لَزِمَتْهَا) الْعِدَّةُ (فِيهِ) لِأَنَّ السُّكْنَى ثَابِتَةٌ فِي الْمُسْتَعَارِ كَالْمَمْلُوكِ فَشَمِلَتْهَا الْآيَةُ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ نَقْلُهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ (فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ) فِيهِ (وَلَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةٍ) لِمِثْلِ مَسْكَنِهَا بِأَنْ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ إجَارَتِهِ (نُقِلَتْ) إلَى أَقْرَبِ مَا يُوجَدُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ امْتِنَاعَ النَّقْلِ مَعَ رِضَاهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى بَذْلِهَا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا لَوْ قَدَرَ عَلَى مَسْكَنٍ مَجَّانًا بِعَارِيَّةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَخُرُوجُ الْمُعِيرِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ بِجُنُونٍ وَسَفَهٍ أَوْ زَوَالِ اسْتِحْقَاقٍ كَرُجُوعِهِ.
قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْإِعَارَةِ قَبْلَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا وَعَلِمَ بِالْحَالِ لَزِمَتْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا تَلْزَمُ فِي نَحْوِ دَفْنِ مَيِّتٍ.
وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بَيْنَ لُزُومِهَا فِي نَحْوِ الْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَعَدَمِهَا هُنَا بِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ وَلَا ضَرُورَةَ فِي انْتِقَالِهَا هُنَا لَوْ رَجَعَ بِخِلَافِ نَحْوِ الْهَدْمِ ثَمَّ فَيُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا.
وَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ جَوَازُ رُجُوعِ الْمُعِيرِ الْمُعْتَدَّةَ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا تَكُونُ لَازِمَةً مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ، فَدَعْوَى تَصْرِيحِهِمْ بِمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ خَلْطٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُعِيرَ الرَّاجِعَ لَوْ رَضِيَ بِسُكْنَاهَا إعَارَةً بَعْدَ انْتِقَالِهَا لِمُعَارٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ لَمْ يَلْزَمْهَا الْعَوْدُ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهَا غَيْرُ آمِنَةٍ مِنْ رُجُوعِهِ بَعْدُ (وَكَذَا مُسْتَأْجَرٌ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ) فَلْتَنْتَقِلْ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ مَالِكُهُ بِتَجْدِيدِ إجَارَةٍ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ فَلَا تَنْتَقِلُ، وَفِي مَعْنَى الْمُسْتَأْجَرِ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى مُدَّةً وَانْقَضَتْ (أَوْ) لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ وَهِيَ بِمَسْكَنٍ مُسْتَحَقٍّ (لَهَا اسْتَمَرَّتْ) فِيهِ وُجُوبًا إنْ تَطَلَّبَ النَّقْلَةَ لِغَيْرِهِ وَإِلَّا فَجَوَازًا (وَ) إذَا اخْتَارَتْ الْإِقَامَةَ فِيهِ (طَلَبَتْ الْأُجْرَةَ) مِنْهُ أَوْ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ شَاءَتْ لِأَنَّ السُّكْنَى عَلَيْهِ، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةً قَبْلَ طَلَبِهَا سَقَطَتْ كَمَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا بِإِذْنِهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ عَلَى النَّصِّ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ.
وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ يَنْزِلُ عَلَى الْإِعَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ:
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَإِنْ حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهَا وَانْتَقَلَتْ إلَى الْأَقْرَاءِ لَمْ تَنْفَسِخْ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْهَا) أَيْ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ بِعَارِيَّةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ وَجَدَ الزَّوْجُ مُتَبَرِّعَةً بِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَطَلَبَتْ الْأُمُّ أُجْرَةً حَيْثُ أُجِيبَ الزَّوْجُ بِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الرَّضَاعِ عَلَى الْقِيَامِ بِأَمْرِ الْوَلَدِ وَقَدْ حَصَلَ مِنْ غَيْرِ أُمِّهِ، وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى صِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ مَعَ مُرَاعَاةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأُمِّ بِمُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَوَالِ اسْتِحْقَاقٍ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ يَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجُ لِكَوْنِهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ أَوْ مَشْرُوطًا لِنَحْوِ الْإِمَامِ وَكَانَ إمَامًا (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا) أَيْ وَحْدَهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ مَنْزِلِهَا مَنْزِلُ أَهْلِهَا بِإِذْنِهِمْ، وَلَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمَذْكُورُ هُنَا، وَإِلَّا فَفِيهِ أَصْلُ الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: قَطَعُوا بِجَوَازِ الرُّجُوعِ فِي الْعَارِيَّةِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْعَارِيَّةِ قَبْلَ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَعَلِمَ الْمُعِيرُ بِالْحَالِ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَعَارَ بَعْدَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَعِلْمُهُ بِالْحَالِ أَنَّهَا تَلْزَمُ لِمَا فِي الرُّجُوعِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي مُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ كَمَا تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَغَيْرِهِ وَالْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ، وَتَعَرَّضَ فِي الْبَحْرِ لِذَلِكَ فَقَالَ: إنْ قِيلَ: الْعَارِيَّةُ تَلْزَمُ إذَا أَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ لِوَضْعِ الْجُذُوعِ فَهَلَّا قِيلَ: كَذَلِكَ.
وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ وَلَا ضَرَرَ فِي انْتِقَالِ الْمُعْتَدَّةِ وَفِي نَقْلِ الْبِنَاءِ وَالْجُذُوعِ إفْسَادٌ وَهَدْمٌ وَضَرَرٌ. اهـ. انْتَهَتْ عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ؟ وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْمُؤَاخَذَاتِ، فَإِنَّهُ نُقِلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ الْجَزْمُ بِلُزُومِ الْعَارِيَّةِ مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِهِ مُجَرَّدَ تَجْوِيزٍ، وَأَوْهَمَ أَنَّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى صَحِيحٍ مَعَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِلُزُومِ الْعَارِيَّةِ لِلْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: فَيُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا) أَيْ فَيُقَالُ بِمِثْلِ مَا فَرَّقَ بِهِ الرُّويَانِيُّ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ فِي قِيَاسِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا هُنَا عَلَى الْإِعَارَةِ لِدَفْنِ الْمَيِّتِ وَالرَّهْنِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ