للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا أَوْ أَسْلَمُوا فَنُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ كَمَا نُقِرُّهُمْ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ بَلْ أَوْلَى.

(وَتَخْتَصُّ الرَّجْعَةُ بِمَوْطُوءَةٍ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَمِثْلُهَا مُسْتَدْخِلَةُ مَائِهِ الْمُحْتَرَمِ عَلَى الْأَصَحِّ إذْ لَا عِدَّةَ عَلَى غَيْرِهَا، وَالرَّجْعَةُ شَرْطُهَا الْعِدَّةُ (طَلُقَتْ) بِخِلَافِ الْمَفْسُوخِ نِكَاحُهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا أُنِيطَتْ فِي الْقُرْآنِ بِالطَّلَاقِ، وَلِأَنَّ الْفَسْخَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ، وَالطَّلَاقُ الْمُقَرُّ بِهِ أَوْ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ يُحْمَلُ عَلَى الرَّجْعِيِّ مَا لَمْ يُعْلَمْ خِلَافُهُ (بِلَا عِوَضٍ) بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ بِعِوَضٍ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِمَا بَذَلَتْهُ (لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا) فَإِنْ اسْتَوْفَى لَمْ تَحِلَّ إلَّا بِمُحَلِّلٍ (بَاقِيَةً فِي الْعِدَّةِ) فَتَمْتَنِعُ بَعْدَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] فَلَوْ ثَبَتَتْ الرَّجْعَةُ بَعْدَ الْعِدَّةِ لَمَا أُبِيحَ النِّكَاحُ، وَالْمُرَادُ عِدَّةُ الطَّلَاقِ فَلَوْ وَطِئَهَا فِيهَا لَمْ يُرَاجِعْ إلَّا فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا كَمَا يَذْكُرُهُ وَيَلْحَقُ بِهَا مَا قَبْلَهَا: فَلَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَحَمَلَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا حَلَّتْ لَهُ الرَّجْعَةُ فِي عِدَّةِ الْحَمْلِ السَّابِقَةِ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا عَاشَرَهَا فِي عِدَّةِ طَلَاقِهَا الرَّجْعِيِّ. وَأَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا الْأَصْلِيَّةِ وَإِنْ لَحِقَهَا الطَّلَاقُ (مَحَلٌّ لِحِلٍّ) أَيْ قَابِلَةٌ لَأَنْ تَحِلَّ لِلْمُرَاجِعِ، وَهَذَا لِكَوْنِهِ أَعَمَّ يُغْنِي عَنْ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا فَذِكْرُهُ إيضَاحٌ (لَا) مُطَلَّقَةٌ أَسْلَمَتْ فَرَاجَعَهَا فِي كُفْرِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدُ وَلَا (مُرْتَدَّةٌ) أَسْلَمَتْ بَعْدُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّجْعَةُ الْحِلُّ وَالرِّدَّةُ تُنَافِيهِ وَصَحَّتْ رَجْعَةُ الْمُحْرِمَةِ لِإِفَادَتِهَا نَوْعًا مِنْ الْحِلِّ كَالنَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ.

(وَإِذَا) (ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّةِ أَشْهُرٍ) لِكَوْنِهَا آيِسَةً أَوْ لَمْ تَحِضْ أَصْلًا (وَأَنْكَرَ) (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِرُجُوعِ اخْتِلَافِهِمَا إلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ وَهُوَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَصْلِهِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ إذْ مَنْ قُبِلَ فِي شَيْءٍ قُبِلَ فِي صِفَتِهِ وَإِنَّمَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي الْعَكْسِ كَطَلَّقْتُكِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ بَلْ فِي شَوَّالٍ لِتَغْلِيظِهَا عَلَى نَفْسِهَا بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، نَعَمْ تُقْبَلُ هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ النَّفَقَةِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْكَافِي وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَوَّلًا مِنْ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِ فِي خُصُوصِ مَا قَلَّدَهُ فِيهِ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الْعَمَلِ بِالْآثَارِ، أَمَّا لَوْ رَجَعَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ خُصُوصِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ الْعَمَلُ بِهَا لَأَنْ لَوْ قُلْنَا إنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ رُجُوعُهُ عَنْ مَذْهَبِهِ إلَى غَيْرِهِ اعْتِقَادَ خَطَئِهِ فِي جَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ لَزِمَ بُطْلَانُ التَّقْلِيدِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ أَرَادَ التَّقْلِيدَ فِيهَا مِنْ مَذْهَبٍ مُخَالِفٍ لِمَنْ أَرَادَ تَقْلِيدَهُ. وَقَوْلُهُ كَحَنَفِيٍّ أَخَذَ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ عَمَلًا بِمَذْهَبِهِ ثُمَّ تَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ إلَخْ صُورَتُهَا أَنْ يَأْخُذَ دَارًا بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ ثُمَّ يَشْتَرِيَ دَارًا أُخْرَى فَيُرِيدُ جَارُهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَيَمْتَنِعُ مِنْ تَمْكِينِهِ تَقْلِيدًا لِلشَّافِعِيِّ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الدَّارِ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الدُّبْرِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا بِأَنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْوَطْءِ فِي الدُّبْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ) أَيْ وَلَوْ بِتَطْلِيقِ الْقَاضِي عَلَى الْمَوْلَى وَيَكْفِي فِي تَخْلِيصِهَا مِنْهُ أَصْلُ الطَّلَاقِ فَلَا يُقَالُ مَا فَائِدَةُ طَلَاقِ الْقَاضِي حَيْثُ جَازَتْ الرَّجْعَةُ مِنْ الْمَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْفَسْخَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ) قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ طَلَاقَ الْقَاضِي عَلَى الْمَوْلَى شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الرَّجْعَةِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ أَصْلَ الطَّلَاقِ لَيْسَ مَشْرُوعًا لِذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَنَّ بَعْضَ جُزْئِيَّاتِهِ شُرِعَ لَهُ بِخِلَافِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: بِلَا عِوَضٍ) أَيْ وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَك (قَوْلُهُ: فَتَمْتَنِعُ بَعْدَهَا) أَيْ وَكَذَا مَعَهَا ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ (قَوْلُهُ: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] أَيْ تَمْنَعُوهُنَّ (قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِهَا) أَيْ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ فِي عِدَّةِ الْحَمْلِ السَّابِقَةِ) أَيْ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّمَتُّعُ بِهَا مَا دَامَتْ حَامِلًا، فَلَوْ لَمْ يُرَاجِعْ حَتَّى وَضَعَتْ وَرَاجَعَ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ أَيْضًا لِوُقُوعِهَا فِي عِدَّتِهِ.

(قَوْلُهُ إذْ مَنْ قُبِلَ فِي شَيْءٍ) أَيْ إذْ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي شَيْءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تُقْبَلُ إلَخْ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِمَا بَذَلَتْهُ) الْأُولَى بِمَا أَخَذَهُ لِيَشْمَلَ خُلْعَ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ الْحَمْلِ السَّابِقَةِ إلَخْ.) لَوْ قَالَ الْمَتْنُ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا لَشَمِلَ هَذِهِ الصُّورَةَ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ تَقْبَلُ هِيَ إلَخْ.) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالتَّغْلِيظِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>