للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُبْطِلُ حَصْرَهُ مَا مَرَّ أَنَّ ذَا الْكَسْبِ الْوَاسِعِ مُعْسِرٌ هُنَا وَلَيْسَ مِسْكِينَ زَكَاةٍ فَتَعَيَّنَ مَا عَبَّرَ بِهِ لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (وَمَنْ فَوْقَهُ) فِي التَّوَسُّعِ بِأَنْ كَانَ لَهُ مَا يَكْفِيهِ مِنْ الْمَالِ لَا الْكَسْبِ (إنْ كَانَ لَوْ كُلِّفَ مُدَّيْنِ) كُلَّ يَوْمٍ لِزَوْجَتِهِ (رَجَعَ مِسْكِينًا فَمُتَوَسِّطٌ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَرْجِعْ مِسْكِينًا لَوْ كُلِّفَ ذَلِكَ (فَمُوسِرٌ) وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ، زَادَ فِي الْمَطْلَبِ: وَقِلَّةُ الْعِيَالِ وَكَثْرَتُهَا، حَتَّى إنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ قَدْ يَلْزَمُهُ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةُ مُوسِرٍ وَلَا يَلْزَمُهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ إلَّا نَفَقَةُ مُتَوَسِّطٍ أَوْ مُعْسِرٍ، وَلَوْ ادَّعَتْ يَسَارَ زَوْجِهَا وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلُ الْوَدِيعَةِ (وَالْوَاجِبُ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ) أَيْ مَحَلُّ الزَّوْجَةِ مِنْ بُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَأَقِطٍ كَالْفِطْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَلْقَ بِهَا وَلَا أَلْفَتْهُ إذْ لَهَا إبْدَالُهُ.

(قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ) غَالِبُ قُوتِ مَحَلِّهَا أَوْ أَصْلُ قُوتِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَالِبٌ (وَجَبَ لَائِقٌ بِهِ) أَيْ بِيَسَارِهِ أَوْ ضِدِّهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَتَنَاوَلُهُ تَوَسُّعًا أَوْ بُخْلًا مَثَلًا (وَيُعْتَبَرُ الْيَسَارُ وَغَيْرُهُ) مِنْ التَّوَسُّطِ وَالْإِعْسَارِ (طُلُوعُ الْفَجْرِ) إنْ كَانَتْ مُمْكِنَةً حِينَئِذٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاحْتِيَاجِهَا لِطَحْنِهِ وَعَجْنِهِ وَخَبْزِهِ، وَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ عَقِبَ طُلُوعِهِ إنْ قَدَرَ بِلَا مَشَقَّةٍ لَكِنَّهُ لَا يُخَاصَمُ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ عَلَى الْعَادَةِ، أَمَّا الْمُمْكِنَةُ بَعْدَهُ فَيُعْتَبَرُ حَالُهُ عَقِبَ التَّمْكِينِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (تَمْلِيكُهَا) يَعْنِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا إنْ كَانَتْ كَامِلَةً وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهَا وَسَيِّدِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ وَلَوْ مَعَ سُكُوتِ الدَّافِعِ وَالْأَخْذِ بَلْ الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهَا كَافٍ (حَبًّا) سَلِيمًا إنْ كَانَ وَاجِبُهُ كَالْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي النَّفْعِ فَتَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَتْ (وَكَذَا) عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ وَإِنْ اعْتَادَتْ فِعْلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهَا (طَحْنُهُ) وَعَجْنُهُ (وَخَبْزُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا.

وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَالْكَفَّارَاتِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّهَا فِي حَبْسِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَتْهُ أَوْ أَكَلَتْهُ حَبًّا اسْتَحَقَّتْ مُؤَنَ ذَلِكَ فِي أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ بِطُلُوعِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ مُعْسِرٌ هُنَا) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ اكْتِسَابِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: كُلَّ يَوْمٍ لِزَوْجَتِهِ) قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ يُقَسَّطُ عَلَى بَقِيَّةِ غَالِبِ الْعُمْرِ فَإِنْ كَانَ لَوْ كُلِّفَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهُ مُدَّيْنِ رَجَعَ مُعْسِرًا كَانَ مُتَوَسِّطًا وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ سم عَلَى حَجّ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: تَنْبِيهٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَبْقَى الْكَلَامُ فِي الْإِنْفَاقِ الَّذِي لَوْ كُلِّفَ بِهِ لَوَصَلَ إلَى حَدِّ الْمِسْكَيْنِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ الْإِنْفَاقُ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ مُعْتَبِرًا يَوْمًا بِيَوْمٍ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَكُونُ فِي يَوْمٍ مُوسِرًا وَفِي آخَرَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَقِلَّةُ الْعِيَالِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ مِنْ زَوْجَةٍ وَخَادِمِهَا وَأُمِّ وَلَدٍ وَمَا كَانَ ضَرُورِيًّا لَهُ كَخَادِمِهِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْفَضْلُ عَمَّنْ ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ: غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ) أَيْ وَقْتَ الْوُجُوبِ إنْ قَدَرَ بِلَا مَشَقَّةٍ وَحِينَئِذٍ يَأْثَمُ بِعَدَمِ الْأَدَاءِ مَعَ الْمُطَالَبَةِ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يُخَاصِمُ) أَيْ فَلَيْسَ لَهَا الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَإِنْ جَازَ لِلْقَاضِي أَمْرُهُ بِالدَّفْعِ إذَا طَلَبَتْ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنْ يَدْفَعَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِأَنْ يُسَلِّمَهُ لَهَا بِقَصْدِ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى لَفْظٍ اهـ.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ اعْتِبَارُ الْقَصْدِ فِيهَا وَتَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي بَابِ الضَّمَانِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ يَعْنِي أَنْ يَدْفَعَ إلَخْ كَأَنَّهُ يُشِيرُ بِهِ إلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: طَحَنَهُ) أَيْ إنْ أَرَادَتْهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ لَهَا أُجْرَةُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ حَتَّى لَوْ بَاعَتْهُ أَوْ أَكَلَتْهُ حَيًّا اسْتَحَقَّتْ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

حَتَّى لَا يَلْزَمَ خُلُوُّ الْمَتْنِ عَنْ بَيَانِ الْمُعْسِرِ وَعَدَمُ تَمَامِ الضَّابِطِ الَّذِي هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِلَا شَكٍّ، وَأَمَّا الْكُسُوبُ الَّذِي أَوْرَدَهُ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ وَلِهَذَا احْتَاجَ هُوَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ فَوْقَهُ مَا قَرَّرَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِاحْتِيَاجِهَا لِطَحْنِهِ إلَخْ.) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عِلَّةً لِلُزُومِ الْأَدَاءِ عَقِبَ الْفَجْرِ الَّذِي ذَكَرَ هُوَ بَعْدُ لَا لِاعْتِبَارِ الْيَسَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>