للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ مَرِضَا فَالْأُمُّ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهَا؛ لِأَنَّهَا أَهْدَى إلَيْهِ وَأَصْبَرُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهَا (فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فِي بَيْتِهِ) بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (فَذَاكَ وَإِلَّا فَفِي بَيْتِهَا) يَكُونُ التَّمْرِيضُ وَيَعُودُهُمَا، وَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا فِي الْحَالَيْنِ، وَلَا يَمْنَعُ الْأُمَّ مِنْ حُضُورِ تَجْهِيزِهَا فِي بَيْتِهِ إذَا مَاتَا، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ زِيَارَةِ قَبْرِهِمَا إذَا دُفِنَا فِي مِلْكِهِ، وَالْحُكْمُ فِي الْعَكْسِ كَذَلِكَ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي دَفْنِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا فِي تُرْبَةِ أَحَدِهِمَا أُجِيبَ الْأَبُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنْ مَرِضَتْ الْأُمُّ لَزِمَ الْأَبَ تَمْكِينُ الْأُنْثَى مِنْ تَمْرِيضِهَا إنْ أَحْسَنَتْ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الذَّكَرِ لَا يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ أَحْسَنَهُ (وَإِنْ اخْتَارَهَا) أَيْ الْأُمَّ (ذَكَرٌ فَعِنْدَهَا) يَكُونُ (لَيْلًا وَعِنْدَ الْأَبِ) وَإِنْ عَلَا وَمِثْلُهُ وَصِيٌّ وَقَيِّمٌ يَكُونُ (نَهَارًا) وَهُوَ كَاللَّيْلِ لِلْغَالِبِ، فَفِي نَحْوِ الْأَبَوَيْنِ يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْقَسْمِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (يُؤَدِّبُهُ) وُجُوبًا بِتَعْلِيمِهِ طَهَارَةَ النَّفْسِ مِنْ كُلِّ رَذِيلَةٍ، وَتَحْلِيَتَهَا بِكُلِّ مَحْمُودٍ (وَيُسَلِّمُهُ) وُجُوبًا (لِمَكْتَبٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالتَّاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُ التَّاءِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَحَلِّ التَّعْلِيمِ، وَسَمَّاهُ الشَّافِعِيُّ بِالْكُتَّابِ كَمَا هُوَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ، وَلَمْ يُبَالِ أَنَّهُ جَمْعُ كَاتِبٍ (وَحِرْفَةٍ) يَتَعَلَّمُ مِنْ الْأَوَّلِ الْكِتَابَةَ وَمِنْ الثَّانِي الْحِرْفَةَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِ الْوَلَدِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَبٍ شَرِيفٍ تَعْلِيمُ وَلَدِهِ صَنْعَةً تُزْرِيهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ رِعَايَةَ حَظِّهِ وَلَا يَكِلُهُ إلَى أُمِّهِ لِعَجْزِ النِّسَاءِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ، وَأُجْرَةُ ذَلِكَ فِي مَالِ الْوَلَدِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ

وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي سَاكِنٍ بِبَلَدٍ وَمُطَلَّقَتُهُ بِقَرْيَةٍ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ مُقِيمٌ عِنْدَهَا فِي مَكْتَبٍ بِأَنَّهُ إنْ سَقَطَ حَظُّ الْوَلَدِ بِإِقَامَتِهِ عِنْدَهَا فَالْحَضَانَةُ لِلْأَبِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَتِهِ، وَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأُمِّهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ كَانَ فِي إقَامَتِهِ عِنْدَهَا رِيبَةٌ قَوِيَّةٌ (أَوْ) اخْتَارَتْهَا (أُنْثَى) أَوْ خُنْثَى كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ وَمَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي حَقِّهَا؛ إذْ الْأَلْيَقُ تَسَتُّرُهَا مَا أَمْكَنَ (وَيَزُورُهَا الْأَبُ عَلَى الْعَادَةِ) كَمَا مَرَّ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ مَنْعُهُ مِنْ زِيَارَتِهَا لَيْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّيبَةِ وَالتُّهْمَةِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ فِي دُخُولِهِ عَلَى الْأُمِّ وُجُودَ مَانِعِ خَلْوَةٍ مِنْ نَحْوِ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِمَسْكَنِ زَوْجٍ لَهَا امْتَنَعَ دُخُولُهُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ أَخْرَجَتْهَا إلَيْهِ لِيَرَاهَا وَيَتَفَقَّدَ حَالَهَا وَيُلَاحِظَهَا بِالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهَا، وَلَهَا بَعْدَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ رِيبَةٌ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ قَرِيبَةِ الْمَنْزِلِ أَوْ بَعِيدَتِهِ فَإِنَّ الْمَشَقَّةَ فِي حَقِّ الْبَعِيدَةِ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْأُمِّ فَإِذَا تَحَمَّلَتْهَا وَأَتَتْ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَمْ يَحْصُلْ لِلْبِنْتِ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ

(قَوْلُهُ: الْمَذْكُورَيْنِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا رِيبَةَ

(قَوْلُهُ: فِي تُرْبَةِ أَحَدِهِمَا) أَيْ التُّرْبَةِ الَّتِي اعْتَادَ أَحَدُهُمَا فِيهَا الدَّفْنَ وَلَوْ مُسَبَّلَةً (قَوْلُهُ: أُجِيبَ الْأَبُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ نَقْلٌ مُحَرَّمٌ كَأَنْ مَاتَ عِنْدَ أُمِّهِ، وَالْأَبُ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا، وَقَوْلُهُ لِمَكْتَبٍ: أَيْ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَلِيقُ بِحَالِ الطِّفْلِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ كَسْرُ التَّاءِ) أَيْ مَعَ فَتْحِ الْمِيمِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ أَخْرَجَتْهَا) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ مِنْ دُخُولِ الْمَنْزِلِ إذَا كَانَتْ مُسْتَحِقَّةً لِمَنْفَعَتِهِ وَلَا زَوْجَ لَهَا، بَلْ إنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَالْمَشَقَّةُ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هِيَ عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ وَلَعَلَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَنْعِ، وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ وَجْهَهُ النَّظَرُ إلَى الْعُرْفِ، فَإِنَّ الْعُرْفَ أَنَّ قَرِيبَ الْمَنْزِلِ كَالْجَارِ يَتَرَدَّدُ كَثِيرًا بِخِلَافِ بَعِيدِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَاللَّيْلِ لِلْغَالِبِ فَفِي نَحْوِ الْأَبَوَيْنِ يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ يُعَلِّمُهُ تِلْكَ الْحِرْفَةَ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يُلَائِمُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَيُسَلِّمُهُ لِمَكْتَبٍ وَحِرْفَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْقِسْمِ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وُجُوبًا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَكْتَبِ وَالْحِرْفَةِ وَأَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ لَا يُقَابِلُ بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَكْتَبِ فَقَطْ لِتَعَيُّنِهِ لِأَجْلِ تَعَلُّمِ نَحْوِ الْفَاتِحَةِ لِتَصْحِيحِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ بَيَّنَ فِيمَا يَأْتِي أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْمَكْتَبِ تَعَلُّمُ الْكِتَابَةِ فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَاهُ، وَأَمَّا تَعَلُّمُ نَحْوِ الْفَاتِحَةِ فَهُوَ مُتَيَسِّرٌ بِغَيْرِ الْمَكْتَبِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ إلَخْ.) فِي عِلْمِهِ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>