للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ إذَا حَصَلَ فَرْضُهَا بِغَيْرِهِمْ.

وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ صَلَّى هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَسْجُدُ فِيهَا لِتِلَاوَةٍ وَلَا سَهْوٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

أَمَّا فَاقِدُ السُّتْرَةِ فَلَهُ التَّنَفُّلُ لِعَدَمِ لُزُومِ الْإِعَادَةِ لَهُ كَدَائِمِ الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَسْقُطُ فَرْضُهُ بِالصَّلَاةِ مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي وَإِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يُخَالِفُهُ.

وَمُرَادُهُ بِالْإِعَادَةِ هُنَا الْقَضَاءُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ.

(وَيَقْضِي الْمُقِيمُ الْمُتَيَمِّمُ) وُجُوبًا (لِفَقْدِ الْمَاءِ) لِأَنَّ فَقْدَهُ فِي الْإِقَامَةِ نَادِرٌ بِخِلَافِهِ فِي السَّفَرِ وَفِي قَوْلٍ لَا يَقْضِي (لَا الْمُسَافِرُ) الْمُتَيَمِّمُ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ قَصِيرًا لِعُمُومِ فَقْدِهِ فِيهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلَيْنِ تَيَمَّمَا فِي سَفَرٍ وَصَلَّيَا ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا بِالْوُضُوءِ دُونَ الْآخَرِ. ثُمَّ ذَكَرَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لِلَّذِي أَعَادَ: لَك الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ، وَلِلْآخَرِ: أَصَبْت السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْك صَلَاتُك» وَتَعْبِيرُهُمْ بِمَكَانِ التَّيَمُّمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ اخْتِلَافِ مَكَانِ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ بِهِ فِي نُدْرَةِ فَقْدِ الْمَاءِ وَعَدَمِ نُدْرَتِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالِاعْتِبَارُ حِينَئِذٍ بِمَكَانِ الصَّلَاةِ بِهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي طَرِيقِهِ قَرْيَةً وَعَدِمَ الْمَاءَ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي الْقِبْلَةِ وَالْمَرْبُوطُ عَلَى خَشَبَةٍ وَنَحْوُهُمَا، وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يُصَلُّونَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ لِلنَّفْلِ (قَوْلُهُ إذَا حَصَلَ فَرْضُهَا بِغَيْرِهِمْ) كَذَا فِي نُسْخَةٍ، وَيَشْكُلُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ حَيْثُ كَانَتْ كَالنَّفْلِ فَحَقُّهَا أَلَّا يُصَلُّوهَا مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذِهِ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِهَا بِالنَّفْلِ إعْطَاؤُهَا حُكْمَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ) هُوَ قَوْلُهُ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُومًا وَإِلَّا وَجَبَ لِلْمُتَابَعَةِ (قَوْلُهُ: لُزُومُ الْإِعَادَةِ لَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ لَا يَتَنَفَّلُ، وَصَرِيحُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ وَجَدَهُ فِي صَلَاةٍ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا لَا تَسْقُطُ إلَخْ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْقَضَاءُ) الْأَوْلَى مَا يَشْمَلُ الْقَضَاءَ لِأَنَّهُ لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ عَدَمُ وُجُودِ مَاءٍ أَوْ تُرَابٍ فِيهِ صَلَّى أَوَّلَهُ، ثُمَّ إنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فِي الْوَقْتِ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ وَجَبَ فِعْلُهَا فِيهِ.

(قَوْلُهُ: لِفَقْدِ الْمَاءِ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ مَاؤُهُ قَرِيبٌ بِحَيْثُ لَوْ حَفَرَ الْأَرْضَ حَصَلَ الْمَاءُ هَلْ يُكَلَّفُ ذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ الْحَفْرُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ الْحَفْرُ، لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا يُغْتَفَرُ فِي جَانِبِ الْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ الْإِحْرَامُ بِالصَّلَاةِ إذَا انْتَقَلَ فِي بَقِيَّتِهَا إلَى مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ (قَوْلُهُ: فَالِاعْتِبَارُ إلَخْ) .

[تَنْبِيهٌ] إذَا اعْتَبَرْنَا مَحَلَّ الصَّلَاةِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي زَمَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ وَقَعَتْ فِي صَيْفٍ وَكَانَ الْغَالِبُ فِي صَيْفِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْعَدَمَ وَفِي شِتَائِهِ الْوُجُودَ فَلَا قَضَاءَ.

وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ فِي جَمِيعِ الْعَامِ أَوْ غَالِبِهِ أَوْ جَمِيعِ الْعُمْرِ أَوْ غَالِبِهِ.

فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ الْأَوَّلُ.

وَعَلَيْهِ فَلَوْ غَلَبَ الْوُجُودُ صَيْفًا وَشِتَاءً فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَكِنْ غَلَبَ الْعَدَمُ فِي خُصُوصِ ذَلِكَ الصَّيْفِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فَيَسْقُطُ الْقَضَاءُ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَلَا يَبْعُدُ اعْتِبَارُهُ وَيَجْرِي جَمِيعُ ذَلِكَ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ إذَا اعْتَبَرْنَاهُ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ حَجّ: وَقْتُ التَّيَمُّمِ وَهُوَ مُرَادُ الشَّرْحِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ إلَّا فِي كَوْنِ الْمَكَانِ مُعْتَبَرًا فِيهِ التَّيَمُّمُ أَوْ الصَّلَاةُ، وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ أَنَّ مَنْ سَافَرَ إلَى بَلْدَةٍ وَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ بِمَفَازَةٍ بِطَرِيقِهَا لَا مَاءَ فِي تِلْكَ الْمَفَازَةِ لَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ الصَّلَاةَ فِيهِ وَلَا فِيمَا حَوْلَهُ إلَى حَدٍّ يَجِبُ تَحْصِيلُ الْمَاءِ مِنْهُ وَهُوَ حَدُّ الْقُرْبِ إذَا صَلَّى فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ بِالتَّيَمُّمِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْغَالِبُ عَدَمَ وُجُودِ الْمَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

وَيُسْتَفَادُ أَيْضًا أَنَّ مَا بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْفَقْدِ أَوْ الْوُجُوبِ بِغَالِبِ السَّنَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِالْإِعَادَةِ هُنَا الْقَضَاءُ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ: بَلْ مُرَادُهُ مَا يَشْمَلُ الْأَمْرَيْنِ فَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ إنْ وُجِدَ مَا مَرَّ فِيهِ وَإِلَّا فَخَارِجَهُ

(قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُهُمْ بِمَكَانِ التَّيَمُّمِ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُمَهِّدَ لِهَذَا مَا يُرَتِّبَهُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>