للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُخْرَى فَتَعَارَضَتَا، وَالْمَعْنَى يُرَجِّحُ عَدَمَ الْفَرْقِ بَلْ هَذَا أَبْلَغُ فِي الزِّينَةِ لِأَنَّهُ لَا يُصْبَغُ أَوَّلًا إلَّا رَفِيعُ الثِّيَابِ (وَيُبَاحُ غَيْرُ مَصْبُوغٍ) لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ زِينَةٌ كَنَقْشٍ (مِنْ قُطْنٍ وَصُوفٍ وَكَتَّانٍ) عَلَى اخْتِلَافِ أَلْوَانِهَا الْخِلْقِيَّةِ وَإِنْ نَعُمَتْ (وَكَذَا إبْرَيْسَمَ) لَمْ يُصْبَغْ وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهِ ذَلِكَ أَيْ حَرِيرٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ حُدُوثِ زِينَةٍ فِيهِ وَإِنْ صُقِلَ وَبُرِقَ.

وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِزِينَةِ النِّسَاءِ، وَبِذَلِكَ يُرَدُّ مَا أَطَالَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ نَحْوِ الْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ الْخِلْقِيِّ يَرْبُو لِصَفَاءِ ثِقَلِهِ وَشِدَّةِ بِرِيقِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْمَصْبُوغِ.

وَالثَّانِي يَحْرُمُ لِأَنَّ لُبْسَهُ تَزْيِينٌ فَعَلَى هَذَا لَا تَلْبَسُ الْعَتَّابِيَّ الَّذِي أَكْثَرُهُ حَرِيرٌ وَيُبَاحُ الْخَزُّ قَطْعًا لِاسْتِتَارِ الْإِبْرَيْسَمِ فِيهِ بِالصُّوفِ الَّذِي هُوَ سَدَاهُ (وَ) يُبَاحُ (مَصْبُوغٌ لَا يُقْصَدُ لِزِينَةٍ) أَصْلًا بَلْ لِنَحْوِ احْتِمَالِ وَسَخٍ أَوْ مُصِيبَةٍ كَأَسْوَدَ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ كَالْأَخْضَرِ الْمُشَبَّعِ وَالْكُحْلِيِّ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ كَالْأَزْرَقِ الْمُشَبَّعِ.

وَلَا يَرِدُ عَلَى كَلَامِهِ مَصْبُوغٌ تَرَدَّدَ بَيْنَ الزِّينَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَوْنُهُ بَرَّاقًا حُرِّمَ، وَعِبَارَتُهُ الْأُولَى قَدْ تَشْمَلُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ حِينَئِذٍ أَنْ يُقْصَدَ لِلزِّينَةِ وَإِلَّا فَلَا، وَعِبَارَتُهُ هَذِهِ شَامِلَةٌ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ حِينَئِذٍ زِينَةٌ (وَيَحْرُمُ) طِرَازٌ رُكِّبَ عَلَى ثَوْبٍ لَا مَنْسُوجَ مَعَهُ مَا لَمْ يَكْثُرُ: أَيْ بِأَنْ عُدَّ الثَّوْبُ مَعَهُ ثَوْبَ زِينَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَ (حُلِيُّ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) وَلَوْ نَحْوَ خَاتَمٍ وَقُرْطٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَمِنْهُ مَا مَوَّهَ بِأَحَدِهِمَا إنْ سُتِرَ بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَأَمُّلٍ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي الْأَوَانِي بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مُجَرَّدِ الزِّينَةِ وَثَمَّ عَلَى الْعَيْنِ مَعَ الْخُيَلَاءِ، وَكَذَا نَحْوُ نُحَاسٍ وَوَدَعٍ وَعَاجٍ وَذَبْلٍ وَدُمْلَجٍ إنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ يَتَحَلَّوْنَ بِهِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُطْلَقًا الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ لِلنَّهْيِ إلَخْ، وَذِكْرُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ لَا يُخَصِّصُهُ (قَوْلُهُ: لَا يُقْصَدُ لِزِينَةِ النِّسَاءِ) أَيْ وَلَا نَظَرَ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى هَذَا) أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ الْخَزُّ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْخَزُّ اسْمُ دَابَّةٍ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الثَّوْبِ الْمُتَّخَذِ مِنْ وَبَرِهَا وَالْجَمْعُ خُزُوزٌ مِثْلُ فُلُوسٌ (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ سَدَاهُ) هُوَ صِفَةٌ لِلْإِبْرَيْسَمِ فَلَا يُقَالُ الَّذِي يَظْهَرُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ هُوَ اللُّحْمَةُ لَا السَّدَى (قَوْلُهُ: وَعِبَارَتُهُ الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَيُبَاحُ غَيْرُ مَصْبُوغٍ (قَوْلُهُ: وَقُرْطٌ) اسْمٌ لِمَا يُلْبَسُ فِي شَحْمَةِ الْأُذُنِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْحَلَقُ لَا بِقَيْدٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ ذَلِكَ مَا لَمْ تَتَضَرَّرْ بِتَرْكِهِ، فَإِنْ تَضَرَّرَتْ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً جَازَ لَهَا اللُّبْسُ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْكُحْلِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الضَّرَرِ مِنْ إبَاحَتِهِ لِلتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُشَبَّهِهِ) أَيْ بِأَنْ حَصَلَ لَهُ شِدَّةُ صِقَالَةٍ مَثَلًا بِأَنْ صَارَ يُظَنُّ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا (قَوْلُهُ: وَذَبْلٍ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الذَّبْلُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ شَيْءٌ كَالْعَاجِ وَهُوَ ظَهْرُ السُّلَحْفَاةِ يُتَّخَذُ مِنْهُ السِّوَارُ اهـ.

ذَكَرَهُ فِي فَصْلِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: الذَّبْلُ وِزَانُ فَلْسٍ شَيْءٌ كَالْعَاجِ، وَقِيلَ هُوَ ظَهْرُ السُّلَحْفَاةِ الْبَحْرِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَدُمْلُجٍ) بِضَمِّ الدَّالِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

إنَّمَا هُوَ الْمَقْصُودُ لِلزِّينَةِ لَا كُلُّ صَبْغٍ مِنْ بَابِ بَيَانِ الشَّيْءِ بِذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ الْخَزُّ قَطْعًا) لَا خَفَاءَ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَزِّ هُنَا نَفْسُ الثَّوْبِ الَّذِي سُدَاهُ صُوفٌ وَلُحْمَتُهُ إبْرَيْسَمٌ إذَا كَانَ الْإِبْرَيْسَمُ مُسْتَتِرًا بِالصُّوفِ، فَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّ الْخَزَّ اسْمٌ لِحَيَوَانٍ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى وَبَرِهِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ اللُّغَةِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ الْخَزُّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ نَقْلًا عَنْ الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ: وَلَوْ تَحَلَّتْ بِرَصَاصٍ أَوْ نُحَاسٍ، فَإِنْ كَانَ مُوِّهَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مُشَابِهًا لَهُمَا بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَأَمُّلٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهَا مِنْ قَوْمٍ يَتَزَيَّنُونَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَحَرَامٌ، وَإِلَّا فَحَلَالٌ انْتَهَتْ.

وَعَلَيْهِ، فَيَتَعَيَّنُ قِرَاءَةُ مُشَبَّهُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مَا مُوِّهَ، وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِأَحَدِهِمَا، وَالتَّقْدِيرُ وَمِنْهُ مَا مُوِّهَ بِأَحَدِهِمَا وَمِنْهُ مُشَبَّهُ أَحَدِهِمَا، وَقَوْلُهُ: إنْ سَتَرَهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ كَمَا تَرَى، فَكَأَنَّ الشَّارِحَ قَيَّدَ بِهِ الْمُمَوَّهَ بِأَحَدِهِمَا لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ مُشَبَّهُهُ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ: أَيْ إنْ سَتَرَهُ، وَقَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَأَمُّلٍ قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ قَيْدٌ فِي مُشَبَّهِ أَحَدِهِمَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَذَبَلَ) هُوَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>