للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلِ حَتَّى قَذَفَهَا فَإِنْ لَاعَنَ لِلْأَوَّلِ عُزِّرَ لِلثَّانِي كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ لَهُ حُدَّ حَدَّيْنِ إنْ أَضَافَ الزِّنَا إلَى حَالَةِ الْبَيْنُونَةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (وَيَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ) أَيْ الزَّوْجِ وَإِنْ كَذَبَ (فُرْقَةٌ) أَيْ فُرْقَةُ انْفِسَاخٍ (وَحُرْمَةٌ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (مُؤَبَّدَةٌ) فَلَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِنِكَاحٍ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا» وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» وَكَانَ هَذَا هُوَ مُسْتَنَدُ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَيْهِ وَلَا فِي الْجَنَّةِ (وَإِنْ) (أَكْذَبَ) الْمُلَاعِنُ (نَفْسَهُ) فَلَا يُفِيدُهُ عَوْدَ حِلٍّ لِأَنَّهُ حَقُّهُ بَلْ عَوْدَ حَدٍّ وَنَسَبٍ لِأَنَّهُمَا حَقٌّ عَلَيْهِ وَتَجْوِيزُ رَفْعِ نَفْسِهِ: أَيْ إكْذَابِهِ نَفْسَهُ بَعِيدٌ، لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْإِكْذَابِ نِسْبَةُ الْكَذِبِ إلَيْهِ ظَاهِرًا لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ وَذَلِكَ لَا يَظْهَرُ إسْنَادُهُ لِلنَّفْسِ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ هَذَا نَظِيرَ مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا الْمُجَوَّزِ فِيهِ الْأَمْرَانِ لِأَنَّ التَّحْدِيثَ يَصِحُّ نِسْبَةُ إيقَاعِهِ إلَى إنْسَانٍ وَإِلَى نَفْسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَسُقُوطُ الْحَدِّ) أَوْ التَّعْزِيرِ الْوَاجِبِ لَهَا عَلَيْهِ وَالْفِسْقِ (عَنْهُ) بِسَبَبِ قَذْفِهَا لِلْآيَةِ وَكَذَا قَذْفُ الزَّانِي إنْ سَمَّاهُ فِي لِعَانِهِ (وَوُجُوبُ حَدِّ زِنَاهَا) الْمُضَافِ لِحَالَةِ النِّكَاحِ إنْ لَمْ تُلْتَعَنْ وَلَوْ ذِمِّيَّةً وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِحُكْمِنَا لِأَنَّهُمْ بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَيْنَا لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمْ أَمَّا الَّذِي قَبْلَ النِّكَاحِ فَسَيَأْتِي (وَانْتِفَاءُ نَسَبٍ نَفَاهُ بِلِعَانِهِ) أَيْ فِيهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ بِذَلِكَ وَسُقُوطِ حَضَانَتِهَا فِي حَقِّهِ فَقَطْ إنْ لَمْ تُلْتَعَنْ أَوْ الْتَعَنَتْ وَقَذْفَهَا بِذَلِكَ الزِّنَا أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّ اللِّعَانَ فِي حَقِّهِ كَالْبَيِّنَةِ وَحَلَّ نَحْوُ أُخْتِهَا وَالتَّشْطِيرُ قَبْلَ الْوَطْءِ (وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى نَفْيِ) وَلَدٍ (مُمْكِنٍ) كَوْنُهُ (مِنْهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ) لُحُوقُهُ بِهِ (بِأَنْ وَلَدَتْهُ) وَهُوَ غَيْرُ تَامٍّ لِدُونِ مَا مَرَّ فِي الرَّجْعِيَّةِ أَوْ وَهُوَ تَامٌّ (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَقَلَّ (مِنْ الْعَقْدِ) لِانْتِفَاءِ لَحْظَتَيْ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ (أَوْ) لِأَكْثَرَ (وَ) لَكِنْ (طَلَّقَ فِي مَجْلِسِهِ) أَيْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحَدَّ لَا يَتَكَرَّرُ بِتَكْرِيرِ الْقَذْفِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ هَذَا بِمَا إذَا قَذَفَهَا بَعْدَ الزَّوْجِيَّةِ بِغَيْرِ الزِّنَا الْأَوَّلِ، وَيَخُصُّ مَا تَقَدَّمَ بِمَا لَوْ تَكَرَّرَ الْقَذْفُ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ أَوْ لَهَا بِزِنْيَاتٍ بَعْدَ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ قَبْلَهَا، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: مُؤَبَّدَةٌ) أَيْ حَتَّى فِي لِعَانِ الْمُبَانَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ حَيْثُ جَازَ لِعَانُهَا بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَا مِلْكَ يَمِينٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ نَظَرُهَا فِي هَذِهِ كَالْمَحْرَمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَكْذَبَ) غَايَةً (قَوْلُهُ: هَذَا نَظِيرُ مَا حَدَّثْت بِهِ) أَيْ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ (قَوْلُهُ: الْمُجَوَّزُ فِيهِ الْأَمْرَانِ) وَقَدْ رَوَى الْحَدِيثَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ اهـ مُنَاوِيٌّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَلَى الْجَامِعِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تُلْتَعَنْ) أَيْ تُلَاعَنْ، فَإِنْ لَاعَنَتْ سَقَطَ عَنْهَا (قَوْلُهُ: لِدُونِ مَا مَمَرَّ) أَيْ وَهُوَ فِي الْمُصَوَّرِ لِدُونِ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَفِي الْمُضْغَةِ دُونَ ثَمَانِينَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَلَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِنِكَاحٍ) يَعْنِي: لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا وَلَا وَطْؤُهَا بِنِكَاحٍ، وَقَوْلُهُ: وَلَا مِلْكُ يَمِينٍ: أَيْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَإِنْ جَازَ لَهُ تَمَلُّكُهَا (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ، وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ) إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا هُنَا وَلَمْ يُؤَخِّرْهُ عَنْ قَوْلِهِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ إلَخْ. لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ إكْذَابَ النَّفْسِ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ وَمَا بَعْدَهُ، وَقَدْ نَبَّهَ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَلَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ عَوْدُ حَلٍّ لِأَنَّهُ حَقُّهُ بَلْ عَوْدُ حَدٍّ وَنَسَبٍ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْإِكْذَابِ نِسْبَةُ الْكَذِبِ إلَيْهِ ظَاهِرًا) أَيْ وَذَلِكَ إنَّمَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِأَكْذَبَ نَفْسَهُ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَنْصُوبًا وَأَمَّا رَفْعُهُ، وَإِنْ صَحَّ فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنَى إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِنَا أَكْذَبْته نَفْسَهُ إلَّا أَنَّ نَفْسَهُ تُنَازِعُهُ فِيمَا ادَّعَاهُ، وَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِهَذَا تَبَعًا لحج بِقَوْلِهِ وَذَلِكَ لَا يَظْهَرُ إسْنَادُهُ لِلنَّفْسِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي حَوَاشِي حَجّ لِلشِّهَابِ سم مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهُ كَمَا يَصِحُّ نِسْبَةُ الْإِكْذَابِ إلَيْهِ يَصِحُّ إسْنَادُهُ لِنَفْسِهِ بِمَعْنَى ذَاتِهِ إذْ هُمَا عِبَارَةٌ عَنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ وَالتَّغَايُرُ بَيْنَهُمَا أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ فَكَيْفَ يَسْلَمُ ظُهُورُ النَّصْبِ دُونَ الرَّفْعِ، وَوَجْهُ الِانْدِفَاعِ مَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّهُ، وَإِنْ صَحَّ كُلٌّ مِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>