للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَكُلِّ مَا يَكُونُ تَمْلِيكًا (وَقِيلَ إمْتَاعٌ) فَيَكْفِي نَحْوُ مُسْتَأْجَرٍ وَمُسْتَعَارٍ، وَلَا تَتَصَرَّفُ هِيَ بِغَيْرِ مَا أَذِنَ لَهَا كَالْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ، وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِلُّ بِهَذَيْنِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْكِسْوَةِ، وَاخْتِيرَ هَذَا فِي نَحْوِ فُرُشٍ وَلِحَافٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ تَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ وَالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ، لَكِنْ مَعَ قَصْدِهِ بِذَلِكَ دَفْعُهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَا يَجِبُ لَهَا، لَكِنْ فِي الصِّفَةِ دُونَ الْوَاجِبِ فَيَقَعُ عَنْ الْوَاجِبِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لِأَنَّ الصِّفَةَ الزَّائِدَةَ وَقَعَتْ تَابِعَةً فَلَمْ يَحْتَجْ لِلَّفْظِ، بِخِلَافِ الزَّائِدِ فِي الْجِنْسِ فَلَا تَمْلِكُهُ بِدُونِ لَفْظٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُعَيِّرُهَا قَاصِدًا تَجَمُّلَهَا بِهِ ثُمَّ يَسْتَرْجِعُهُ مِنْهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَصَدَ بِهِ الْهَدِيَّةَ مَلَكَتْهُ بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَعْثٌ وَلَا إكْرَامٌ وَتَعْبِيرُهُمْ بِهِمَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ

(وَ) حِينَئِذٍ فَسُكُوتُهَا الْوَاجِبَةُ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ (تُعْطَى الْكِسْوَةَ أَوَّلَ شِتَاءٍ) لِتَكُونَ عَنْ فَصْلِهِ وَفَصْلِ الرَّبِيعِ بَعْدَهُ (وَصَيْفٍ) لِيَكُونَ عَنْهُ وَعَنْ الْخَرِيفِ، هَذَا إنْ وَافَقَ وُجُوبُهَا أَوَّلَ فَصْلِ الشِّتَاءِ وَإِلَّا أُعْطِيت وَقْتَ وُجُوبِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْأُجْرَةُ وَأَرْشُ مَا نَقَصَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي الرَّشِيدَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ سَفِيهَةٍ وَصَغِيرَةٍ فَيَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّهَا تَمْكِينُ الزَّوْجِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِأَمْتِعَتِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيعِ عَلَيْهَا.

وَأَمَّا مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ طَبْخِهَا مَا يَأْتِي بِهِ الزَّوْجُ فِي الْآلَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا وَأَكْلُ الطَّعَامِ فِيهَا وَتَقْدِيمُهَا لِلزَّوْجِ أَوْ لِمَنْ يَحْضُرُ عِنْدَهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ لِإِتْلَافِهَا الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهَا، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اغْسِلْ ثَوْبِي وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ أُجْرَةً بَلْ هُوَ أَوْلَى لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ كَثِيرًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَقَلَّ بِأَخْذِ ذَلِكَ بِلَا إذْنٍ مِنْهَا فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ لِاسْتِعْمَالِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْفِرَاشِ الْمُتَعَلَّقِ بِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَتَصَرَّفُ) أَيْ عَلَى هَذَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهَا بِلَا قَصْدٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، لَكِنْ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْوَاجِبِ بِمُجَرَّدِ إعْطَائِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ صَارِفٍ عَنْهُ.

قَالَ سم عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي عَدَمُ الصَّارِفِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْأَدَاءِ عَمَّا لَزِمَهُ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خِلَافَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا اعْتِمَادُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الزَّائِدِ فِي الْجِنْسِ) أَيْ كَأَنْ كَانَ الْوَاجِبُ لَهَا فِي اللِّبَاسِ الْكَتَّانَ فَدَفَعَ لَهَا حَرِيرًا فَلَا تَمْلِكُهُ إلَّا إذَا قَصَدَ التَّعْوِيضَ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَيُعْطِي الْكِسْوَةَ إلَخْ) هَلْ هِيَ كَالنَّفَقَةِ فَلَا تُخَاصِمُ فِيهَا قَبْلَ تَمَامِ الْفَصْلِ كَمَا لَا تُخَاصِمُ فِي النَّفَقَةِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أَوْ الْمُخَاصِمَةِ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ أَوْ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى الدَّفْعِ حِينَئِذٍ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الضَّرَرَ بِتَأْخِيرِ الْكِسْوَةِ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ أَشَدُّ مِنْ الضَّرَرِ بِتَأْخِيرِ النَّفَقَةِ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ فِيهِ نَظَرٌ، الْمُتَّجَهُ الثَّانِي أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَى مَرَّ فَوَافَقَ عَلَى مَا اسْتَوْجَهَتْهُ فَلْيُرَاجَعْ.

قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ فِي غَالِبِ الْبِلَادِ الَّتِي تَبْقَى فِيهَا الْكِسْوَةُ هَذِهِ الْمُدَّةَ، فَلَوْ كَانُوا فِي بِلَادٍ لَا تَبْقَى فِيهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ لِفَرْطِ الْحَرَارَةِ أَوْ لِرَدَاءَةِ ثِيَابِهَا وَقِلَّةِ عَادَتِهَا اتَّبَعَتْ عَادَتَهُمْ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا يَعْتَادُونَ مَا يَبْقَى سَنَةً مَثَلًا كَالْأَكْسِيَةِ الْوَثِيقَةِ وَالْجُلُودِ كَأَهْلِ السَّرَاةِ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، فَالْأَشْبَهُ اعْتِبَارُ عَادَتِهِمْ، وَيُفْهَمُ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَادَةِ أَنَّهُمْ لَوْ اعْتَادُوا التَّجْدِيدَ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَدَفَعَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ فَلَمْ يَبْلَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وُجُوبُ تَجْدِيدِهِ عَلَى الْعَادَةِ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ مَا أَخَذَتْهُ عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ دُونَ مَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُعْطِيت وَقْتَ وُجُوبِهَا) قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهَا تُعْطَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ مَكَّنَتْ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ كَانَ وَقْتُ التَّمْكِينِ ابْتِدَاءَ الْفَصْلِ فِي حَقِّهَا فَتُعْطَى كِسْوَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَسْكَنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِسْوَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا تُسْتَهْلَكُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْته وَلِهَذَا الْتَحَقَ بِالطَّعَامِ وَنَحْوِهِ عَلَى الصَّحِيحِ بِجَامِعِ الِاسْتِهْلَاكِ: أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَمَّا كَانَ يَدُومُ نَفْعُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُسْتَهْلَكُ حَالًا جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَا تَسْتَقِلُّ بِهَذَيْنِ) بِمَعْنَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يَكُونُ مُشْتَرَكًا فِي الِانْتِفَاعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَعَ قَصْدِهِ بِذَلِكَ دَفَعَهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا أُطْلِقَ فِي دَفْعِهِ

(قَوْلُهُ: هَذَا إنْ وَافَقَ وُجُوبَهَا إلَخْ.) وَعَلَيْهِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>