للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَقْوَى مَا يُنَاسِبُ لَوْنَ اللَّبَنِ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الطَّهَارَةِ فِي التَّغَيُّرِ التَّقْدِيرِيِّ بِالْأَشَدِّ فَاقْتِصَارُهُمْ هُنَا عَلَى اللَّوْنِ كَأَنَّهُ مِثَالٌ، وَلَبَنُ امْرَأَتَيْنِ اخْتَلَطَ يُثْبِتُ أُمُومَتَهُمَا وَفِي الْمَغْلُوبِ مِنْهُمَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فَتَثْبُتُ الْأُمُومَةُ لِغَالِبَةِ اللَّبَنِ وَكَذَا الْمَغْلُوبَةُ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ (وَيَحْرُمُ إيجَارٌ) وَهُوَ صَبُّ اللَّبَنِ فِي الْحَلْقِ قَهْرًا لِحُصُولِ التَّغَذِّي بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ وُصُولُهُ لِلْمَعِدَةِ وَلَوْ مِنْ جَائِفَةٍ لَا مَسَامَّ، فَلَوْ تَقَيَّأَهُ قَبْلَ وُصُولِهَا يَقِينًا لَمْ يُحَرِّمْ (وَكَذَا إسْعَاطٌ) بِأَنْ صُبَّ اللَّبَنُ مِنْ الْأَنْفِ حَتَّى وَصَلَ لِلدِّمَاغِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِذَلِكَ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ كَالْحُقْنَةِ (لَا حُقْنَةً فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا لِإِسْهَالِ مَا انْعَقَدَ فِي الْأَمْعَاءِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا تَغَذٍّ، وَمِثْلُهَا صَبُّهُ فِي نَحْوِ أُذُنٍ أَوْ قُبُلٍ.

وَالثَّانِي يَحْرُمُ كَمَا يَحْصُلُ بِهَا الْفِطْرُ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِمَا يَصِلُ إلَى جَوْفٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِدَةً وَلَا دِمَاغًا بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلِهَذَا لَمْ يُحَرِّمْ تَقْطِيرٌ فِي أُذُنٍ أَوْ جِرَاحَةٍ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى مَعِدَةٍ

(وَشَرْطُهُ) أَيْ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ: أَيْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِ فَلَا يُنَافِي عَدَّهُ فِيمَا مَرَّ رُكْنًا (رَضِيعٌ حَيٌّ) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً فَلَا أَثَرَ لِوُصُولِهِ لِجَوْفِ مَنْ حَرَكَتُهُ حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ وَمَيِّتٍ اتِّفَاقًا لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي (لَمْ يَبْلُغْ) فِي ابْتِدَاءِ الْخَامِسَةِ (سَنَتَيْنِ) بِالْأَهِلَّةِ مَا لَمْ يَنْكَسِرْ أَوَّلُ شَهْرٍ فَيُتَمِّمُ ثَلَاثِينَ مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ، فَإِنْ بَلَغَهَا لَمْ يُحَرِّمْ وَيَحْسِبَانِ مِنْ تَمَامِ انْفِصَالِهِ لَا مِنْ أَثْنَائِهِ، وَإِنْ رَضَعَ وَطَالَ زَمَنُ الِانْفِصَالِ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ فَلَا تَحْرِيمَ لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ» وَخَبَرِ «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ فِي سَالِمٍ الَّذِي أَرْضَعَتْهُ زَوْجَةُ مَوْلَاهُ أَبِي حُذَيْفَةَ وَهُوَ رَجُلٌ لِيَحِلَّ لَهُ نَظَرُهَا بِإِذْنِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَلَا لِأَنَّ الْغَالِبَ يَحْرُمُ قَطْعًا وَالْمَغْلُوبُ فِي الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَغْلُوبِ مِنْهُمَا) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْمَغْلُوبِ هُنَا فَإِنَّ الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرَ فِي اخْتِلَاطِ اللَّبَنِ بِغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَلَبَةِ ظُهُورُ أَوْصَافِ اللَّبَنِ لَا يَأْتِي هُنَا، وَقَدْ يُقَالُ: يُفْرَضُ أَحَدُ اللَّبَنَيْنِ مِنْ نَوْعٍ مُخَالِفٍ لِلْآخَرِ فِي أَشَدِّ الصِّفَاتِ، فَإِنْ غَلَبَتْ أَوْصَافُهُ الْمُقَدَّرَةُ عَلَى أَوْصَافِ اللَّبَنِ الْآخَرِ بِحَيْثُ إنَّهَا أَزَالَتْهَا كَانَ الْآخَرُ مَغْلُوبًا وَإِلَّا فَلَا أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَطَ اللَّبَنُ بِمَائِعٍ مُوَافِقٍ لِلَّبَنِ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ السَّابِقِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ لَبَنِهَا وَشَرِبَ الْكُلَّ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا) أَيْ الْحُقْنَةِ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ أُذُنٍ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَصِلْ مِنْهَا إلَى الْمَعِدَةِ أَوْ الدِّمَاغِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ) أَيْ الْفِطْرُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى مَعِدَةٍ) أَيْ أَوْ دِمَاغٍ قِيَاسًا عَلَى الْمَعِدَةِ

(قَوْلُهُ: حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ) فِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) أَيْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ التَّعَرُّضِ لِهَذِهِ وَنَفْيِ تَأْثِيرِهِ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا يَتَعَدَّى مِنْ الرَّضِيعِ إلَى فُرُوعِهِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ عَمَّنْ ذُكِرَ، وَأَمَّا أُصُولُهُ وَحَوَاشِيهِ فَلَا يَتَعَدَّى التَّحْرِيمُ إلَيْهِمْ.

نَعَمْ تَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِي التَّعَالِيقِ كَمَا لَوْ قَالَ زَوْجُهَا إنْ كَانَ هَذَا ابْنِي مِنْ الرَّضَاعِ فَأَنْت طَالِقٌ، أَوْ يُقَالُ أَيْضًا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ مَاتَ الرَّضِيعُ عَنْ زَوْجَةِ رَضِيعِهِ أَيْضًا ثُمَّ أَوْجَرَ اللَّبَنَ بَعْدَ الْمَوْتِ.

فَإِنْ قُلْنَا بِتَأْثِيرِ الرَّضَاعِ بَعْدَ الْمَوْتِ حَرُمَ عَلَى صَاحِبِ اللَّبَنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِزَوْجَةِ الرَّضِيعِ لِصَيْرُورَتِهَا زَوْجَةَ ابْنِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَلَغَهَا) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الْخَامِسَةِ اهـ حَجّ.

وَبِهِ يَتَّضِحُ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ فِي أَثْنَائِهَا (قَوْلُهُ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ) أَيْ دَخَلَ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَايَأَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَعِدَةِ، فَالْمُرَادُ بِفَتْقِ الْأَمْعَاءِ وُصُولُهُ لِلْمَعِدَةِ (قَوْله وَخَبَرُ مُسْلِمٍ فِي سَالِمٍ) قَدْ تُشْكِلُ قَضِيَّةُ سَالِمٍ بِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ الْمُجَوِّزَةَ لِلنَّظَرِ إنَّمَا تَحْصُلُ بِتَمَامِ الْخَامِسَةِ فَهِيَ قَبْلَهَا أَجْنَبِيَّةٌ يَحْرُمُ نَظَرُهَا وَمَسُّهَا فَكَيْفَ جَازَ لِسَالِمٍ الِارْتِضَاعُ مِنْهَا الْمُسْتَلْزِمُ عَادَةً لِلْمَسِّ وَالنَّظَرِ قَبْلَ تَمَامِ الْخَامِسَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ قَدْرُ اللَّبَنِ، فَأَكْثَرُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْضُهُ مِنْ اللَّبَنِ وَبَعْضُهُ مِنْ الْخَلِيطِ قَطْعًا فَهَذَا الْبَعْضُ مِنْ الْخَلِيطِ بَدَلُ جُزْءٍ ذَهَبَ مِنْ اللَّبَنِ قَطْعًا بَلْ الذَّاهِبُ هُوَ الْجُزْءُ الْأَعْظَمُ، إذْ الصُّورَةُ أَنَّ اللَّبَنَ مَغْلُوبٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الطَّهَارَةِ) قَدْ يُقَالُ لَمْ يَمُرَّ أَوَّلُ الطَّهَارَةِ اعْتِبَارُ مَا يُنَاسِبُ النَّجَاسَةَ بَلْ الَّذِي مَرَّ اعْتِبَارُهُ إنَّمَا هُوَ أَشَدُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>