تَجِدْ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ عَنْهَا أَثَّرَ وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ، وَمَنْ تَغْفُلُ كَمَا فِي الشَّافِي لِلْجُرْجَانِيِّ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيَّنٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَمِنْ سَفَهٍ إنْ صَحِبَهُ حَجْرٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَمِنْ جُذَامٍ وَبَرَصٍ إنْ خَالَطَهُ لِمَا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْعَدْوَى لِخَبَرِ «لَا يُورِدُ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ» وَمَعْنَى لَا عَدْوَى: غَيْرُ مُؤْثَرَةٍ بِذَاتِهَا وَإِنَّمَا يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ عِنْدَ الْمُخَالَطَةِ كَثِيرًا (فَإِنْ كَمُلَتْ نَاقِصَةٌ) كَأَنْ عَتَقَتْ أَوْ أَفَاقَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ أَوْ رَشَدَتْ (أَوْ طَلُقَتْ مَنْكُوحَةٌ) وَلَوْ رَجْعِيًّا (حَضَنَتْ) حَالًا، وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إنْ رَضِيَ الْمُطَلِّقُ ذُو الْمَنْزِلِ بِدُخُولِ الْوَلَدِ لَهُ وَذَلِكَ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَسْقَطَتْ الْحَاضِنَةُ حَقَّهَا انْتَقَلَتْ لِمَنْ يَلِيهَا فَإِذَا رَجَعَتْ عَادَ حَقُّهَا (وَإِنْ) (غَابَتْ الْأُمُّ أَوْ امْتَنَعَتْ فَ) الْحَضَانَةُ (لِلْجَدَّةِ) أُمِّ الْأُمِّ (عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا لَوْ مَاتَتْ أَوْ جُنَّتْ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ إجْبَارِ الْأُمِّ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَلْزَمْهَا نَفَقَتُهُ، وَإِلَّا أُجْبِرَتْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَمِثْلُهَا كُلُّ أَصْلٍ يَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ، وَالثَّانِي تَكُونُ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ كَمَا لَوْ غَابَ الْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ أَوْ عَضَلَ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْقَرِيبَ أَشْفَقُ وَأَكْثَرُ فَرَاغًا مِنْ السُّلْطَانِ مَعَ طُولِ أَمَدِهَا وَلَوْ قَامَ بِكُلٍّ مِنْ الْأَقَارِبِ مَانِعٌ مِنْ الْحَضَانَةِ رُجِعَ فِي أَمْرِهَا لِلْقَاضِي الْأَمِينِ فَيَضَعُهُ عِنْدَ الْأَصْلَحِ مِنْهُنَّ أَوْ مِنْ غَيْرِهِنَّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي قَوْلِهِ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ أَزْوَاجَهُنَّ إذَا لَمْ يَمْنَعُوهُنَّ يَكُنْ بَاقِيَاتٍ عَلَى حَقِّهِنَّ، فَإِنْ أَذِنَ زَوْجُ وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَهِيَ الْأَحَقُّ وَإِنْ بَعُدَتْ أَوْ زَوْجُ ثِنْتَيْنِ قُدِّمَتْ قُرْبَاهُمَا (هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَالْمُمَيِّزُ) الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَمَرَّ ضَابِطُهُ (إنْ) (افْتَرَقَ أَبَوَاهُ) مِنْ النِّكَاحِ، وَهُمَا أَهْلٌ لِلْحَضَانَةِ مُقِيمَانِ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِدَيْنٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مَحَبَّةٍ (كَانَ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَهُ مِنْهُمَا) إنْ ظَهَرَ لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ عَارِفٌ بِأَسْبَابِ الِاخْتِيَارِ لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ» ، وَإِنَّمَا يُدْعَى بِالْغُلَامِ الْمُمَيِّزِ وَمِثْلُهُ الْغُلَامَةُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَخْيِيرُ الْوَلَدِ، وَإِنْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ قَلَّ التَّخْيِيرُ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ، فَلَوْ امْتَنَعَ الْمُخْتَارُ مِنْ كَفَالَتِهِ كَفَلَهُ الْآخَرُ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا أُعِيدَ التَّخْيِيرُ وَإِنْ امْتَنَعَا وَبَعْدَهُمَا مُسْتَحِقَّانِ لَهَا كَجَدٍّ وَجَدَّةٍ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا أُجْبِرَ عَلَيْهَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْكَفَالَةِ (فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا) مَانِعٌ وَمِنْهُ (جُنُونٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ رِقٌّ أَوْ فِسْقٌ أَوْ نَكَحَتْ) مَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ (فَالْحَقُّ لِلْآخَرِ) لِانْحِصَارِ الْأَمْرِ فِيهِ
(وَيُخَيَّرُ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَقَوْلُهُ فَيَسْتَحِقُّ جَزْمًا أَيْ فِي مُقَابَلَةِ الْحَضَانَةِ
(قَوْلُهُ: أَثَّرَ) أَيْ الْعَمَى، وَقَوْلُهُ لِخَبَرِ لَا يُورَدُ أَنْ يُكْرَهَ ذَلِكَ فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ
(قَوْلُهُ: عَادَ حَقُّهَا) أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُجْبِرَتْ) أَيْ الْأُمُّ
(قَوْلُهُ: وَمَرَّ ضَابِطُهُ) وَهُوَ مَنْ يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ إلَى آخِرِ مَا هُنَاكَ، وَظَاهِرُ إنَاطَةِ الْحُكْمِ بِالتَّمْيِيزِ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بُلُوغِهِ سَبْعَ سِنِينَ، وَأَنَّهُ إذَا جَاوَزَهَا بِلَا تَمْيِيزٍ بَقِيَ عِنْدَ أُمِّهِ، وَالثَّانِي ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي كَوْنِهِ لَا يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ السَّبْعِ وَإِنْ مَيَّزَ أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ عَدَمَ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَشَقَّةِ فَخُفِّفَ عَنْهُ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ السَّبْعَ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا فِيهِ صَلَاحُ نَفْسِهِ وَعَدَمُهُ فَيُقَيَّدُ بِالتَّمْيِيزِ، وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ السَّبْعَ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُدْعَى بِالْغُلَامِ الْمُمَيِّزِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْغُلَامُ الِابْنُ الصَّغِيرُ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَسَمِعْت الْعَرَبَ تَقُولُ لِلْمَوْلُودِ حِينَ يُولَدُ ذَكَرًا غُلَامٌ، وَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ لِلْكَهْلِ غُلَامٌ، وَهُوَ فَاشٍ فِي كَلَامِهِمْ فَلَمْ يُخَصَّصْ الْغُلَامُ بِالْمُمَيِّزِ
(قَوْلُهُ: كَفَلَهُ) أَيْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ
[حاشية الرشيدي]
مَا هُنَا لِتَأَخُّرِهِ وَلِذِكْرِهِ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ: ذُو عَاهَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ فِي الْحَدِيثِ الْكَرِيمِ إذْ الْمَوْرِدُ لَيْسَ صَاحِبَ الْعَاهَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ صَاحِبُ ذَاتِ الْعَاهَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ النِّكَاحِ) قَالَ سم: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا إذَا اخْتَلَفَ مَحَلُّهُمَا وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَأْتِي لِلْآخَرِ أَوْ يَأْتِي أَحْيَانًا لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْقِيَامُ بِمَصَالِحِ الْمَحْضُونِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ امْتَنَعَ الْمُخْتَارُ) هُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute