للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ بَعْدَ عِلْمِهِ الْوَطْءَ بِوَحْيٍ أَوْ إخْبَارٍ لِمَا مَرَّ مِنْ الْإِجْمَاعِ (وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْءٍ وَنَفَى الْوَلَدَ وَادَّعَى اسْتِبْرَاءً) بِحَيْضَةٍ مَثَلًا بَعْدَ الْوَطْءِ وَقَبْلَ الْوَضْعِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ وَافَقَتْهُ الْأَمَةُ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَجْلِ حَقِّ الْوَلَدِ (لَمْ يَلْحَقْهُ) الْوَلَدُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ عُمَرَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - نَفَوْا أَوْلَادَ إمَاءٍ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ وَالِاسْتِبْرَاءُ كَذَلِكَ فَتَعَارَضَا وَبَقِيَ أَصْلُ الْإِمْكَانِ وَهُوَ لَا يُكْتَفَى بِهِ هُنَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ كَمَا مَرَّ، وَفِي قَوْلٍ يَلْحَقُهُ تَخْرِيجًا مِنْ نَصِّهِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ فِرَاشِ التَّسَرِّي إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ أَوْ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ، وَقَدْ عَارَضَ الْوَطْءَ هُنَا الِاسْتِبْرَاءُ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ لُحُوقٌ، أَمَّا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَيَلْحَقُهُ وَيَلْغُو الِاسْتِبْرَاءُ، وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا أَنَّ لَهُ نَفْيَهُ بِاللِّعَانِ.

وَرُدَّ بِأَنَّهُ سَهْوٌ لِمَا فِيهِ فِي بَابِهِ وَفِي الْعَزِيزِ هُنَا، وَجَمْعُ الْكِتَابِ بَيْنَ نَفْيِ الْوَلَدِ وَدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ تَصْوِيرٌ أَوْ قَيْدٌ لِلْخِلَافِ فَفِي الرَّوْضَةِ، لَهُ نَفْيُهُ بِالْيَمِينِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ، فَإِنْ نَكَلَ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا تَوَقُّفُ اللُّحُوقِ عَلَى يَمِينِهَا فَإِنْ نَكَلَتْ فَيَمِينُ الْوَلَدِ بَعْدَ بُلُوغِهِ.

وَثَانِيهِمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ لُحُوقُ الْوَلَدِ بِنُكُولِهِ.

وَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَنَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ كَافٍ فِي نَفْيِهِ عَنْهُ إذَا حَلَفَ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَنْكَرَتْ الِاسْتِبْرَاءَ) وَقَدْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ (حَلَفَ) وَيَكْفِي فِي حَلِفِهِ (أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ) وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلِاسْتِبْرَاءِ كَمَا فِي نَفْيِ وَلَدِ الْحُرَّةِ وَإِذَا حَلَفَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَهَلْ يَقُولُ اسْتَبْرَأْتُهَا قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وِلَادَتِهَا هَذَا الْوَلَدَ أَوْ يَقُولُ وَلَدَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِي؟ فِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوْجَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَافٍ فِي حَلِفِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ (وَقِيلَ يَجِبُ تَعَرُّضُهُ لِلِاسْتِبْرَاءِ) لِيُثْبِتَ بِذَلِكَ دَعْوَاهُ (وَلَوْ ادَّعَتْ اسْتِيلَادًا فَأَنْكَرَ أَصْلَ الْوَطْءِ وَهُنَاكَ وَلَدٌ لَمْ) يَلْحَقْهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْفِرَاشِ وَلَمْ (يَحْلِفْ) هُوَ (عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَى الْوَلَدِ حَتَّى تَنُوبَ عَنْهُ فِي الدَّعْوَى وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِمَا يَقْتَضِي اللُّحُوقَ.

وَالثَّانِي يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ ثَبَتَ النَّسَبُ، فَإِذَا أَنْكَرَ حَلَفَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ وَلَدٌ فَلَا يَحْلِفُ جَزْمًا كَمَا قَالَاهُ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَنْبَغِي حَلِفُهُ جَزْمًا إذَا عُرِضَتْ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّ دَعْوَاهَا حِينَئِذٍ تَنْصَرِفُ إلَى حُرِّيَّتِهَا لَا إلَى وَلَدِهَا، وَيُرَدُّ بِمَنْعِ قَوْلِهِ لَا إلَى آخِرِهِ بَلْ الِانْصِرَافُ يَتَمَحَّضُ لَهُ إذْ لَا سَبَبَ لِلْحُرِّيَّةِ غَيْرُهُ، وَأَيْضًا هُوَ حَاضِرٌ وَالْحُرِّيَّةُ مُنْتَظِرَةٌ وَالِانْصِرَافُ لِلْحَاضِرِ أَقْوَى فَيَتَعَيَّنُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّةَ دَعْوَى الْأَمَةِ الِاسْتِيلَادَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَلَوْ) (قَالَ) مَنْ أَتَتْ مَوْطُوءَتُهُ بِوَلَدٍ (وَطِئْت) هَا (وَعَزَلْت) عَنْهَا (لَحِقَهُ) الْوَلَدُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ مِنْ غَيْرِ إحْسَاسٍ بِهِ وَلِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِنْزَالُ.

وَالثَّانِي لَا يَلْحَقُهُ كَدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْحَلِفِ مَعَ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا بُدَّ فِيهِ) أَيْ فِرَاشِ التَّسَرِّي (قَوْلُهُ: فَفِي الرَّوْضَةِ) بَيَانٌ لِمَنْشَإِ السَّهْوِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنَّ جَمْعَ الْكِتَابِ بَيْنَ نَفْيٍ إلَخْ تَصْوِيرٌ (قَوْلُهُ وَإِذَا حَلَفَ) أَيْ إذَا قُلْنَا بِالرُّجُوعِ أَنَّهُ يَجِبُ تَعَرُّضُهُ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَوْ تَبَرَّعَ بِالتَّعَرُّضِ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَوْ إنْ قُلْنَا لَا يَجِبُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْحَقْهُ) أَيْ وَإِنْ أَشْبَهَهُ بَلْ وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِ الْقَائِفُ لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْلِفُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ دَعْوَاهَا تَطْلُبُ مِنْهُ جَوَابَ مَنْعِهِ بِطَرِيقِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ) ، وَإِنْ وَافَقَتْهُ الْأَمَةُ: يَعْنِي: وَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ، وَإِنْ وَافَقَتْهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ.) لَعَلَّهُ رَاجِعٌ إلَى مَنْطُوقِ الْمَتْنِ: أَيْ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدُ وَأَيْضًا هُوَ حَاضِرٌ إلَخْ. فَلْيُرَاجَعْ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>