للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكَذَا) لَا تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ هُنَا إلَّا فِي الْحَضَانَةِ الثَّابِتَةِ لِلْأُمِّ كَمَا بَحَثَهُ الْعِرَاقِيُّ (إنْ) رَضِيَتْ الْأُمُّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَقَلَّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَ (تَبَرَّعَتْ) بِهِ (أَجْنَبِيَّةٌ) صَالِحَةٌ لَا يَحْصُلُ لِلْوَلَدِ ضَرَرٌ بِهَا (أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ) مِمَّا طَلَبَتْهُ الْأُمُّ (فِي الْأَظْهَرِ) لِإِضْرَارِهِ بِبَذْلِ مَا طَلَبَتْهُ حِينَئِذٍ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: ٢٣٣] وَالثَّانِي تُجَابُ الْأُمُّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اسْتَمْرَى الْوَلَدُ لَبَنَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَإِلَّا أُجِيبَتْ الْأُمُّ إلَى إرْضَاعِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِمَا فِي الْعُدُولِ عَنْهَا مِنْ الْإِضْرَارِ بِالرَّضِيعِ وَفِي وَلَدٍ حُرٍّ وَزَوْجَةٍ حُرَّةٍ أَمَّا وَلَدٌ رَقِيقٌ وَأُمٌّ حُرَّةٌ فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً وَالْوَلَدُ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا فَيُحْتَمَلُ إجَابَةُ مَنْ وَافَقَهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَعَلَى الْأَظْهَرِ لَوْ ادَّعَى الْأَبُ وُجُودَ مُتَبَرِّعَةٍ أَوْ رَاضِيَةٍ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَأَنْكَرَتْ الْأُمُّ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي عَلَيْهِ أُجْرَةً، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ فِي مَالِ الطِّفْلِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ

(وَمَنْ اسْتَوَى فَرْعَاهُ) قُرْبًا أَوْ بُعْدًا أَوْ إرْثًا أَوْ عَدَمَهُ أَوْ ذُكُورَةً أَوْ أُنُوثَةً (أَنْفَقَا) عَلَيْهِ بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ تَفَاوَتَا يَسَارًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَنِيًّا بِمَالٍ، وَالْآخَرُ بِكَسْبٍ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمُوجِبِ وَهُوَ الْقَرَابَةُ، فَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمَا دَفَعَ الْحَاكِمُ حِصَّتَهُ مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَمَرَ الْآخَرَ بِالْإِنْفَاقِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ لُزُومِ تَعَرُّضِهِ فِي أَمْرِهِ إلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ بَلْ يَكُونُ مُجَرَّدُ أَمْرِهِ كَافِيًا حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْبَاذِلُ التَّبَرُّعَ فَذِكْرُ الرُّجُوعِ فِي كَلَامِ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ تَصْوِيرٌ.

وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ أَهْلًا لِذَلِكَ مُؤْتَمَنًا، وَإِلَّا اقْتَرَضَ الْحَاكِمُ مِنْهُ وَأَمَرَ عَدْلًا بِالصَّرْفِ إلَى الْمُحْتَاجِ يَوْمًا فَيَوْمًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَسْتَوِيَا فِي ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ وَالْآخَرُ وَارِثًا (فَالْأَصَحُّ أَقْرَبُهُمَا) هُوَ الَّذِي يُنْفِقُهُ وَلَوْ أُنْثَى غَيْرَ وَارِثَةٍ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ هِيَ الْمُوجِبَةُ كَمَا تَقَرَّرَ فَكَانَتْ الْأَقْرَبِيَّةُ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْإِرْثِ (فَإِنْ اسْتَوَى) قُرْبُهُمَا كَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ بِنْتٍ (فَ) الِاعْتِبَارُ (بِالْإِرْثِ فِي الْأَصَحِّ) لِقُوَّتِهِ حِينَئِذٍ (وَ) الْوَجْهُ (الثَّانِي) الْمُقَابِلُ لِلْأَصَحِّ أَوَّلًا أَنَّ الِاعْتِبَارَ (بِالْإِرْثِ) فَيُنْفِقُهُ الْوَارِثُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَقْرَبَ (ثُمَّ الْقُرْبِ) إنْ اسْتَوَيَا إرْثًا (وَالْوَارِثَانِ) الْمُسْتَوِيَانِ قُرْبًا الْوَاجِبُ عَلَيْهِمَا الْمُؤَنُ كَابْنٍ وَبِنْتٍ هَلْ (يَسْتَوِيَانِ) فِيهِ (أَمْ تُوَزَّعُ) الْمُؤَنُ عَلَيْهِمَا (بِحَسَبِهِ) أَيْ الْإِرْثِ (وَجْهَانِ) لَمْ يُرَجِّحَا شَيْئًا مِنْهُمَا، وَجَزَمَ بِالثَّانِي فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَلَكِنَّهَا تُبَاشِرُهُ لِلزَّوْجِ عَلَى عَادَةِ النِّسَاءِ كَالطَّبْخِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: أَجْنَبِيَّةٌ صَالِحَةٌ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ فَاسِقَةً وَلَمْ يَحْصُلُ لِلْوَلَدِ ضَرَرٌ بِتَرْبِيَتِهَا لَهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ) أَيْ مِمَّا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ عَادَةً

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اسْتَمْرَى) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَا يُؤْذِيهِ وَيَحْصُلُ لَهُ بِهِ نُمُوٌّ كَنُمُوِّهِ بِلَبَنِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا وَلَدٌ رَقِيقٌ) أَيْ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: فَيَحْتَمِلُ إجَابَةَ مَنْ وَافَقَهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) أَيْ عَلَى الِاقْتِرَاضِ، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى الِاقْتِرَاضِ لَيْسَ لَهُ أَمْرُ الْحَاضِرِ بِالْإِنْفَاقِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَالَفَ وَأَمَرَهُ فَأَنْفَقَ فَالظَّاهِرُ الرُّجُوعُ لِلْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ فِي عَدَمِ التَّبَرُّعِ وَلِكَوْنِهِ إنَّمَا أَنْفَقَ بِإِلْزَامِ الْحَاكِمِ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ) كَابْنِ الْبِنْتِ (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ وَارِثًا) كَابْنِ ابْنِ الِابْنِ وَقَوْلُهُ أَمْ تُوَزَّعُ الْمُؤَنُ مُعْتَمَدٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْحَضَانَةِ الثَّابِتَةِ لِلْأُمِّ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا إذَا طَلَبَتْ عَلَيْهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَإِنْ تَبَرَّعَتْ بِهَا أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ رَضِيَتْ بِدُونِهَا، وَأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إلَّا إذَا طَلَبَتْ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمَثَلِ، وَأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْإِرْضَاعِ وَالْحَضَانَةِ فَقَدْ يُنْزَعُ مِنْهَا الْوَلَدُ لِأَجْلِ الْإِرْضَاعِ وَيُعَادُ إلَيْهَا لِلْحَضَانَةِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي مَا يُخَالِفُهُ، وَالشِّهَابُ حَجّ لَمَّا ذَكَرَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ هُنَا خَتَمَهُ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ أَبُو زُرْعَةَ فَتَبَرَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ جَزَمَ فِيمَا يَأْتِي بِخِلَافِهِ فَلَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِهِ مُخَالَفَةٌ بِخِلَافِ الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) أَيْ عَلَى الِاقْتِرَاضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>