وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَدَوَامُ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ، وَيُقْبَلُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ حِلِّ أُخْتِهَا، وَلَوْ مَاتَ فَقَالَتْ انْقَضَتْ فِي حَيَاتِهِ لَزِمَهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَلَا تَرِثُهُ، وَقَيَّدَهُ الْقَفَّالُ بِالرَّجْعِيِّ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ قَبُولَهَا فِي الْبَائِنِ، وَلَوْ مَاتَتْ فَقَالَ وَارِثُهَا انْقَضَتْ وَأَنْكَرَ الْمُطَلِّقُ لِيَرِثَهَا اتَّجَهَ تَصْدِيقُ الْمُطَلِّقِ فِي الْأَشْهُرِ، وَالْوَارِثِ فِيمَا عَدَاهَا كَمَا فِي الْحَيَاةِ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِهِ وَالْقَوْلِ بِعَدَمِهِ (أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ لِمُدَّةِ إمْكَانٍ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ لَا آيِسَةٌ) وَصَغِيرَةٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَحَذَفَهَا لِعَدَمِ تَأَتِّي اخْتِلَافٍ مَعَهَا (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينٍ) مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ دُونَ نَحْوِ نَسَبٍ وَاسْتِيلَادٍ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى مَا فِي رَحِمِهَا، وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تَتَعَسَّرُ أَوْ تَتَعَذَّرُ عَلَى الْوِلَادَةِ، وَالثَّانِي لَا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةٌ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الْقَوَابِلَ قَدْ يَشْهَدْنَ بِالْوِلَادَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْحَمْلِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ فَرَاجَعَهَا صَحَّتْ الرَّجْعَةُ، وَلَوْ وَلَدَتْ ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَسَيَأْتِي، وَأَمَّا الْآيِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ فَإِنَّهُمَا لَا يَحْبَلَانِ، وَكَذَا مِنْ لَمْ تَحِضْ، وَلَا يُنَافِيهِ إمْكَانُ حَبَلِهَا لِأَنَّهُ نَادِرٌ.
(وَلَوْ) (ادَّعَتْ وِلَادَةَ وَلَدٍ تَامٍّ) فِي الصُّورَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ (فَإِمْكَانُهُ) أَيْ أَقَلُّهُ (سِتَّةُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا صُدِّقَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ) أَيْ بَدَلُ قَوْلِهِ لِتَغْلِيظِهَا عَلَى نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نَعَمْ تُقْبَلُ هِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَالَتْ) أَيْ الرَّجْعِيَّةُ (قَوْلُهُ وقَيَّدَهُ الْقَفَّالُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ) لَعَلَّ هَذَا الْأَخْذَ مُتَعَيِّنٌ لِأَنَّا وَإِنْ تَحَقَّقْنَا بَقَاءَ الْعِدَّةِ فِي الْبَائِنِ لَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَتْ) أَيْ الرَّجْعِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَالْوَارِثُ) أَيْ حَيْثُ ادَّعَاهُ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَاهَا) أَيْ مِنْ الْحَمْلِ وَالْأَقْرَاءِ (قَوْلُهُ: بِتَصْدِيقِهِ) أَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَصَغِيرَةٌ) أَيْ لَمْ تَبْلُغْ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ الْحَمْلُ، أَمَّا مَنْ بَلَغَتْ وَلَمْ تَحِضْ فَهِيَ كَالصَّغِيرَةِ وَلَيْسَتْ صَغِيرَةً كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَحَذَفَهَا) أَيْ الصَّغِيرَةَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى مَا فِي رَحِمِهَا) تَعْلِيلٌ لِتَصْدِيقِهَا بِالنِّسْبَةِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَلَمْ يُعَلِّلْ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي النَّسَبِ وَالِاسْتِيلَادِ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ جَارِيَةٌ فِيهِمَا فَكَانَ الْقِيَاسُ الْقَبُولَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ النَّسَبُ وَالْوِلَادَةُ مُتَعَلِّقَيْنِ بِالْغَيْرِ وَأَمْكَنَتْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا فِيهِمَا، بِخِلَافِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِتَعَلُّقِهَا بِهَا فَصُدِّقَتْ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْحَمْلِ) هَلْ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ بَقَاءُ الشَّعْرِ وَحْدَهُ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهِ بَقِيَ مُعَلَّقًا بِهِ فَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ وَكَوْنِهِ انْفَصَلَ عَنْهُ فَلَا تَصِحُّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ صُدِّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْفَصِلْ بِتَمَامِهِ لِشَغْلِ الرَّحِمِ بِشَيْءٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِمُدَّةِ إمْكَانٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا لَا يَحْبَلَانِ) أَيْ فَلَا يُصَدَّقَانِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْأَمَةِ مَا لَمْ تُضِفْهُ إلَى وَقْتٍ يَتَأَتَّى حَمْلُهَا فِيهِ كَأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا حَامِلٌ قَبْلَ سِنِّ الْيَأْسِ بِزَمَنٍ يُمْكِنُ إضَافَةُ الْحَمْلِ الَّذِي ادَّعَتْ وَضْعَهُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ) صَرَّحَ بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ بِالتَّامِّ تَامَّ الْخِلْقَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ نَقَصَ بَعْضُ أَعْضَائِهِ كَانَ حُكْمُهُ مُخَالِفًا
[حاشية الرشيدي]
فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ قَبُولَهَا فِي الْبَائِنِ) وَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَزِمَهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ هُوَ فَرْعُ عَدَمِ قَبُولِهَا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَقَدْ قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ بِالرَّجْعِيَّةِ فَاقْتَضَى الْقَبُولَ فِي الْبَائِنِ، وَلَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُفَصِّلَ أَنَّهَا بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالْأَشْهُرِ أَوْ بِالْحَمْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ، أَمَّا إذَا عَيَّنَتْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَيَجْرِي فِيهِ حُكْمُهُ الْمُقَرَّرُ فِي كَلَامِهِمْ وَيُحْتَمَلُ قَبُولُهَا مُطْلَقًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْحَمْلِ) إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا تُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا تُصَدَّقُ فِيهِ لَا فِيمَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي) أَيْ فِي الْمَتْنِ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْآيِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ إلَخْ.) كَانَ الْأَخْصَرُ مِنْ هَذَا وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ الْمَتْنِ لَا آيِسَةٌ وَقَوْلُهُ: وَعَقِبَهُ وَصَغِيرَةٌ مَا نَصُّهُ: إذْ لَا تَحْبَلَانِ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّامِّ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute