للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَعَمْ يَحِلُّ لُبْسُهُ لَيْلًا مَعَ الْكَرَاهَةِ إلَّا لِحَاجَةٍ كَإِحْرَازِهِ، وَفَارَقَ حُرْمَةَ اللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ لَيْلًا بِأَنَّهُمَا يُحَرِّكَانِ الشَّهْوَةَ غَالِبًا وَلَا كَذَلِكَ الْحُلِيُّ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (لُؤْلُؤٌ) وَنَحْوُهُ مِنْ الْجَوَاهِرِ الَّتِي يُتَحَلَّى بِهَا وَمِنْهَا الْعَقِيقُ (فِي الْأَصَحِّ) لِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَجْهًا لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لِلرَّجُلِ (وَ) يَحْرُمُ لِغَيْرِ حَاجَتِهِ كَمَا يَأْتِي (طِيبٌ) ابْتِدَاءً وَاسْتِدَامَةً، فَإِذَا طَرَأَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهِ لَزِمَهَا إزَالَتُهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُ (فِي بَدَنٍ) نَعَمْ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا أَنْ تَتْبَعَ لِنَحْوِ حَيْضٍ قَلِيلَ قِسْطٍ وَأَظْفَارٍ نَوْعَيْنِ مِنْ الْبَخُورِ، وَأَلْحَقَ الْإِسْنَوِيُّ بِهَا فِي ذَلِكَ الْمُحْرِمَةَ وَخَالَفَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَثَوْبٍ وَطَعَامٍ وَ) فِي (كُحْلٍ) وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا حُرِّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ مِنْ الطِّيبِ وَالدَّهْنِ لِنَحْوِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ حُرِّمَ هُنَا لَكِنْ لَا فِدْيَةَ لِعَدَمِ النَّصِّ، وَلَيْسَ لِلْقِيَاسِ مَدْخَلٌ هُنَا وَكُلُّ مَا حَلَّ لَهُ ثَمَّ حَلَّ هُنَا (و) يَحْرُمُ (اكْتِحَالٌ بِإِثْمِدٍ) وَلَوْ غَيْرَ مُطَيِّبٍ وَإِنْ كَانَتْ سَوْدَاءَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَهُوَ الْأَسْوَدُ، وَمِثْلُهُ نَصًّا الْأَصْفَرُ وَهُوَ الصَّبْرُ بِفَتْحٍ أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٍ وَلَوْ عَلَى بَيْضَاءَ لَا الْأَبْيَضَ كَالتُّوتْيَا إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ (إلَّا لِحَاجَةٍ كَرَمَدٍ) فَتَجْعَلُهُ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا إلَّا إنْ أَضَرَّهَا مَسْحُهُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنِهَا صَبْرًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ فَقَالَتْ: هُوَ صَبْرٌ لَا طِيبَ فِيهِ، فَقَالَ: إنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ أَيْ يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ فَلَا تَجْعَلِيهِ إلَّا بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ» وَقَدْ حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ لَيْلًا فَأَذِنَ لَهَا فِيهِ لَيْلًا بَيَانًا لِجَوَازِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ.

وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا» فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَوْفَ عَلَى عَيْنِهَا أَوْ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهَا الْبُرْءُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَاللَّامِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ أَيْضًا كَمَا فِي الْقَامُوسِ فَإِنَّهُ قَالَ دُمْلُجٌ كَجُنْدُبٍ فِي لُغَتَيْهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَحِلُّ لُبْسُهُ لَيْلًا) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ اللَّيْلِ مَا لَوْ عَرَضَ لَهَا اجْتِمَاعٌ فِيهِ بِالنِّسَاءِ لِوَلِيمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ: وَطِيبٌ) أَيْ بِأَنْ تَسْتَعْمِلَهُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ حِرْفَتُهَا عَمَلَ الطِّيبِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: لَزِمَهَا إزَالَتُهُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْمُحْرِمِ بِأَنَّهُ ثَمَّ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، وَبِأَنَّهُ يُشَدَّدُ عَلَيْهَا هُنَا أَكْثَرَ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ نَحْوِ الْحِنَّاءِ وَالْمُعَصْفَرِ عَلَيْهَا هُنَا لَا ثَمَّ (قَوْلُهُ قِسْطٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا وَهُوَ الْأَكْثَرُ اهـ مِصْبَاحٌ وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَيْ فَلَيْسَ لِلْمُحْرِمَةِ أَنْ تَتْبَعَ حَيْضَهَا شَيْئًا مِنْهُمَا خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَاكْتِحَالٌ) هَلْ يَشْمَلُ الْعَمْيَاءَ الْبَاقِيَةَ الْحَدَقَةِ وَلَا يَبْعُدُ الشُّمُولُ لِأَنَّهُ مُزَيِّنٌ فِي الْعَيْنِ الْمَفْتُوحَةِ وَإِنْ فُقِدَ بَصَرُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٍ) وَبِفَتْحٍ فَكَسْرٍ اهـ حَجّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَضَرَّهَا مَسْحُهُ) الْأَوْلَى أَضَرَّ بِهَا إلَخْ لِمَا قَدَّمَهُ فِي الطَّرِيقِ النَّافِذِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ (قَوْلُهُ: فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ) تَمَسَّكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ نَظَرِ الْوَجْهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ وَلَا خَوْفَ فِتْنَةٍ.

وَأُجِيبَ بِجَوَازِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْصِدْ الرُّؤْيَةَ بَلْ وَقَعَتْ اتِّفَاقًا أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِعِصْمَتِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ (قَوْلُهُ يَشُبُّ) بَابُهُ رَدَّ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْله وَقَدْ حَمَلُوهُ) قَالَ حَجّ: وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ فِي سَنَدِهِ مَجْهُولًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: نَعَمْ يَحِلُّ لُبْسُهُ لَيْلًا) يَعْنِي: جَمِيعَ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ حُرْمَةَ اللُّبْسِ) أَيْ لُبْسَ الثِّيَابِ (قَوْلُهُ: بِفَتْحٍ أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٍ) وَكَذَا بِفَتْحٍ وَكَسْرٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ) هُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالْمُرَادُ مِنْ تَحْسِينِ الْوَجْهِ بِوَضْعِ الصَّبْرِ فِي الْعَيْنِ أَنَّهُ يُحَسِّنُ الْعَيْنَ، فَيَظْهَرُ بِذَلِكَ رَوْنَقٌ فِي الْوَجْهِ، وَإِلَّا فَمَا فِي الْعَيْنِ لَا يَصِلُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى الْوَجْهِ يُوجِبُ حُسْنَهُ فِي نَفْسِهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَوْفُ عَلَى عَيْنِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهَا الِاكْتِحَالُ إلَّا عِنْدَ التَّحَقُّقِ لِلضَّرَرِ، وَانْظُرْ بِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>