للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَيْهِ فِيهَا فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَرَاحَتُهُ أَيْضًا (وَكَذَا زَنَأْت) بِالْهَمْزِ (فَقَطْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ جَبَلٍ وَلَا غَيْرِهِ كِنَايَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الصُّعُودُ. وَالثَّانِي أَنَّهُ صَرِيحٌ وَالْيَاءُ قَدْ تُبْدَلُ هَمْزَةً. وَالثَّالِثُ إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فَصَرِيحٌ (وَزَنَيْت) بِالْيَاءِ (فِي الْجَبَلِ صَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ) لِظُهُورِهِ فِيهِ وَذِكْرُ الْجَبَلِ لِبَيَانِ مَحَلِّهِ فَلَا يَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ وَإِنَابَةُ الْيَاءِ عَنْ الْهَمْزَةِ خِلَافُ الْأَصْلِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ. وَالثَّالِثُ إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ فَصَرِيحٌ مِنْهُ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ، وَلَوْ قَالَ يَا زَانِيَةُ فِي الْجَبَلِ فَكِنَايَةٌ كَمَا قَالَاهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَمَا مَرَّ بِأَنَّ النِّدَاءَ يُسْتَعْمَلُ لِذَلِكَ كَثِيرًا فِي الصُّعُودِ، بِخِلَافِ زَنَيْت فِيهِ بِالْيَاءِ.

(وَقَوْلُهُ) لِلرَّجُلِ (يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ) يَا خَبِيثُ (وَلَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (يَا خَبِيثَةُ) يَا فَاجِرَةُ يَا فَاسِقَةُ (وَأَنْت تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ) أَوْ الظُّلْمَةَ (وَلِقُرَشِيٍّ) أَوْ عَرَبِيٍّ (يَا نَبَطِيُّ) وَعَكْسَهُ. وَالْأَنْبَاطُ: قَوْمٌ يَنْزِلُونَ الْبَطَائِحَ بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِاسْتِنْبَاطِهِمْ: أَيْ إخْرَاجِهِمْ الْمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ (وَلِزَوْجَتِهِ لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ) بِالْمُعْجَمَةِ: أَيْ بِكْرًا، وَلِأَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يَجِدْك زَوْجُك، أَوْ لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا افْتِضَاضٌ مُبَاحٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلِإِحْدَاهُمَا وَجَدْت مَعَك رَجُلًا أَوْ لَا تَرُدِّينَ يَدَ لَامِسٍ (كِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِهَا الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ فِي نَحْوِ يَا نَبَطِيُّ لِأُمِّ الْمُخَاطَبِ حَيْثُ نَسَبَهُ لِغَيْرِ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُمْ فِي السَّيْرِ وَالْأَخْلَاقِ، أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ لَهَا ذَلِكَ فَلَيْسَ كِنَايَةً.

(فَإِنْ) (أَنْكَرَ) مُتَكَلِّمٌ بِكِنَايَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ (إرَادَةَ قَذْفٍ) (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أُعْرَفُ بِمُرَادِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ إرَادَتِهِ الْقَذْفَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، قَالَ: وَلَا يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا قَذَفَهُ وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ سَبًّا وَلَا ذَمًّا لِأَنَّ لَفْظَهُ يُوهِمُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ كَاذِبًا دَفْعًا لِلْحَدِّ، لَكِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ جَوَازَ التَّوْرِيَةِ حَيْثُ كَانَ صَادِقًا فِي قَذْفِهِ بِأَنْ عَلِمَ زِنَاهَا وَإِنْ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ، قَالَ: بَلْ يَقْرُبُ إيجَابُهَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُحَدُّ وَتَبْطُلُ عَدَالَتُهُ وَرِوَايَتُهُ وَمَا تَحْمِلُهُ مِنْ الشَّهَادَاتِ، وَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الْحَدِّ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ مَعَ النِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِإِرَادَتِهِ بِذَلِكَ الْقَذْفَ.

(وَقَوْلُهُ) لِآخَرَ (يَا ابْنَ الْحَلَالِ وَأَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ وَنَحْوَهُ) كَأُمِّي لَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ وَأَنَا لَسْت بِلَائِطٍ (تَعْرِيضٌ لَيْسَ بِقَذْفٍ وَإِنْ نَوَاهُ) لِأَنَّ اللَّفْظَ إذَا لَمْ يُشْعِرْ بِالْمَنْوِيِّ لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ النِّيَّةُ، وَفَهْمُ ذَلِكَ مِنْهُ هُنَا إنَّمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَوْ كِنَايَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي حَمْلًا لِقَوْلِهِ فِي الْبَيْتِ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ (قَوْلُهُ: صَرَاحَتُهُ) أَيْ وَمَعَ صَرَاحَتِهِ هُوَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ، فَلَوْ قَالَ أَرَدْت صَعِدْت فِي الْبَيْتِ قُبِلَ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي الْوَطْءِ فِي الدُّبْرِ أَرَدْت وَطْأَهُ فِي دُبُرِ حَلِيلَتِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا صَرَّحُوا فِيهِ بِقَبُولِ الصَّرْفِ مِنْ الصَّرَائِحِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِمَا قِيلَ إنَّهُ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ زَنَيْت فِيهِ) أَيْ الْجَبَلَ

(قَوْلُهُ أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ لَهَا ذَلِكَ) أَيْ الِافْتِضَاضَ.

(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ كِنَايَةً) أَيْ فَلَا حَدَّ وَلَا تَعْزِيرَ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ السَّابِقِ مُبَاحٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الِافْتِضَاضُ غَيْرَ مُبَاحٍ كَانَ كِنَايَةً، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الِافْتِضَاضَ الْمُحَرَّمَ يَصْدُقُ بِالزِّنَا فَحَيْثُ نَوَاهُ بِهِ عُمِلَ بِنِيَّتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ) أَيْ فِي الْكِنَايَاتِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ كَاذِبًا دَفْعًا لِلْحَدِّ) أَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى إقْرَارِهِ عُقُوبَةٌ أَوْ نَحْوُهُمَا زِيَادَةً عَلَى الْحَدِّ أَوْ بَدَلِهِ فَلَا يَجِبُ الْإِقْرَارُ بَلْ يَجُوزُ الْحَلِفُ وَالتَّوْرِيَةُ وَإِنْ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ، وَلَا يَبْعُدُ وُجُوبُ ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَتْلٌ أَوْ نَحْوُهُ لِمَنْ زَنَى بِهَا وَهِيَ مَعْذُورَةٌ أَوْ لَيْسَ حَدًّا زِنَاهَا لِلْقَتْلِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ كُتِبَ سِجِلُّهُ وَأَخَذَهُ نَحْوُ الْمُقَدِّمِ مَثَلًا مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ فَيَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ كَاذِبًا وَالتَّوْرِيَةُ وَلَوْ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حَيْثُ وَرَّى لَا كَفَّارَةَ وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ حَنِثَ مَا لَمْ يَكُنْ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ أَمْرُ الْحَاكِمِ وَوَرَّى فِيهِ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ بَلْ يَقْرُبُ إيجَابُهَا) أَيْ التَّوْرِيَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ مَعَ النِّيَّةِ) أَيْ نِيَّةِ الْقَذْفِ.

(قَوْلُهُ لَيْسَ بِقَدْفٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ لُزُومُ الْحَدِّ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ مَعَ النِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهَذَا، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُحَدُّ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>