للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهَا زَوْجُهَا وَالْبَائِنِ بِالطَّلَاقِ، أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلِمُطَلِّقِهَا طَلَبُ إقَامَتِهَا إذَا كَانَ فِي الْمُقِيمِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ، وَفِيهِ تَوَقُّفٌ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الرَّجْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ الرَّجْعِيَّةَ حَيْثُ شَاءَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَلَهَا فِي حَالَةِ ارْتِحَالِهَا مَعَهُمْ الْإِقَامَةُ مُتَخَلِّفَةً دُونَهُمْ فِي نَحْوِ قَرْيَةٍ فِي الطَّرِيقِ لِتَعْتَدَّ فَإِنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ سَيْرِهَا، وَإِنْ هَرَبَ أَهْلُهَا خَوْفًا مِنْ عَدُوٍّ وَأَمِنَتْ امْتَنَعَ عَلَيْهَا الْهَرَبُ لَعَوْدِهِمْ بَعْدَ أَمْنِهِمْ وَمُقْتَضَى إلْحَاقِ الْبَدْوِيَّةِ بِالْحَضَرِيَّةِ مَجِيءُ مَا مَرَّ فِيهَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْ بَيْتٍ فِي الْحِلَّةِ إلَى آخَرَ مِنْهَا فَخَرَجَتْ مِنْهُ وَلَمْ تَصِلْ إلَى الْآخَرِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْمُضِيُّ أَوْ الرُّجُوعُ، أَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْ تِلْكَ الْحِلَّةِ إلَى حِلَّةٍ أُخْرَى فَوُجِدَ سَبَبُ الْعِدَّةِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ بَيْنَ الْحِلَّتَيْنِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِهِ وَقَبْلَ مُفَارَقَةِ حِلَّتِهَا فَهَلْ تَمْضِي أَوْ تَرْجِعُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي الْحَضَرِيَّةِ، وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَوْ طَلَّقَهَا مَلَّاحُ سَفِينَةٍ أَوْ مَاتَ وَكَانَ مَسْكَنُهَا السَّفِينَةَ اعْتَدَّتْ فِيهَا إنْ انْفَرَدَتْ عَنْ مُطَلِّقِهَا بِمَسْكَنٍ بِمَرَافِقِهِ فِيهَا لِاتِّسَاعِهَا مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى بُيُوتٍ مُتَمَيِّزَةِ الْمَرَافِقِ لِأَنَّ ذَلِكَ كَبَيْتٍ مِنْ خَانٍ وَإِنْ لَمْ تَنْفَرِدْ بِذَلِكَ، فَإِنْ صَحِبَهَا مَحْرَمٌ لَهَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُومَ بِتَسْيِيرِ السَّفِينَةِ أَخْرَجَ الزَّوْجَ مِنْهَا وَاعْتَدَّتْ هِيَ فِيهَا.

وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا مُتَّصِفًا بِذَلِكَ خَرَجَتْ إلَى أَقْرَبِ الْقُرَى إلَى الشَّطِّ وَاعْتَدَّتْ فِيهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ خُرُوجُهَا تَسَتَّرَتْ وَتَنَحَّتْ عَنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ (وَإِذَا) (كَانَ الْمَسْكَنُ) مِلْكًا (لَهُ وَيَلِيقُ بِهَا) بِأَنْ يَسْكُنَ مِثْلُهَا فِي مِثْلِهِ (تَعَيَّنَ) اسْتَدَامَتْهَا فِيهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ إخْرَاجُهَا مِنْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ مِمَّا مَرَّ، نَعَمْ لَوْ رَهْنَهُ عَلَى دَيْنٍ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ حَلَّ الدَّيْنُ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَتَعَيَّنَ بَيْعُهُ فِي وَفَائِهِ جَازَ وَنُقِلَتْ إنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِإِقَامَتِهَا فِيهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَمَّا غَيْرُ اللَّائِقِ بِهَا فَلَا يُكَلِّفُهُ كَالزَّوْجَةِ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ اللَّائِقِ بِهَا فِي الْمَسْكَنِ لَا بِهِ كَمَا فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ يُرَاعِي حَالَ الزَّوْجَةِ لَا حَالَ الزَّوْجِ مُعْتَرَضٌ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا أَعْرِفُ التَّفْرِقَةَ لِغَيْرِهِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَيْثُ كَانَتْ بِأَقْرَاءٍ أَوْ حَمْلٍ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ وَآخِرُ الْمُدَّةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ (إلَّا فِي عِدَّةِ ذَاتِ أَشْهُرٍ فَكَمُسْتَأْجَرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ فَيَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ.

(وَقِيلَ) بَيْعُ مَسْكَنِهَا (بَاطِلٌ) أَيْ قَطْعًا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ لَا تَمْلِكُهَا فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْمُطَلِّقَ بَاعَهُ وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهُ لِنَفْسِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْمُعْتَدَّةُ هِيَ الْمُسْتَأْجَرَةُ وَإِلَّا صَحَّ جَزْمًا (أَوْ) كَانَ (مُسْتَعَارًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَهَا إذَا ارْتَحَلَ الْجَمِيعُ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَهَا) أَيْ الْبَدْوِيَّةِ (قَوْلُهُ السَّابِقُ فِي الْحَضَرِيَّةِ) وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَارُبِ الْحِلَلِ جِدًّا أَوْ تَبَاعُدُهَا وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى وُصُولِهَا إلَى حَدٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ لَوْ قَصَدَتْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: أَخْرَجَ الزَّوْجَ) أَيْ وَهَلْ تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَى تَسْيِيرِ السَّفِينَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: كَالزَّوْجَةِ) أَيْ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ لَا أَعْرِفُ التَّفْرِقَةَ) أَيْ بَيْنَ حَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَغَيْرِهَا فِي اعْتِبَارِ حَالِهَا.

(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُدَّةَ مَعْلُومَةٌ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ هَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ لِصَيْرُورَتِهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوْ لَا، وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي: ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: إذَا كَانَ فِي الْمُقِيمِينَ) الضَّمِيرُ فِي كَانَ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: مِلْكًا) إنَّمَا قَيَّدَ الْمَتْنَ بِهِ لِأَنَّهُ فَرْضُ كَلَامِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِيهِ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ كَوْنُهُ مُسْتَحَقًّا لَهُ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ مِنْ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا) عِبَارَةُ الْقُوتِ بِأُجْرَةِ الْمَثَلِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْمُعْتَدَّةُ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ هُنَا وَالْكَلَامُ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ وَعَدَمِهَا مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُعْتَدَّةِ بِهِ كَالْمُسْتَأْجَرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَحَّ جَزْمًا) أَيْ وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ

<<  <  ج: ص:  >  >>