للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَإِنْ غُلِبَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِأَنْ زَالَ طَعْمُهُ وَلَوْنُهُ وَرِيحُهُ حِسًّا وَتَقْدِيرًا بِالْأَشَدِّ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يَأْتِي مِنْهُ خَمْسُ دَفَعَاتٍ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ، وَحَكَى عَنْ النَّصِّ خِلَافَهُ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْفِطْرَةَ وَحْدَهَا مُؤَثِّرَةٌ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ مَا وَقَعَتْ فِيهِ، وَجُعِلَ أَنَّ اخْتِلَاطَ اللَّبَنِ بِغَيْرِهِ لَيْسَ كَانْفِرَادِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي انْفِصَالِهِ عَدَدٌ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ (وَشَرِبَ) الرَّضِيعُ (الْكُلَّ) عَلَى خَمْسِ رَضَعَاتٍ أَوْ كَانَ هُوَ الْخَامِسَةَ (قِيلَ أَوْ الْبَعْضَ حَرَّمَ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي شُرْبِ الْكُلِّ وَصَلَ لِجَوْفِهِ يَقِينًا فَحَصَلَ التَّغَذِّي الْمَقْصُودُ، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ تَأْثِيرِ نَجَاسَةٍ اُسْتُهْلِكَتْ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لِانْتِفَاءِ اسْتِقْذَارِهَا حِينَئِذٍ وَعَدَمِ حَدٍّ بِخَمْرٍ اُسْتُهْلِكَتْ فِي غَيْرِهَا لِانْتِفَاءِ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ وَعَدَمِ فِدْيَةٍ بِطَعَامٍ فِيهِ طِيبٌ اُسْتُهْلِكَ لِزَوَالِ التَّطَيُّبِ.

وَالثَّانِي لَا يُحَرِّمُ لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ الْمُسْتَهْلَكَ كَالْمَعْدُومِ، وَشُرْبُ الْبَعْضِ لَا يُحَرِّمُ فِي الْأَصَحِّ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ وُصُولِ اللَّبَنِ مِنْهُ إلَى الْجَوْفِ، فَإِنْ تَحَقَّقَ كَأَنْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ حَرَّمَ جَزْمًا، وَلَوْ زَايَلَتْ اللَّبَنَ الْمُخَالِطَ لِغَيْرِهِ أَوْصَافُهُ اُعْتُبِرَ بِمَا لَهُ لَوْنٌ قَوِيٌّ يَسْتَوْلِي عَلَى الْخَلِيطِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَنْزُوعُ مِنْهُ الْجُبْنُ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ دُسُومَةٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ انْسَلَخَ عَنْهُ اسْمُ اللَّبَنِ وَصِفَاتُهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ ظَهَرَ لَوْنُهُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِظُهُورِ اللَّوْنِ مَا يَشْمَلُ الْحِسِّيَّ وَالتَّقْدِيرِيَّ كَمَا فِي الْمِيَاهِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ الْآتِي حِسًّا وَتَقْدِيرًا بِالْأَشَدِّ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ زَايَدَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُؤَثِّرُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ غَلَبَ (قَوْلُهُ: خَمْسُ دَفَعَاتٍ) أَيْ وَانْفَصَلَ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ وَشَرِبَهُ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ (قَوْلُهُ مَا وَقَعَتْ فِيهِ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَيَرُدُّهُ مَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ انْفِصَالُهُ فِي مَرَّةٍ وَوُصُولُهُ فِي خَمْسٍ لَمْ يُؤَثِّرْ اهـ: أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَأْتِي، لَكِنْ يَجُوزُ أَنَّ هَذَا الْبَعْضَ بَنَاهُ عَلَى مُقَابِلِهِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي قَوْلِ خَمْسٍ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ " وَجَعَلَ " أَنَّ اخْتِلَاطَ اللَّبَنِ إلَخْ يَمْنَعُ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الزِّيَادِيُّ فِي الرَّدِّ (قَوْلُهُ: خَمْسِ رَضَعَاتٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَلَبَ مِنْهَا فِي دَفْعَةٍ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَ فِي مَرَّةٍ وَشَرِبَهُ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ يُعَدُّ رَضْعَةً أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِتَعَدُّدِهِ هُنَا انْفِصَالُهُ فِي خَمْسٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْتَلِطِ بِغَيْرِهِ التَّعَدُّدُ فِي الِانْفِصَالِ فَلْيُرَاجَعْ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: هُوَ فِي غَايَةِ التَّعَسُّفِ، وَالصَّوَابُ خِلَافُ ذَلِكَ وَاسْتِوَاءُ الْمَسْأَلَتَيْنِ اهـ.

وَيُوَافِقُ قَوْلُ سم قَوْلَ الشَّارِحِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ هُوَ) أَيْ الْمَخْلُوطُ (قَوْلُهُ: أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ) قَدْ يُقَالُ بَقَاءُ الْأَقَلِّ لَا يَقْتَضِي تَحَقُّقَ الْوُصُولِ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ لِاحْتِمَالِ خُلُوِّ بَعْضِ الْخَمْسِ عَنْهُ لِانْحِصَارِهِ فِي غَيْرِهَا مِمَّا شَرِبَ أَوْ مِمَّا بَقِيَ أَيْضًا، إلَّا أَنْ يَخُصَّ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَشْرُوبُ هُوَ الْخَامِسَةُ فَقَطْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِيمَا لَوْ شَرِبَ جَمِيعَ الْمَخْلُوطِ بِهِ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا خَالِيًا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَايَلَتْ اللَّبَنَ) أَيْ فَارَقَتْ اللَّبَنَ هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَتَقْدِيرًا بِالْأَشَدِّ، لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ لِلْإِيضَاحِ وَلِلتَّصْرِيحِ بِأَنَّ اللَّوْنَ الْوَاقِعَ فِي كَلَامِهِمْ لَيْسَ قَيْدًا ثُمَّ اعْتِبَارُ مَا ذُكِرَ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

خَمْسُ دَفَعَاتٍ كَمَا صَنَعَ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّهُ يَأْتِي مِنْهُ خَمْسُ دَفَعَاتٍ) أَيْ أَوْ كَانَ هُوَ الْخَامِسَةَ نَظِيرُ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي شُرْبِ الْكُلِّ إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ إنَّ وُصُولَ اللَّبَنِ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ كَافِيًا فِي التَّحْرِيمِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وُصُولِ خُصُوصِ اللَّبَنِ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّ اللَّبَنَ بِاخْتِلَاطِهِ صَارَ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَائِعِ جَزْءًا مِنْهُ، قُلْنَا: فَكَانَتْ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِشُرْبِ الْبَعْضِ إذَا شَرِبَهُ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ اللَّبَنَ يَتَأَتَّى مِنْهُ فِي نَفْسِهِ خَمْسُ دَفَعَاتٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَحَقَّقَ) فِيهِ مَا قَدَّمْته (قَوْلُهُ: كَأَنْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَقَلُّ إلَخْ.) لَا خَفَاءَ أَنَّ التَّحَقُّقَ يَحْصُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>