الْمَقْذُوفِ وَالْحَدُّ الْوَاحِدُ يُظْهِرُ الْكَذِبَ وَيَدْفَعُ الْعَارَ فَلَا يَقَعُ فِي النُّفُوسِ تَصْدِيقُهُ وَيَكْفِي الزَّوْجَ فِي ذَلِكَ لِعَانٌ وَاحِدٌ يَذْكُرُ فِيهِ الزِّنْيَاتِ كُلِّهَا، وَكَذَا الزُّنَاةِ إنْ سَمَّاهُمْ فِي الْقَذْفِ بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ فُلَانَةَ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُمْ فِي لِعَانِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ حَدُّ قَذْفِهِمْ لَكِنَّ لَهُ إعَادَةَ اللِّعَانِ وَيَذْكُرُهُمْ لِإِسْقَاطِهِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَلَا بَيِّنَةَ حُدَّ لِقَذْفِهَا وَلِلرَّجُلِ مُطَالَبَتُهُ بِالْحَدِّ وَلَهُ دَفْعُهُ بِاللِّعَانِ، وَلَوْ ابْتَدَأَ الرَّجُلُ فَطَالَبَهُ بِحَدِّ قَذْفِهِ فَلَهُ اللِّعَانُ لِإِسْقَاطِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حَقَّهُ ثَبَتَ أَصْلًا لَا تَبَعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمْ طَالَبَ الْآخَرُ بِحَقِّهِ، وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ لَزِمَهُ إعْلَامُ الْمَقْذُوفِ لِلْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهِ إنْ أَرَادَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ عِنْدَهُ بِمَالٍ لَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحَدِّ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَأَعْلَمَهُ لِاسْتِيفَائِهِ إنْ أَرَادَهُ بِخِلَافِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ، وَمَنْ قَذَفَ شَخْصًا فَحُدَّ ثُمَّ قَذَفَهُ ثَانِيًا عُزِّرَ لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِالْحَدِّ الْأَوَّلِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَذَفَهُ فَعَفَا عَنْهُ ثُمَّ قَذَفَهُ ثَانِيًا أَنَّهُ يُعَزَّرُ لِأَنَّ الْعَفْوَ بِمَثَابَةِ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ وَالزَّوْجَةُ كَغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ إنْ وَقَعَ الْقَذْفَانِ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ فَإِنْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا الْأَوَّلِ وَجَبَ حَدٌّ وَاحِدٌ وَلَا لِعَانَ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْأَوَّلِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ، وَإِنْ أَقَامَ بِأَحَدِ الزَّنْيَيْنِ بَيِّنَةً سَقَطَ الْحَدَّانِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا وَبَدَأَتْ بِطَلَبِ حَدِّ قَذْفِ الزِّنَا الْأَوَّلِ حُدَّ لَهُ ثُمَّ الثَّانِي إنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ حَدٌّ وَإِنْ بَدَأَتْ بِالثَّانِي فَلَاعَنَ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ الْأَوَّلُ وَسَقَطَ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ حُدَّ لِقَذْفِ الثَّانِي ثُمَّ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ طَلَبِهَا بِحَدِّهِ وَإِنْ طَالَبَتْهُ بِالْحَدَّيْنِ مَعًا فَكَابْتِدَائِهَا بِالْأَوَّلِ أَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا بِلَا لِعَانٍ ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ، فَإِنْ حُدَّ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ الْقَذْفِ عُزِّرَ لِلثَّانِي، كَمَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً فَحُدَّ ثُمَّ قَذَفَهَا ثَانِيًا هَذَا إنْ لَمْ يُضِفْ الزِّنَا إلَى حَالِ الْبَيْنُونَةِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ لِئَلَّا يُشْكِلَ بِمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ مِنْ أَنَّ الْحَدَّ مُتَعَدِّدٌ فَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ حَدَّ الْقَذْفِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مُضِرٌّ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي الزَّوْجَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ وَلِلرَّجُلِ) أَيْ الَّذِي رَمَاهَا بِالزِّنَا بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَةً) تَقَدَّمَ هَذَا الْحُكْمُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ زَنَى مَرَّةً لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا إلَخْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَذَفَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ) أَيْ الْحَاكِمَ، وَقَوْلُهُ فَأَعْلَمَهُ: أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: فَعَفَا عَنْهُ) وَلَيْسَ مِنْ الْعَفْوِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ الْمُخَاصَمَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَالْقَذْفِ فَيَتَّفِقُ لِلْمَقْذُوفِ تَرْكُ الْخُصُومَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْعَفْوِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ، إذْ مُجَرَّدُ الْإِعْرَاضِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ بَلْ هُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَإِثْبَاتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ مَتَى شَاءَ، وَلَا سِيَّمَا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ لِعَجْزِهِ أَوْ خَوْفًا مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ نَحْوِهِ، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ مَا دَامَ السُّكُوتُ أَوْ الْجُنُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالزَّوْجَةُ كَغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَذَفَهَا ثُمَّ حُدَّ ثُمَّ قَذَفَ ثَانِيًا لَمْ يُحَدَّ لَهُ وَأَنَّهَا لَوْ عَفَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا لَمْ يَجِبْ لَهَا عَلَيْهِ حَدٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَ بِأَحَدِ الزَّنْيَيْنِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا الْأَوَّلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا مِثْلَ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْأَوَّلِ وَإِنْ قَذَفَهَا بَعْدَ الزَّوْجِيَّةِ بِزِنًا آخَرَ تَعَدَّدَ الْحَدُّ لِاخْتِلَافِ مُوجِبِ الْقَذْفَيْنِ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَسْقُطُ بِاللِّعَانِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَقَامَ بِأَحَدِ الزَّنْيَيْنِ إلَخْ، وَنَقَلَ سم عَلَى حَجّ مِثْلَ مَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُلَاعِنْ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى
[حاشية الرشيدي]
كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَلَا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ بِالزِّنَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا الْأَوَّلِ وَجَبَ حَدٌّ وَاحِدٌ) أَيْ، وَإِنْ قَذَفَهَا بِغَيْرِهِ وَجَبَ حَدَّانِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَ بِأَحَدِ الزِّنَاءَيْنِ بَيِّنَةً إلَخْ. فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرْته أَسْقَطَهُ الْكَتَبَةُ مِنْ الشَّرْحِ بَعْدَ إثْبَاتِهِ بِدَلِيلِ إحَالَتِهِ عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي، وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا تَعَدَّدَ الْحَدُّ هُنَا لِاخْتِلَافِ مُوجَبِ الْقَذْفَيْنِ، إذْ الثَّانِي يَسْقُطُ بِاللِّعَانِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَصَارَ الْحَدَّانِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلَا تَدَاخُلَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute