للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَضَعَ الطَّعَامَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَقَالَ مَلَّكْتُكُمْ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالسَّوِيَّةِ فَقَبِلُوهُ وَلَهُمْ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ بِالتَّفَاوُتِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ خُذُوهُ وَنَوَى الْكَفَّارَةَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُجْزِئُهُ إنْ أَخَذُوهُ بِالسَّوِيَّةِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِ إلَّا مَنْ أَخَذَ مُدًّا لَا دُونَهُ.

وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَتِلْكَ بِأَنَّ الْمُمَلِّكَ ثَمَّ الْقَبُولُ الْوَاقِعُ بِالتَّسَاوِي قَبْلَ الْأَخْذِ وَهُنَا لَا مُمَلِّكَ إلَّا الْأَخْذُ فَاشْتُرِطَ التَّسَاوِي فِيهِ (أَوْ فَقِيرًا) لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا أَوْ الْبَعْضُ فُقَرَاءُ وَالْبَعْضُ مَسَاكِينُ، وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى صَوْمٍ أَوْ عِتْقٍ بَعْدَ الْإِطْعَامِ وَلَوْ لِمُدَّةٍ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ فَقَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ (لَا كَافِرًا) وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَلَا مَكْفِيًّا بِنَفَقَةِ غَيْرِهِ وَلَا قِنًّا وَلَوْ لِلْغَيْرِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِأَنَّ الدَّفْعَ لَهُ حَقِيقَةٌ (وَلَا هَاشِمِيًّا وَمُطَّلِبِيًّا) وَنَحْوَهُمْ كَالزَّكَاةِ بِجَامِعِ التَّطْهِيرِ (سِتِّينَ مُدًّا) لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ لِأَنَّهُ صَحَّ فِي رِوَايَةٍ وَصَحَّ فِي أُخْرَى سِتُّونَ صَاعًا، وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ الصَّادِقِ بِالنَّدْبِ لِتَعَذُّرِ النَّسْخِ فَتَعَيَّنَ الْجَمْعُ بِمَا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ هُنَا (مِمَّا) أَيْ مِنْ طَعَامٍ (يَكُونُ فِطْرَةً) بِأَنْ يَكُونَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحَلِّ الْمُكَفِّرِ فِي غَالِبِ السَّنَةِ كَالْأَقِطِ وَلَوْ لِلْبَلَدِيِّ فَلَا يُجْزِئُ نَحْوُ دَقِيقٍ مِمَّا مَرَّ، نَعَمْ اللَّبَنُ يُجْزِئُ ثَمَّ لَا هُنَا عَلَى مَا وَقَعَ لَلْمُصَنِّفِ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ إجْزَاؤُهُ هُنَا أَيْضًا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُكَفِّرِ هُنَا الْمُخَاطَبُ بِالْكَفَّارَةِ لَا مَأْذُونُهُ أَوْ وَلِيُّهُ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ، ثُمَّ إنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ لَا الْمُؤَدِّي فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ فَعَلَهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الصَّوْمِ، وَلَا أَثَرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى بَعْضِ عِتْقٍ أَوْ صَوْمٍ، بِخِلَافِ بَعْضِ الطَّعَامِ وَلَوْ بَعْضَ مُدٍّ إذْ لَا بَدَلَ لَهُ فَيُخْرِجُهُ، ثُمَّ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ إلَى يَسَارِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَلَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى رَقَبَةٍ أَعْتَقَهَا عَنْ إحْدَاهُمَا وَصَامَ عَنْ الْأُخْرَى إنْ قَدَرَ وَإِلَّا أَطْعَمَ. .

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ) هِيَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ خُذُوهُ وَقَوْلُهُ وَتِلْكَ هِيَ قَوْلُهُ وَقَالَ مَلَّكْتُكُمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمُدٍّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَمْدَادِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ الْغَيْرِ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ: أَيْ الْغَيْرُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الصَّحِيحَ إجْزَاؤُهُ هُنَا أَيْضًا) أَيْ حَيْثُ يَحْصُلُ مِنْهُ سِتُّونَ مُدًّا مِنْ الْأَقِطِ كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ إلَخْ) وَيَحْصُلُ الْعَجْزُ عَنْ الْإِطْعَامِ بِعَدَمِ مَا يَفْضُلُ عَنْ كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْإِعْتَاقِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ.

(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ دَفْعِ الْكَفَّارَةِ لِلْجِنِّ هَلْ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ إجْزَاءِ دَفْعِهَا لَهُمْ، بَلْ قَدْ يُقَالُ أَيْضًا مِثْلُ الْكَفَّارَةِ النَّذْرُ وَالزَّكَاةُ أَخْذًا مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الزَّكَاةِ «صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» إذَا الظَّاهِرُ مِنْهُ فُقَرَاءُ بَنِي آدَمَ وَإِنْ احْتَمَلَ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ الصَّادِقَ بِالْجِنِّ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ أَنَّهُ جُعِلَ لِمُؤْمِنِهِمْ طَعَامٌ خَاصٌّ وَهُوَ الْعَظْمُ وَلَمْ يُجْعَلْ لَهُمْ شَيْءٌ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ الْآدَمِيُّونَ، عَلَى أَنَّا لَا نُمَيِّزُ بَيْنَ فُقَرَائِهِمْ وَأَغْنِيَائِهِمْ حَتَّى يُعْلَمَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِبَعْضِ الْخَوَاصِّ لِأَنَّا لَا نُعَوِّلُ عَلَى الْأُمُورِ النَّادِرَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَنْ الْإِعْتَاقِ أَوْ الصَّوْمِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمُدِّ أَوْ بَعْضِهِ لَا يَنْتَقِلُ لِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ الْعِتْقِ أَوْ الصَّوْمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى صَوْمٍ أَوْ عِتْقٍ إلَخْ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ النَّسْخِ إلَخْ.) يَعْنِي: لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَ الْجَمْعُ لَا يُصَارُ إلَى النَّسْخِ فَتَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>