا وَضْعٌ شَرْعِيٌّ وَإِلَّا قُدِّمَ، فَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي لَمْ يَحْنَثْ بِالدُّعَاءِ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهَا لُغَةً لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ شَرْعًا لِلْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ، وَفِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ ثُمَّ هُوَ: أَيْ اللَّفْظُ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الْمُخَاطِبِ: أَيْ بِكَسْرِ الطَّاءِ، فَفِي الشَّرْعِ الشَّرْعِيُّ لِأَنَّهُ عُرْفُهُ ثُمَّ الْعُرْفِيُّ الْعَامُّ ثُمَّ اللُّغَوِيُّ اهـ. وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَ اهـ سم عَلَى حَجّ.

. (قَوْلُهُ: بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا الْغُسْلَ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: هَذَا إنْ اضْطَرَبَ فَإِنْ اطَّرَدَ عُمِلَ بِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْغَزَالِيَّ يَمِيلَانِ إلَى الْعُرْفِ وَإِنْ اضْطَرَبَ وَفِيهِ مَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَصْحَابَ إنَّمَا يَمِيلُونَ إلَى الْعُرْفِ عِنْدَ اضْطِرَادِهِ إذَا كَانَ قَوِيًّا كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الشِّهَابِ حَجّ وَأَمَّا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، فَيَمِيلَانِ إلَيْهِ حَيْثُ اضْطَرَدَ وَإِنْ لَمْ يَقْوَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ) أَيْ فِي اضْطِرَادِ الْعُرْفِ وَاضْطِرَابِهِ

(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ.) صَرِيحٌ هَذَا أَنَّ هَذَا الْبَعْضَ إنَّمَا أُخِذَ مِنْ مَأْخَذِ الضَّعِيفِ لِأَنَّهُ الَّذِي عُوِّلَ عَلَى الْعُرْفِ، فَيَكُونُ الْأَخْذُ ضَعِيفًا وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي التُّحْفَةِ وَعِبَارَتُهَا عَقِبَ الْمَتْنِ نَصُّهَا؛ إذْ الْمُرْعَى فِي التَّعْلِيقَاتِ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ لَا الْعُرْفِيُّ إلَّا إذَا قَوِيَ وَاطَّرَدَ لِمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ، وَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ أَخَذَ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِغَسْلِ الثِّيَابِ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>