بِأَنَّهُمْ إنَّمَا حَكَمُوا بِإِيلَائِهِ مِنْ كُلِّهِنَّ ابْتِدَاءً فَقَطْ، لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِيهِ سَوَاءٌ أَقُلْنَا إنَّ عُمُومَهُ بَدَلِيٌّ أَوْ شُمُولِيٌّ وَأَمَّا إذَا وَطِئَ إحْدَاهُنَّ فَلَا يُحْكَمُ بِالْعُمُومِ الشُّمُولِيِّ حِينَئِذٍ حَتَّى تَتَعَدَّدَ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ يُعَارِضُهُ أَصْلُ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْهَا بِوَطْءٍ مَنْ بَعْدَ الْأُولَى، وَيُسَاعِدُ هَذَا الْأَصْلَ تَرَدُّدُ اللَّفْظِ بَيْنَ الْعُمُومِ الْبَدَلِيِّ وَالشُّمُولِيِّ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الشُّمُولِيِّ فَلَمْ تَجِبْ كَفَّارَةٌ أُخْرَى بِالشَّكِّ، وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِهَا ارْتِفَاعُ الْإِيلَاءِ، وَلَا نَظَرَ لِنِيَّةِ الْكُلِّ فِي الْأُولَى وَلَا لَفْظِ كُلٍّ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّارِعُ فَلَمْ تَتَعَدَّدْ إلَّا بِمَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْحِنْثِ نَصًّا وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا.
(وَلَوْ) (قَالَ) وَاَللَّهِ (لَا أُجَامِعُك) سَنَةً أَوْ (إلَى سَنَةٍ) وَأَرَادَ سَنَةً كَامِلَةً أَوْ أَطْلَقَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (إلَّا مَرَّةً) وَأَطْلَقَ (فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْحَالِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ لَا حِنْثَ بِوَطْئِهِ مَرَّةً لِاسْتِثْنَائِهَا أَوْ السَّنَةَ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا عِنْدَ الْحَلِفِ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ فَإِيلَاءٌ وَإِلَّا فَلَا (فَإِنْ وَطِئَ وَبَقِيَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ السَّنَةِ (أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَمُولٍ) مِنْ يَوْمِئِذٍ لِحِنْثِهِ بِهِ فَحِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ مِنْهُ، أَوْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَقَلُّ فَحَالِفٌ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ انْحَلَّ الْإِيلَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَا نَظَرَ لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ وَطْأَهُ مَرَّةً لِأَنَّ الْقَصْدَ مَنْعُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا لَا إيجَادُهَا. وَالثَّانِي هُوَ مُولٍ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ بِالْوَطْءِ مَرَّةً يَقْرُبُ مِنْ الْحِنْثِ، وَعَلَيْهِ فَلَا مُطَالَبَةَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَإِنْ وَطِئَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْوَطْأَةَ الْوَاحِدَةَ مُسْتَثْنَاةٌ، وَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ ثَانِيًا إنْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، وَلَوْ قَالَ السَّنَةَ بِالتَّعْرِيفِ اقْتَضَى الْحَاضِرَةَ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ وَطْئِهِ الْعَدَدُ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ كَانَ مُولِيًا وَإِلَّا فَلَا، أَوْ قَالَ لَا أَصَبْتُك إنْ شِئْت وَأَرَادَ مَشِيئَتَهَا الْجِمَاعَ أَوْ الْإِيلَادَ فَقَالَتْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ مِنْ التَّسْوِيَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: إنَّ عُمُومَهُ بَدَلِيٌّ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ امْتِنَاعُهُ صَادِقًا بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بَدَلَ الْأُخْرَى بِأَنْ يُحْمَلُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَمْ شُمُولِيٌّ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ لَا أَطَأُ هَذِهِ وَلَا هَذِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا وَطِئَ) مِنْ تَتِمَّةِ التَّوْجِيهِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا مَرَّةً وَأَطْلَقَ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَصَدَ أَنَّهُ يَطَؤُهَا مَرَّةً لَا أَكْثَرَ، فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَطَأْ حَنِثَ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ.
[فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَمَّا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى صَدِيقِهِ أَنَّهُ لَا يَبِيتُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَحَدٍ إلَّا عِنْدَهُ فَمَضَتْ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يَبِتْ عِنْدَهُ: أَيْ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ بَاتَ عِنْدَ غَيْرِهِ حَنِثَ لِأَنَّ الْمَبِيتَ عِنْدَ غَيْرِهِ هُوَ الْمَمْنُوعُ مِنْهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِنْهُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ كَمَا نَقَلَهُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مُعْتَمَدٌ، وَهُوَ حِينَئِذٍ نَظِيرُ مَا ذَكَرَ هُنَا عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فِي مَسْأَلَةٍ الشَّكْوَى، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَا يَبِيتُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَحَدٍ إلَّا عِنْدَهُ، فَالْغَرَضُ وَالْقَصْدُ نَفْيُ الْمَبِيتِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ غَيْرِهِ لَا إيجَادُ الْمَبِيتِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عِنْدَهُ. فَإِنْ قُلْت: أَحَدٍ فِي قَوْلِكُمْ لَا أَبِيتُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَحَدٍ شَامِلٌ لِنَفْسِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَحَدٌ، فَإِذَا بَاتَ فِي بَيْتِ نَفْسِهِ فَقَدْ بَاتَ عِنْدَ أَحَدٍ غَيْرِ الْحَالِفِ فَيَنْبَغِي الْحِنْثُ. قُلْت: قَضِيَّةُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَقَرَّهُ الْعِرَاقِيُّ وَبَيَّنَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ ذَلِكَ مُعْتَمَدٌ أَنَّهُ لَا الْتِفَاتَ إلَى ذَلِكَ الشُّمُولِ، وَكَأَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُرَادُ فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ بِأَحَدٍ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إلَّا غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، هَذَا هُوَ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ السَّنَةِ) كَذَا فِي نُسْخَةٍ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهَا لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ السَّنَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الثَّانِي
[حاشية الرشيدي]
وَبَيَّنَ فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ صُورَةَ جَوَابِ الْبُلْقِينِيِّ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ السَّنَةَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ سَنَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا عِنْدَ الْحَلِفِ إلَخْ.) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَا أُجَامِعُ السَّنَةَ وَلَمْ يَأْتِ بِاسْتِثْنَاءٍ وَإِنْ أَبَى السِّيَاقُ هَذَا وَإِلَّا فَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَسْأَلَةُ مَا إذَا اسْتَثْنَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute