للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا إنْ وَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ عَلَى قِيَاسِ مَا فَسَّرَ بِهِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ} [الجمعة: ٦] الْآيَةَ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ شَرْطُ الْجُمْلَةِ الثَّانِي وَجَزَاؤُهُ، وَيُعْتَبَرُ عَنْ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي الْإِيلَاءِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ مَا يَصِيرُ بِهِ مُولِيًا وَمَا لَا يَصِيرُ، وَأَمَّا تَحْقِيقُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعِتْقُ فَإِنَّمَا جَاءَ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَالْمَقْصُودُ غَيْرُهُ فَيُؤْخَذُ تَحْقِيقُهُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الطَّلَاقِ، وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْإِيلَاءِ، فَحَيْثُ اقْتَضَى التَّعْلِيقُ تَقْدِيمَ الظِّهَارِ وَتَعْلِيقَ الْعِتْقِ بَعْدَهُ بِالْوَطْءِ كَانَ إيلَاءً وَإِلَّا فَلَا، وَذَلِكَ الِاقْتِضَاءُ قَدْ يَكُونُ بِنِيَّةِ الْمُولِي وَقَدْ يَكُونُ بِقَرِينَةٍ فِي كَلَامِهِ وَقَدْ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ دَلَالَةٍ لَفْظِيَّةٍ.

(أَوْ) قَالَ (إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ) (فَمُولٍ) لِأَنَّ طَلَاقَ الضَّرَّةِ الْوَاقِعَ بِوَطْءِ الْمُخَاطَبَةِ يَضُرُّهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمِثْلُهُ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ طَلَاقُ ضَرَّتِك أَوْ طَلَاقُك بِنَاءً عَلَى مَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي النَّذْرِ أَنَّ فِيهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ لَكِنَّهُمَا جَرَيَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ فَحِينَئِذٍ لَا إيلَاءَ اهـ (فَإِنْ وَطِئَ) فِي الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا (طَلُقَتْ الضَّرَّةُ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَزَالَ الْإِيلَاءُ) إذْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِوَطْئِهَا بَعْدُ وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا وَعَلَيْهِ النَّزْعُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حِينَئِذٍ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ يَقَعُ فِي النِّكَاحِ وَالنَّزْعُ بَعْدَ الطَّلَاقِ تَرْكٌ لِلْوَطْءِ، وَهُوَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ لِكَوْنِهِ وَاحِدًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ النَّزْعِ عَيْنًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَالْوَاجِبُ النَّزْعُ أَوْ الرَّجْعَةُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ إنْ وَطِئَ بَعْدَ الظِّهَارِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ بِالْوَطْءِ (قَوْلُهُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ) كَتَبَ بِهَامِشِهِ بِإِزَائِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ بِرّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ إنْ وَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ، إذْ كَيْفَ يُقَالُ إنَّ الْإِيلَاءَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْوَطْءِ ثُمَّ الظِّهَارِ وَلَعَلَّهُ انْتَقَلَ نَظَرُهُ مِنْ الْعِتْقِ إلَى الْإِيلَاءِ اهـ. وَكَأَنَّ وَجْهَ تَوَقُّفِهِ فِيهِ إنَّ مُقْتَضَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ بِالْآيَةِ اعْتِبَارُ تَقَدُّمِ الْوَطْءِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِلْإِيلَاءِ لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْوَطْءُ لَمْ يَبْقَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ وَإِذَا حَصَلَ الظِّهَارُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَذَرُ عَنْ الْأَصْحَابِ) أَيْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ إذَا ظَاهَرَ مُولِيًا وَحِينَئِذٍ يَعْتِقُ بِالْوَطْءِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ دَلَالَةٍ لَفْظِيَّةٍ) أَيْ وَمَا هُنَا مِنْ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ) مُعْتَمَدُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَفْهُومٌ مِنْ تَقْدِيمِ الشَّارِحِ لَهُ عَلَى عَادَتِهِ (قَوْلُهُ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ طَلَاقُ) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ إذَا وَطِئَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ، بَلْ الْوَاجِبُ إمَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى مَا فِي النَّذْرِ أَوْ عَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى مَا هُنَا، وَبَقِيَ احْتِمَالٌ ثَالِثٌ وَهُوَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِتَقْدِيرِ الْوَطْءِ لِأَنَّ مَضْمُونَ كَلَامِهِ تَعْلِيقُ طَلَاقِ ضَرَّتِهَا أَوْ طَلَاقِهَا عَلَى وَطْئِهَا فَهَلَّا قِيلَ بِهِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ طَلَّقْتُك وَأَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وَيَا طَالِقُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ صَرِيحٌ، قَالَ وَكَذَا الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي إذَا خَلَا عَنْ تَعْلِيقٍ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ: أَيْ الْوَالِدُ آخِرًا فِي فَتَاوِيهِ اهـ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ التَّنْجِيزَ يُخَالِفُ حُكْمَ التَّعْلِيقِ فِيمَا ذَكَرَ، وَعَلَيْهِ فَعَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ هُنَا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى التَّعْلِيقِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى وَجْهِ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالتَّنْجِيزِ، وَقَدْ يُقَالُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ صِيغَةَ الِالْتِزَامِ لَا تَقْتَضِي وُقُوعًا بِذَاتِهَا، وَلَكِنَّهُ لُوحِظَ فِي التَّنْجِيزِ إخْرَاجُهَا عَنْ صُورَةِ الِالْتِزَامِ وَحَمْلُهَا عَلَى الْإِيقَاعِ دُونَ الِالْتِزَامِ لِقَرِينَةِ أَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ كَثِيرًا لِلْإِيقَاعِ، وَالْتِزَامُهُ لِمَا لَمْ يُعْهَدْ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنَى الْإِيقَاعِ بَقِيَ عَلَى أَصْلِهِ فَأُلْغِيَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْإِيقَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ) أَيْ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) هُوَ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ النَّزْعُ بِتَغْيِيبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الرَّجْعَةُ) قَدْ يُقَالُ اسْتِعْمَالُ الرَّجْعَةِ قَبْلَ النَّزْعِ اسْتِدَامَةٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا إنْ وَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ) لَعَلَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يُعْتَقُ إنْ وَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ، وَإِلَّا فَمَا مَعْنَى الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُولٍ بَعْدُ وَقَوْلُ الشَّرْطَيْنِ الْوَطْءُ وَالظِّهَارُ الْمُوجَبَيْنِ لِحُصُولِ الْعِتْقِ عَقِبَ آخِرِهِمَا، ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَمِيرَةَ سَبَقَ إلَى هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>