للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زِنًا وَلِيَاطَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ قَالَ لَا فَرْقَ فِي قَوْلِهِ أَوْ دُبُرٍ بَيْنَ أَنْ يُخَاطِبَ بِهِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً كَأَوْلَجْتَ فِي دُبُرٍ أَوْ أُولِجَ فِي دُبُرِك، وَالْأَوْجَهُ قَبُولُ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ أَرَدْت بِإِيلَاجِهِ فِي الدُّبُرِ إيلَاجَهُ فِي دُبُرِ زَوْجَتِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ فَيُعَزَّرُ، وَأَنَّ يَا لُوطِيُّ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ كَوْنِهِ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ، بِخِلَافِ يَا لَائِطُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ وَيَا بُغَا كِنَايَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَكَذَا يَا مُخَنَّثُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَا قَحْبَةُ صَرِيحٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ، وَمِثْلُهُ يَا عَاهِرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَا عِلْقُ كِنَايَةٌ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ إنْ لَمْ يُرِدْ الْقَذْفَ كَمَا أَفْتَى بِهِ أَيْضًا وَلَيْسَ التَّعْرِيضُ قَذْفًا، وَبِأَنَّهُ لَوْ قَالَتْ فُلَانٌ رَاوَدَنِي عَنْ نَفْسِي أَوْ نَزَلَ إلَى بَيْتِي وَكَذَّبَهَا عُزِّرَتْ لِإِيذَائِهَا لَهُ بِذَلِكَ.

(وَزَنَأْت) بِالْهَمْزِ وَكَذَا بِأَلِفٍ بِلَا هَمْزٍ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ (فِي الْجَبَلِ كِنَايَةٌ) لِأَنَّ الزِّنَاءَ فِي الْجَبَلِ وَنَحْوِهِ هُوَ الصُّعُودُ، وَأَمَّا زَنَأْت بِالْهَمْزِ فِي الْبَيْتِ فَصَرِيحٌ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ بِمَعْنَى الصُّعُودِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ دَرَجٌ يُصْعَدُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُعْهَدُ ذَلِكَ لِلْفَسَقَةِ مِنْهُمْ كَثِيرًا فَحُمِلَ لَفْظُهُمْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ، وَاحْتِيجَ فِي صَرْفِ لَفْظِ الْقَاذِفِ عَنْ ذَلِكَ إلَى يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ بَلْ أَرَادَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ يَا لُوطِيُّ كِنَايَةٌ) خِلَافًا حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَا مُخَنَّثُ) أَيْ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَا قَحْبَةُ) لِامْرَأَةٍ (قَوْلُهُ صَرِيحٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ) أَيْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا تَفْعَلُ فِعْلَ الْقِحَابِ مِنْ كَشْفِ الْوَجْهِ وَنَحْوِ الِاخْتِلَاطِ بِالرِّجَالِ هَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْقَبُولُ لِوُقُوعِ مِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرًا، وَعَلَيْهِ فَهُوَ صَرِيحٌ يَقْبَلَ الصَّرْفَ وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: قَالَ ر م: مَا يُقَالُ بَيْنَ الْجَهَلَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ (بَلَّاعُ زُبٍّ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ صَرِيحًا فِي الرَّمْيِ بِالزِّنَا لِاحْتِمَالِ الْبَلْعِ مِنْ الْفَمِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ يَا عَاهِرُ) أَيْ لِلْأُنْثَى شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: عَهِرَ عَهَرًا مِنْ بَابِ تَعِبَ: فَجَرَ فَهُوَ عَاهِرٌ، وَعَهَرَ عُهُورًا مِنْ بَابِ قَعَدَ لُغَةً، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» أَيْ إنَّمَا يَثْبُتُ الْوَلَدُ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ وَهُوَ الزَّوْجُ، وَفِيهِ أَيْضًا فَجَرَ الْعَبْدُ فُجُورًا مِنْ بَابِ قَعَدَ: فَسَقَ وَزَنَى اهـ. وَعَلَيْهِ فَالْعَاهِرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَيُمَيَّزُ بَيْنَهُمَا بِالْهَاءِ لِلْأُنْثَى وَعَدَمِهَا لِلرَّجُلِ، وَعَلَيْهِ فَحَقُّهُ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا فِيهِمَا، أَوْ كِنَايَةً فِيهِمَا بِأَنْ يُرَادَ بِالْعَاهِرِ الْفَاجِرُ لَا بِقَيْدِ الزِّنَا، مَعَ أَنَّ تَخْصِيصَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ لَهُ بِالْأُنْثَى يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي حَقِّ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: وَيَا عِلْقُ كِنَايَةٌ) وَمِثْلُهُ يَا مَأْبُونُ وَطِنْجِيرُ وَكَخُنٍّ وَسُوسٍ رَمْلِيٍّ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَمِثْلُهُ مَخْثَانِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ أَيْضًا) لَكِنْ قَدْ يَرِدُ عَلَى وُجُوبِ التَّعْزِيرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ أَطْلَقَ وَهُوَ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ الْعِلْقَ لُغَةً، الشَّيْءُ النَّفِيسُ، وَاللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ، وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا قَالَ الشَّاطِبِيُّ فِي عَقِيلَتِهِ فِي مَقَامِ الثَّنَاءِ عَلَى الْقُرْآنِ

عِلْقٌ عَلَاقَتُهُ أَوْلَى الْعَلَائِقِ

إلَخْ قَالَ الْإِمَامُ السَّخَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ مَا حَاصِلُهُ: فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ وَصَفَ الْقُرْآنَ بِمَا ذَكَرَ مَعَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُسْتَهْجَنٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ بَلْ صَارَ عِبَارَةً عَنْ الْأَمْرِ الْمُسْتَقْبَحِ قُلْت: مَا عَلَى الْعُلَمَاءِ مِنْ اصْطِلَاحَاتِ السُّفَهَاءِ اهـ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَمَّا صَارَ مُسْتَعْمَلًا عِنْدَ السُّفَهَاءِ فِي الْمَعْنَى الْقَبِيحِ صَارَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ السَّبَّ، فَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِ حَدَّ الْقَذْفِ لِعَدَمِ صَرَاحَتِهِ فِيهِ اقْتَضَى التَّعْزِيرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ التَّعْرِيصُ) بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَذْفًا: أَيْ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً، وَيَنْبَغِي أَنَّ فِيهِ التَّعْزِيرَ لِلْإِيذَاءِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ سُكُوتِ الشَّارِحِ عَنْهُ فِيمَا يَأْتِي مَعَ ذِكْرِهِ فِي الْكِنَايَةِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: عُزِّرَتْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي مَقَامِ خُصُومَةٍ كَأَنْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ بِنَحْوِ ذَلِكَ لِتَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُعَزِّرَهُ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا زَنَأْت بِالْهَمْزِ فِي الْبَيْتِ) بَقِيَ مَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ قَالَ زَنَأْت فِي الْجَبَلِ فِي الْبَيْتِ هَلْ يَكُونُ صَرِيحًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ يَا عَاهِرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) قَالَ أَعْنِي الْوَالِدَ: فَإِنْ قَالَ الرَّجُلُ لَمْ أَعْلَمْ كَوْنَهُ قَذْفًا وَلَمْ أُنَوِّهْ بِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ لِخَفَائِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>