الْأَصَحَّ حُرْمَةُ تَنَاكُحِهِمَا.
أَمَّا عَلَى مَا عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ حِلِّهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ فَيَحْرُمُ (حَيَّةٍ) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً لَا مَنْ حَرَكَتُهَا حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ وَلَا مَيِّتَةٍ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، كَمَا لَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْئِهَا وَلِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ مِنْ جُثَّةٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ كَالْبَهِيمَةِ، وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُهُمْ اللَّبَنُ لَا يَمُوتُ فَلَا عِبْرَةَ بِظَرْفِهِ كَلَبَنِ حَيَّةٍ فِي سِقَاءٍ نَجَسٍ، نَعَمْ يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ (بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ) قَمَرِيَّةً تَقْرِيبًا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الْحَيْضِ وَلَوْ بِكْرًا خَلِيَّةً دُونَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْوِلَادَةَ وَاللَّبَنُ الْمُحَرِّمُ فَرْعُهَا (وَلَوْ حَلَبَتْ لَبَنَهَا) الْمُحَرِّمَ وَهُوَ الْخَامِسَةُ أَوْ خَمْسُ دَفَعَاتٍ أَوْ حَلَبَهُ غَيْرُهَا أَوْ نَزَلَ مِنْهَا بِلَا حَلْبٍ (فَأَوْجَرَهُ) طِفْلٌ مَرَّةً فِي الْأُولَى أَوْ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي الثَّانِيَةِ (بَعْدَ مَوْتِهَا حَرَّمَ) بِالتَّشْدِيدِ هُنَا وَفِيمَا بَعْدُ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْفِصَالِهِ مِنْهَا وَهِيَ غَيْرُ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ.
وَالثَّانِي لَا يُحَرِّمُ لِبُعْدِ إثْبَاتِ الْأُمُومَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ لِانْفِصَالِهِ مِنْهَا وَهُوَ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ: أَيْ لِأَنَّهُ يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْإِرْضَاعِ بِهِ وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِفِعْلِهَا بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِلَّا فَلَبَنُ الْمَيْتَةِ طَاهِرٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ (وَلَوْ) (جُبِّنَ أَوْ نُزِعَ مِنْهُ زُبْدٌ) وَأُطْعِمَ الطِّفْلُ ذَلِكَ الْجُبْنَ أَوْ الزُّبْدَ أَوْ سَقَاهُ الْمَنْزُوعَ مِنْهُ الزُّبْدُ (حَرَّمَ) لِحُصُولِ التَّغَذِّي (وَلَوْ) (خُلِطَ) اللَّبَنُ (بِمَائِعٍ) أَوْ جَامِدٍ (حَرَّمَ إنْ غَلَبَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمَائِعَ بِأَنْ ظَهَرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ وَإِنْ شَرِبَ الْبَعْضَ لِأَنَّهُ الْمُؤَثِّرُ حِينَئِذٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ تَابِعٌ (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ) وَعَلَيْهِ فَتَعْبِيرُ الشَّافِعِيِّ بِالْآدَمِيَّةِ لَمْ يُرِدْ بِهِ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْجِنِّيَّةِ لِنُدْرَةِ الِارْتِضَاعِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لَا مِنْ حَرَكَتِهَا حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كحج أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُصُولِهَا إلَى ذَلِكَ الْحَدِّ بَيْنَ كَوْنِهِ بِجِنَايَةٍ أَوْ بِدُونِهَا وَالْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّ مَنْ وَصَلَ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ بِلَا جِنَايَةٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْأَوَّلِ فَلْيُرَاجَعْ.
لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ رَضِيعٌ حَيٌّ مِنْ قَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ طَبَقَتِي أَنَّ الْمُدْرِكَ هُنَا غَيْرُهُ ثَمَّ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ مِنْ جُثَّةٍ) لَوْ قَالَ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْدَ مَوْتِهَا لَا يُقْصَدُ بِهِ الْغِذَاءُ وَلَا يَصْلُحُ صَلَاحِيَةَ لَبَنِ الْحَيَّةِ لَكَانَ مُوَافِقًا لِمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ بِأَنَّ لَبَنَ غَيْرِ الْآدَمِيَّةِ مِنْ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ صَلَاحِيَّةَ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ (قَوْلُهُ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ) أَيْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إبَاحَةُ شَيْءٍ لَهَا وَلَا تَحْرِيمُ شَيْءٍ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ مُحْتَرَمَةً فِي نَفْسِهَا بِحَيْثُ يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهَا بِمَا يَحْرُمُ بِهِ التَّعَرُّضُ لِلْحَيَّةِ، وَلَا تَرِدُ الصَّغِيرَةُ لِأَنَّهَا تُمْنَعُ مِنْ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ كَمَا تُمْنَعُ الْبَالِغَةُ وَيُؤْذَنُ لَهَا فِي فِعْلِ غَيْرِهِ فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْمُكَلَّفَةِ بَلْ تُؤْمَرُ وُجُوبًا بِالْعِبَادَاتِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ بَابِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ يُكْرَهُ) أَيْ نِكَاحُ مَنْ تَحْرُمُ مُنَاكَحَتُهَا بِتَقْدِيرِ الرَّضَاعِ مِنْهَا حَيَّةً.
[فَرْعٌ] لَوْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا أَوْ فِيهِ نَحْوُ تَفْصِيلِ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْقِيَاسَ الثَّانِيَ، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ ثَدْيٍ زَائِدٍ فَهَلْ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا أَوْ يُفْصَلُ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: الْقِيَاسُ الثَّانِي أَيْضًا إنْ قُلْنَا الْخَارِجُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ لَا يَحْرُمُ.
وَأَمَّا إذَا قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ وَهُوَ الْقِيَاسُ حَيْثُ خَرَجَ مُسْتَحْكِمًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ هُنَا، إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَقَوْلُ سم أَوْ فِيهِ نَحْوُ تَفْصِيلِ الْغُسْلِ: أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ مُسْتَحْكَمًا بِأَنْ لَمْ يَحِلَّ خُرُوجُهُ عَلَى مَرَضٍ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ انْخَرَقَ ثَدْيُهَا وَخَرَجَ مِنْهُ اللَّبَنُ فَلَا يُقَالُ فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ، بَلْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ التَّحْرِيمُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ انْكَسَرَ صُلْبُهُ فَخَرَجَ مَنِيُّهُ حَيْثُ قَالُوا بِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِيهِ، وَمِثْلُهُ فِي التَّحْرِيمِ مَا لَوْ اُسْتُؤْصِلَ ثَدْيُهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَخَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ نَقْصُهَا عَنْ التِّسْعِ بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا (قَوْلُهُ: أَوْ الزُّبْدُ) أَيْ أَوْ السَّمْنُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَشَرْطٌ فِي اللَّبَنِ وُصُولُهُ أَوْ وُصُولُ مَا حَصَلَ مِنْهُ مِنْ جُبْنٍ أَوْ غَيْرِهِ جَوْفًا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ يَشْمَلُ السَّمْنَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ (قَوْلُهُ: أَوْ سَقَاهُ الْمَنْزُوعُ مِنْهُ) خَرَجَ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَيْ لِأَنَّهُ يَصِحُّ إلَخْ.) هُوَ خَبَرُ قَوْلِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرِبَ الْبَعْضَ) هَلَّا قَيَّدَ الْبَعْضَ بِمَا يَأْتِي مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute