للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ لَهُ نَقْلَ زَوْجَتِهِ مِنْ حَضَرٍ لِبَادِيَةٍ وَإِنْ خَشِنَ عَيْشُهَا لِأَنَّ نَفَقَتَهَا مُقَدَّرَةٌ: أَيْ لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ.

وَأَمَّا خُشُونَةُ عَيْشِ الْبَادِيَةِ فَهِيَ بِسَبِيلٍ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْهَا بِالْإِبْدَالِ كَمَا مَرَّ، قَالَ: وَلَيْسَ لَهُ سَدُّ طَاقِ مَسْكَنِهَا عَلَيْهَا، وَلَهُ إغْلَاقُ الْبَابِ عَلَيْهَا عِنْدَ خَوْفِ لُحُوقِ ضَرَرٍ لَهُ مِنْ فَتْحِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ نَحْوِ غَزْلٍ وَخِيَاطَةٍ فِي مَنْزِلِهِ اهـ.

وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ زَمَنِ الِاسْتِمْتَاعِ الَّذِي يُرِيدُهُ، أَوْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ بِهِ، وَفِي سَدِّ الطَّاقَاتِ مَحْمُولٌ عَلَى طَاقَاتٍ لَا رِيبَةَ فِي فَتْحِهَا وَإِلَّا فَلَهُ السَّدُّ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخْذًا مِنْ إفْتَاءِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِوُجُوبِهِ فِي طَاقَاتٍ تَرَى الْأَجَانِبَ مِنْهَا: أَيْ وَعُلِمَ مِنْهَا تَعَمُّدُ رُؤْيَتِهِمْ (وَ) (فِي) مَا يُسْتَهْلَكُ (كَطَعَامٍ) لَهَا أَوْ لِخَادِمِهَا الْمَمْلُوكَةِ لَهَا (تَمْلِيكٌ لِلْحُرَّةِ) وَلِسَيِّدِ الْأَمَةِ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَ) يَنْبَنِي عَلَى كَوْنِهِ تَمْلِيكًا أَنَّ الْحُرَّةَ وَسَيِّدَ الْأَمَةِ كُلٌّ مِنْهُمَا (يَتَصَرَّفُ فِيهِ) بِمَا شَاءَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ، وَلِأَجْلِ هَذَا مَعَ غَرَضِ التَّقْسِيمِ وَطَّأَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا تَمْلِيكُهَا حَبًّا (فَلَوْ قَتَرَتْ) أَيْ ضَيَّقَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِثْلُهَا فِي هَذَا سَيِّدُ الْأَمَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (بِمَا يَضُرُّهَا) وَلَوْ بِأَنْ يُنَفِّرَهُ عَنْهَا أَوْ بِمَا يَضُرُّ خَادِمَهَا (مَنَعَهَا) لِحَقِّ التَّمَتُّعِ

(وَمَا دَامَ نَفْعُهُ كَكِسْوَةٍ) وَمِنْهَا الْفِرَاشُ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ (وَظُرُوفِ طَعَامٍ) لَهَا وَمِنْهُ الْمَاءُ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تِلْكَ الظُّرُوفِ أَنْ تَكُونَ لَائِقَةً بِهَا (وَمُشْطٍ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ آلَاتِ التَّنْظِيفِ (تَمْلِيكٌ) كَالطَّعَامِ بِجَامِعِ الِاسْتِهْلَاكِ وَاسْتِقْلَالِهَا بِأَخْذِهِ فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مِلْكَهُ وَتَتَصَرَّفُ فِيهَا بِمَا شَاءَتْ إلَّا أَنْ تَقْتُرَ وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ اسْتِعْمَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: تَمْلِيكٌ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَلَا تَسْقُطُ بِمُسْتَأْجَرٍ وَمُسْتَعَارٍ، فَلَوْ لَبِسَتْ الْمُسْتَعَارَ وَتَلِفَ: أَيْ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ فَضَمَانُهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ لِأَنَّهُ الْمُسْتَعِيرُ وَهِيَ نَائِبَةٌ عَنْهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمُسْتَأْجَرِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهَا ذَلِكَ عَنْ كِسْوَتِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ وَالْكَلَامُ حَيْثُ كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَكَلَتْ غَيْرُ الرَّشِيدَةِ مَعَهُ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ.

[فَرْعٌ] قَالَ حَجّ: وَفِي الْكَافِي لَوْ اشْتَرَى حُلِيًّا وَدِيبَاجًا لِزَوْجَتِهِ وَزَيَّنَهَا بِذَلِكَ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهَا بِذَلِكَ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ هِيَ وَالزَّوْجُ فِي الْإِهْدَاءِ وَالْعَارِيَّةِ صُدِّقَ، وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمَا مَرَّ آخِرَ الْعَارِيَّةِ وَالْقِرَاضِ، وَفِي الْكَافِي أَيْضًا: لَوْ جَهَّزَ بِنْتَه بِجِهَازٍ لَمْ تَمْلِكْهُ إلَّا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا يُعْطِيهِ الزَّوْجُ صِلْحَةً أَوْ صَبَاحِيَّةً كَمَا اُعْتِيدَ بِبَعْضِ الْبِلَادِ لَا تَمْلِكُهُ إلَّا بِلَفْظٍ أَوْ قَصْدِ إهْدَاءٍ وَإِفْتَاءُ غَيْرِ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهَا مَصْرُوفًا لِلْعُرْسِ وَدَفْعًا وَصَبَاحِيَّةً فَنَشَزَتْ اسْتَرَدَّ الْجَمِيعَ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ التَّقْيِيدُ بِالنُّشُوزِ لَا يَتَأَتَّى فِي الصَّبَاحِيَّةِ لِمَا قَرَرْته فِيهَا كَالْمَصْلَحَةِ، لِأَنَّهُ إنْ تَلَفَّظَ بِالْإِهْدَاءِ أَوْ قَصَدَهُ مَلَكَتْهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ مِلْكُهُ.

وَأَمَّا مَصْرُوفُ الْعُرْسِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَإِذَا صَرَفَتْهُ بِإِذْنِهِ ضَاعَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الدَّافِعُ: أَيْ الْمَهْرُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَرَدَّهُ وَإِلَّا فَلَا لِتَقَرُّرِهِ بِهِ فَلَا يُسْتَرَدُّ بِالنُّشُوزِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ اسْتِعْمَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَاسْتَعْمَلَ بِنَفْسِهِ لَزِمَتْهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا مُقَدَّرَةٌ إلَخْ.) فِيهِ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ جِنْسَهَا، وَقَدْ يَكُونُ الْوَاجِبُ لَهَا فِي الْبَادِيَةِ إذَا أَبْدَلْته لَا يَكْفِيهَا كَمَا إذَا كَانَ قُوتُ الْبَادِيَةِ ذُرَةً وَهِيَ مُعْتَادَةٌ لِلْبُرِّ فَقَدْ يَكُونُ مُدُّ الذُّرَةِ لَا يُسَاوِي نِصْفَ مُدِّ بُرٍّ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِهَذَا التَّقْدِيرِ يُقْرَأُ يُتَصَرَّفُ فِي الْمَتْنِ بِالْيَاءِ أَوَّلَهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسِهَا) يَنْبَغِي أَوْ عَلَى خَادِمِهَا لِيُنَزَّلَ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تِلْكَ الظُّرُوفِ أَنْ تَكُونَ لَائِقَةً بِهَا) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَسْكَنٌ يَلِيقُ بِهَا (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ الِاسْتِهْلَاكِ) فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا يَدُومُ نَفْعُهُ الْمُقَابِلُ لِمَا يُسْتَهْلَكُ فِي الْمَتْنِ؟ قُلْت: مَعْنَى الِاسْتِهْلَاكِ هُنَا أَنَّ مَا تَعَاطَاهُ إنَّمَا هُوَ لِاسْتِهْلَاكِهِ، وَإِنْ انْتَفَعَتْ بِهِ مُدَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>