للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِأَنْ تَصُومَ امْرَأَةٌ عَنْ مُظَاهِرٍ مَيِّتٍ قَرِيبٍ لَهَا أَوْ بِإِذْنِ قَرِيبِهِ أَوْ بِوَصِيَّتِهِ (بِحَيْضٍ) مِمَّنْ لَمْ تَعْتَدْ انْقِطَاعَهُ شَهْرَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ شَهْرٌ غَالِبًا، وَتَكْلِيفُهَا الصَّبْرَ لِسِنِّ الْيَأْسِ خَطَرٌ. أَمَّا إذَا اعْتَادَتْ ذَلِكَ فَشَرَعَتْ فِي وَقْتٍ يَتَخَلَّلُهُ الْحَيْضُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ، نَعَمْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ إلْحَاقُهُمْ النِّفَاسَ بِالْحَيْضِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَادَةَ فِي مَجِيءِ الْحَيْضِ أَضْبَطُ مِنْهَا فِي مَجِيءِ النِّفَاسِ (وَكَذَا) (جُنُونٌ) فَاتَ بِهِ يَوْمٌ فَأَكْثَرُ لَا يَضُرُّ فِي التَّتَابُعِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ وَيَأْتِي فِي الْجُنُونِ الْمُتَقَطِّعِ، مَا مَرَّ عَنْ الذَّخَائِرِ وَالْإِغْمَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ كَالْجُنُونِ، وَلَوْ صَامَ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ أَوْ بِنِيَّتِهِمَا بَطَلَ صَوْمُهُ وَيَأْثَمُ بِقَطْعِ صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ لِيَسْتَأْنِفْ إذْ هُمَا كَصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ وَطِئَ الْمُظَاهِرُ فِيهِمَا لَيْلًا عَصَى وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَا الْمَرَضِ.

(فَإِنْ) (عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ) أَوْ تَتَابُعِهِ (بِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ عَلَى مَا قِيلَ (قَالَ الْأَكْثَرُونَ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ) وَقَالَ الْأَقَلُّونَ كَالْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ يُعْتَبَرُ دَوَامُهُ فِي ظَنِّهِ مُدَّةَ شَهْرَيْنِ بِالْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي مِثْلِهِ أَوْ بِقَوْلِ الْأَطِبَّاءِ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِ عَدْلٍ مِنْهُمْ (أَوْ لَحِقَهُ بِالصَّوْمِ) أَوْ تَتَابُعِهِ (مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) أَيْ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَلَوْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُؤَيِّدُهُ تَمْثِيلُهُمْ لَهَا بِالشَّبَقِ. نَعَمْ غَلَبَةُ الْجُوعِ لَيْسَتْ عُذْرًا عَنْ ابْتِدَاءِ عَقْدِهِ حِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ فِي الصَّوْمِ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْهُ أَفْطَرَ وَانْتَقَلَ لِلْإِطْعَامِ، بِخِلَافِ الشَّبَقِ لِوُجُودِهِ عِنْدَ الشُّرُوعِ إذْ هُوَ شِدَّةُ الْغُلْمَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عُذْرًا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ فِي الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ دُونَ الصَّيْفِ فَلَهُ الْعُدُولُ إلَى الْإِطْعَامِ لِعَجْزِهِ الْآنَ عَنْ الصَّوْمِ، كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ الْآنَ وَعَرَفَ أَنَّهُ لَوْ صَبَرَ قَدَرَ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ الْعُدُولُ إلَى الصَّوْمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (أَوْ خَافَ زِيَادَةَ مَرَضٍ كَفَّرَ) فِي غَيْرِ الْقَتْلِ كَمَا يَأْتِي (بِإِطْعَامِ) أَيْ تَمْلِيكٍ وَآثَرَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ لَفْظُ الْقُرْآنِ فَحَسْبُ إذْ لَا يُجْزِئُ حَقِيقَةُ إطْعَامٍ.

وَقِيَاسُ الزَّكَاةِ الِاكْتِفَاءُ بِالدَّفْعِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ لَفْظُ تَمْلِيكٍ، وَاقْتِضَاءُ الرَّوْضَةِ اشْتِرَاطَهُ اسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، عَلَى أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ كَمَا يُعْرَفُ بِتَأَمُّلِهَا (سِتِّينَ مِسْكِينًا) لِلْآيَةِ لَا أَقَلَّ حَتَّى لَوْ دَفَعَ لِوَاحِدٍ سِتِّينَ مُدًّا فِي سِتِّينَ يَوْمًا لَمْ يُجْزِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَمَعَ السِّتِّينَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَيُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ هُنَا وَيُتَصَوَّرُ إلَخْ مُجَرَّدُ تَأَتِّي صَوْمِهَا عَنْ الظِّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِصِفَةِ التَّتَابُعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُشْكِلُ) أَيْ مَعَ اعْتِيَادِ انْقِطَاعِهِ شَهْرَيْنِ فَأَكْثَرَ بَلْ مَعَ لُزُومِ انْقِطَاعِهِ مَا ذَكَرَ: أَيْ شَهْرَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ بِالْحَيْضِ: أَيْ فِي أَنْ لَا يَنْقَطِعَ: أَيْ فَكَيْفَ اُغْتُفِرَ مَعَ اعْتِيَادِ انْقِطَاعِهِ مَا ذَكَرَ وَلَمْ يُغْتَفَرْ الْحَيْضُ عِنْدَ اعْتِيَادِ انْقِطَاعِهِ مَا ذَكَرَ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: أَضْبَطُ مِنْهَا فِي مَجِيءِ النِّفَاسِ) أَيْ فَلَهَا الشُّرُوعُ فِي الصَّوْمِ قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا طُرُوُّ النِّفَاسِ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الصَّوْمِ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَ الْإِجْزَاءُ وَإِنْ أَخَّرَتْ ابْتِدَاءَ الصَّوْمِ عَنْ أَوَّلِ الْحَمْلِ مَعَ إمْكَانِ فِعْلِهَا فِيهِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهَا لَوْ شَرَعَتْ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ لَا تَأْمَنُ حُصُولَ إجْهَاضٍ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا جُنُونٌ) وَلَوْ أَمَرَهُمْ الْإِمَامُ بِالصَّوْمِ لِلِاسْتِسْقَاءِ فَصَادَفَ ذَلِكَ صَوْمًا عَنْ كَفَّارَةٍ مُتَتَابِعَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصُومَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَيَحْصُلَ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنْ شُغْلِ الْأَيَّامِ بِالصَّوْمِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ، وَعِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ إنْ انْقَطَعَ جَاءَ فِيهِ تَفْصِيلُ الْحَيْضِ.

(قَوْلُهُ: عَنْ ابْتِدَاءِ عَقْدِهِ) أَيْ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عُذْرًا) أَيْ الشَّبَقُ (قَوْلُهُ: فَحَسْبُ) أَيْ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ لَفْظُ تَمْلِيكٍ مُعْتَمَدٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعَادَةَ فِي مَجِيءِ الْحَيْضِ أَضْبَطُ) وَقَدْ يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ النِّفَاسَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ قَطْعُ التَّتَابُعِ وَإِنْ شَرَعَتْ فِيهِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَمْلِ لِاحْتِمَالِ وِلَادَتِهَا لَيْلًا وَنِفَاسُهَا لَحْظَةٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ عَنْ الذَّخَائِرِ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالْإِغْمَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ) أَيْ لِجَمِيعِ النَّهَارِ إذْ غَيْرُهُ بِأَنْ أَفَاقَ فِي النَّهَارِ وَلَوْ لَحْظَةً لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ كَمَا مَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>