للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ لَزِمَتْهُ يَمِينٌ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَرَزَقَهُ وَيُعْتَبَرُ الزَّمَنُ بِمَا يَعْتَقِدُونَ تَعْظِيمَهُ (وَ) حُضُورُ جَمْعٍ مِنْ الْأَعْيَانِ وَالصُّلَحَاءِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّ فِيهِ رَدْعًا لِلْكَاذِبِ (وَأَقَلُّهُ أَرْبَعَةٌ) لِثُبُوتِ الزِّنَا بِهِمْ.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ لَك اعْتِبَارُ كَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُعْلَمُ مِنْهُ اعْتِبَارُ مَعْرِفَتِهِمْ لُغَةَ الْمُتَلَاعِنِينَ (وَالتَّغْلِيظَاتُ سُنَّةٌ لَا فَرْضٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا فِي سَائِرِ الْأَيْمَانِ

(وَيُسَنُّ لِقَاضٍ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (وَعْظُهُمَا) بِالتَّخْوِيفِ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ لِلِاتِّبَاعِ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِمَا {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ} [آل عمران: ٧٧] الْآيَةَ وَخَبَرُ «وَحِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْ تَائِبٍ» (وَيُبَالِغُ) فِي التَّخْوِيفِ (عِنْدَ الْخَامِسَةِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَالَ إنَّهَا مُوجِبَةٌ» وَيُسَنُّ فِعْلُ ذَلِكَ بِهَا وَيَأْتِي وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ مِنْ وَرَائِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ (وَأَنْ يَتَلَاعَنَا قَائِمَيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ، وَلِأَنَّ الْقِيَامَ أَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ وَيَقْعُدُ كُلٌّ وَقْتَ لِعَانِ الْآخَرِ

(وَشَرْطُهُ) أَيْ اللِّعَانِ لِيَصِحَّ مَا تَضْمَنَّهُ قَوْلُهُ (زَوْجٌ) وَلَوْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوْ الصُّورَةِ لِيَدْخُلَ مَا يَأْتِي فِي الْبَائِنِ وَنَحْوِ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَلِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ (يَصِحُّ طَلَاقُهُ) كَسَكْرَانَ وَذِمِّيٍّ وَفَاسِقٍ تَغْلِيبًا لِشُبْهَةِ الْيَمِينِ دُونَ مُكْرَهٍ وَغَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَا لِعَانَ فِي قَذْفِهِ وَإِنْ كَمُلَ بَعْدَهُ وَيُعَزَّرُ عَلَيْهِ (وَلَوْ) (ارْتَدَّ) الزَّوْجُ (بَعْدَ وَطْءٍ) أَوْ اسْتِدْخَالٍ (فَقَذَفَ وَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ) (لَاعَنَ) لِدَوَامِ النِّكَاحِ (وَلَوْ لَاعَنَ) فِي الرِّدَّةِ (ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (صَحَّ) لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ (أَوْ أَصَرَّ) مُرْتَدًّا إلَى انْقِضَائِهَا (صَادَفَ) اللِّعَانُ (بَيْنُونَةً) لِتَبَيُّنِ انْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ نَفَاهُ بِلِعَانِهِ نَفَذَ وَإِلَّا بَانَ فَسَادُهُ وَحُدَّ لِلْقَذْفِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فَقَذَفَ وُقُوعَهُ فِي الرِّدَّةِ فَلَوْ قَذَفَ قَبْلَهَا صَحَّ وَإِنْ أَصَرَّ كَمَا يَصِحُّ عَنْ إبَّانِهَا بَعْدَ قَذْفِهَا، وَلَوْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ اللِّعَانِ ثُمَّ طَلَبَهُ مُكِّنَ، وَلَوْ قَذَفَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ لَاعَنَ لَهُنَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَيَكُونُ اللِّعَانُ عَلَى تَرْتِيبِ قَذْفِهِنَّ، فَلَوْ أَتَى بِلِعَانٍ وَاحِدٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ سَمَّاهَا أَوَّلًا، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ بَلْ أَشَارَ إلَيْهِنَّ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُنَّ، وَإِنْ رَضِينَ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ كَمَا لَوْ رَضِيَ الْمُدَّعُونَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ أَوْ قَذْفِهِنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَاعَنَ لَهُنَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَيْضًا، ثُمَّ إنْ رَضِينَ بِتَقْدِيمِ وَاحِدَةٍ فَذَاكَ وَإِلَّا أَقْرَعَ نَدْبًا بَيْنَهُنَّ، فَإِنْ بَدَأَ الْحَاكِمُ بِلِعَانِ وَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ أَجْزَأَ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تَفْضِيلَ بَعْضِهِنَّ.

وَلَا يَتَكَرَّرُ الْحَدُّ بِتَكْرِيرِ الْقَذْفِ، وَإِنْ صَرَّحَ فِيهِ بِزِنًا آخَرَ لِاتِّحَادِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَمَا ضَبَطَهُ ابْنُ شُهْبَةَ وَهُوَ الْمُعَطِّلُ اهـ. وَظَاهِرُهَا أَنَّ فِيهِ اللُّغَتَيْنِ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ الزَّمَنُ بِمَا يَعْتَقِدُونَ تَعْظِيمَهُ) قَدْ يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيَغْلُظُ وَلَوْ فِي كَافِرٍ فِيمَا يَظْهَرُ بِزَمَانٍ إلَخْ فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ التَّغْلِيظُ عَلَى الْكَافِرِ بِكَوْنِهِ بَعْدَ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَعْيَانِ وَالصُّلَحَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَا ذِمِّيِّينَ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ اعْتِبَارُ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيُسَنُّ حُضُورُ أَرْبَعَةٍ يَعْرِفُونَ تِلْكَ اللُّغَةَ لِأَنَّ الْفَرْضَ مِمَّا هُنَا بَيَانُ وَجْهِ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِمْ يَعْرِفُونَ تِلْكَ اللُّغَةَ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ فِعْلُ ذَلِكَ بِهَا) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ فِي الْمَرْأَةِ مَحْرَمًا لَهَا أَوْ أُنْثَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَدٌ مِنْهُمَا فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَقْعُدُ كُلٌّ) أَيْ نَدْبًا

(قَوْلُهُ: وَنَحْوِ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا) وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ أَيْ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ زَوْجًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: لِشُبْهَةِ الْيَمِينِ) أَيْ مُشَابَهَةِ الْيَمِينِ دُونَ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا لِعَانَ فِي قَذْفِهِ) أَيْ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِدْخَالٍ) أَيْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَيَكُونُ لِعَانُهُ لِلْعِلْمِ بِالزِّنَا أَوْ ظَنِّهِ لَا لِنَفْيِ لِلْوَلَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ (قَوْلُهُ: نَفَذَ) أَيْ اللِّعَانُ (قَوْلُهُ: عَلَى تَرْتِيبِ قَذْفِهِنَّ) أَيْ نَدْبًا حَتَّى لَوْ ابْتَدَأَ بِالْأَخِيرَةِ بِتَلْقِينِ الْقَاضِي اعْتَدَّ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي حَقِّ مَنْ سَمَّاهَا أَوَّلًا) أَيْ وَابْتَدَأَ بِهَا فِي الْأَيْمَانِ الْخَمْسِ، وَقَدْ يُقَالُ الْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ حَتَّى فِي حَقِّ الْأُولَى لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ فَاصِلٌ بَيْنَ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْفَصْلَ بِالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يُرَاجَعُ

(قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ مُمَيَّزًا (قَوْلُهُ: نَفَذَ) أَيْ اللِّعَانُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى النَّفْيِ، فَيَنْتَفِي النَّسَبُ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>