للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ مَعَ كَوْنِهِ تَابِعًا لَهَا فِي السُّكْنَى، وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِهَا مُطْلَقَةَ التَّصَرُّفِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ أَمْتِعَتُهُ بِمَحَلٍّ مِنْهَا وَإِلَّا لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ فَلَمْ تُصَرِّحْ لَهُ بِالْإِبَاحَةِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ

(فَإِنْ) (كَانَ مَسْكَنُ النِّكَاحِ نَفِيسًا) لَا يَلِيقُ بِهَا (فَلَهُ النَّقْلُ) لَهَا مِنْهُ (إلَى) مَسْكَنٍ آخَرَ (لَائِقٍ بِهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ النَّفِيسَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَيَتَحَرَّى أَقْرَبَ صَالِحٍ إلَيْهِ وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ قِيَاسُ نَقْلِ الزَّكَاةِ وَتَقْلِيلًا لِزَمَنِ الْخُرُوجِ مَا أَمْكَنَ وَإِنْ ذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إلَى النَّدْبِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْحَقُّ (أَوْ) كَانَ (خَسِيسًا) غَيْرَ لَائِقٍ بِهَا (فَلَهَا الِامْتِنَاعُ) لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهَا

(وَلَيْسَ لَهُ مُسَاكَنَتُهَا وَمُدَاخَلَتُهَا) أَيْ دُخُولُ مَحَلٍّ هِيَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الْمُسَاكَنَةِ مَعَ انْتِفَاءِ نَحْوِ الْمَحْرَمِ الْآتِي فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ أَعْمَى وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَرَضِيَتْ لِأَنَّ ذَلِكَ يَجُرُّ لِلْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِهَا، وَالْكَلَامُ هُنَا حَيْثُ لَمْ يَزِدْ مَسْكَنُهَا عَلَى سُكْنَى مِثْلِهَا لِمَا سَيُذْكَرُ فِي الدَّارِ وَالْحُجْرَةِ وَالْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ (فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ) الَّتِي لَيْسَ فِيهَا سِوَى مَسْكَنٍ وَاحِدٍ (مَحْرَمٌ لَهَا) بَصِيرٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (مُمَيِّزٌ) بِأَنْ كَانَ يَحْتَشِمُ وَيَمْنَعُ وُجُودُهُ وُقُوعَ خَلْوَةٍ بِهَا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَبِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ مَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ مِنْ التَّنَاقُضِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَظِنَّةِ عَدَمِ الْخَلْوَةِ وَلَا تَحْصُلُ إلَّا حِينَئِذٍ (ذَكَرٌ) أَوْ أُنْثَى، وَحَذْفُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ بِالْأَوْلَى (أَوْ) مَحْرَمٌ (لَهُ) مُمَيِّزٌ بَصِيرٌ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (أُنْثَى أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى) كَذَلِكَ (أَوْ أَمَةٌ) أَوْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ كَذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْهُنَّ ثِقَةٌ يَحْتَشِمُهَا بِحَيْثُ يَمْنَعُ وُجُودُهَا وُقُوعَ فَاحِشَةٍ بِحَضْرَتِهَا وَكَالْأَجْنَبِيَّةِ مَمْسُوحٌ أَوْ عَبْدُهَا بِشَرْطِ التَّمْيِيزِ وَالْبَصَرِ وَالْعَدَالَةِ.

وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَعْمَى الْفَطِنَ مُلْحَقٌ بِالْبَصِيرِ حَيْثُ أَدَّتْ فِطْنَتُهُ لِمَنْعِ وُقُوعِ رِيبَةٍ بَلْ هُوَ أَقْوَى مِنْ الْمُمَيِّزِ السَّابِقِ (جَازَ) مَعَ كَرَاهَةِ كُلٍّ مِنْ مُسَاكَنَتِهَا إنْ وَسِعَتْهُمَا الدَّارُ وَإِلَّا وَجَبَ انْتِقَالُهَا وَمُدَاخَلَتِهَا إنْ كَانَتْ ثِقَةً لِلْأَمْنِ مِنْ الْمَحْذُورِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا حَلَّتْ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ ثِقَتَيْنِ يَحْتَشِمُهُمَا، بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِمَا فِي وُقُوعِ فَاحِشَةٍ مِنْ امْرَأَةٍ بِحُضُورِ مِثْلِهَا مِنْ الْبُعْدِ لِأَنَّهَا تَحْتَشِمُهَا وَلَا كَذَلِكَ الرَّجُلُ مَعَ مِثْلِهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعُ خَلْوَةِ رَجُلٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَكْفِي السُّكُوتُ مِنْهَا وَلَا مِنْهُمْ فَتَلْزَمُهُمْ الْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ نَزَلَ سَفِينَةً وَسَيَّرَهَا مَالِكُهَا وَهُوَ سَاكِتٌ فَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمَرْكَبِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ، وَبِهِ صَرَّحَ الدَّمِيرِيِّ فِي مَنْظُومَتِهِ حَيْثُ قَالَ:

أَمَّا إذَا أَقَامَ وَهِيَ سَاكِتَهْ ... فَأُجْرَةُ النِّصْفِ عَلَيْهِ ثَابِتَهْ

فِي مَوْضِعٍ شَارَكَ فِيهِ المالكة ... وَأُجْرَةُ الْعَارِي عَلَى الْمُشَارَكَة

كَحُجْرَةٍ مِفْتَاحُهَا بِهِ انْفَرِدْ ... فَفِيهِ أُجْرَةٌ عَلَيْهِ لَا تُرَدْ

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) تَمَيَّزَتْ أَمْتِعَتُهُ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ) يُشْعِرُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ وَأَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ إلَيْهَا لِيَمْنَعَ مِنْ خَلْوَتِهَا بِالزَّوْجِ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا وَامْتَنَعَ مِنْ دَوَامِ السُّكْنَى إلَّا بِأُجْرَةٍ لَهُ عَلَى مُكْثِهِ لِيَمْنَعَ الْخَلْوَةَ لَمْ يَجِبْ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَعْمَى الْفَطِنَ إلَخْ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعٌ) عِبَارَةُ حَجّ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا تَحِلُّ خَلْوَةٌ إلَخْ، وَبِهِ يَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا أَمْرَدَ بِمِثْلِهِ نَظَرَ فِيهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا فِي حَوَاشِي الْفِقْهِ لسم (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ كَوْنِهِ تَابِعًا إلَخْ.) هَذَا لَيْسَ قَيْدًا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ، وَإِلَّا فَمَتَى وُجِدَ الْإِذْنُ فَلَا أُجْرَةَ مُطْلَقًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ

(قَوْلُهُ: بَيَّنَ مَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ مِنْ التَّنَاقُضِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَيَّنَ مَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمَتْنِ وَالرَّوْضَةِ إلَخْ. أَيْ فَالتَّنَاقُضُ الْمُتَوَهَّمُ وَاقِعٌ بَيْنَ عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَبَيْنَ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَإِلَّا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُوهِمُ تَنَاقُضًا، فَالصَّوَابُ إبْدَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>