للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا يَرِدُ إنْ زَعَمَ أَنَّهُ قَتَلَهُ لِنَقْضِ الْعَهْدِ وَدَخَلَ فِي قَوْلِنَا: عَيْنِ الشَّخْصِ رَمْيُهُ لِجَمْعٍ بِقَصْدِ إصَابَةِ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، بِخِلَافِهِ بِقَصْدِ إصَابَةِ وَاحِدٍ وَاحِدٍ فَرْقًا بَيْنَ الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ؛ إذْ الْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مُطَابَقَةً فَكُلٌّ مِنْهُمْ مَقْصُودٌ جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا، وَفِي الثَّانِي عَلَى الْمَاهِيَّةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ.

(فَإِنْ فُقِدَ) قَصْدُهُمَا أَوْ (قُصِدَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْفِعْلِ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ (بِأَنْ) تُسْتَعْمَلُ غَالِبًا لِحَصْرِ مَا قَبْلَهَا فِيمَا بَعْدَهَا وَكَثِيرًا مَا تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى كَأَنْ كَمَا هُنَا (وَقَعَ عَلَيْهِ) أَيْ الشَّخْصِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِنْسَانُ كَمَا مَرَّ (فَمَاتَ) وَهَذَا مِثَالٌ لِلْمَحْذُوفِ أَوْ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا يَأْتِي (أَوْ) (رَمَى شَجَرَةً) مَثَلًا أَوْ آدَمِيًّا آخَرَ (فَأَصَابَهُ) أَيْ غَيْرَ مَنْ قَصَدَهُ فَمَاتَ أَوْ رَمَى شَخْصًا ظَنَّهُ شَجَرَةً فَبَانَ إنْسَانًا وَمَاتَ (فَخَطَأٌ) هُوَ مِثَالٌ لِفَقْدِ قَصْدِ الشَّخْصِ دُونَ الْفِعْلِ، وَيَصِحُّ جَعْلُ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا أَيْضًا عَلَى بُعْدٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْوُقُوعَ لَمَّا كَانَ مَنْسُوبًا لِلْوَاقِعِ صَدَقَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْمُقَسَّمُ لِلثَّلَاثَةِ وَأَنَّهُ قَصَدَهُ وَعَكْسُهُ مُحَالٌ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ فَقْدَ قَصْدِ الْفِعْلِ يَلْزَمُهُ فَقَدُ قَصْدِ الشَّخْصِ، وَأَنَّ الْوُقُوعَ مَنْسُوبٌ لِلْوَاقِعِ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْمُقَسَّمُ، وَتَصْوِيرُهُ بِضَرْبَةٍ بِظَهْرِ سَيْفٍ فَأَخْطَأَ لِحَدِّهِ فَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ الْفِعْلَ بِالْحَدِّ رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ الْجِنْسُ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ الْجَارِيَةِ

(قَوْلُهُ: بِقَصْدِ إصَابَةِ أَيِّ وَاحِدٍ) أَيْ فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ، وَقَوْلُهُ: فَرْقًا إلَخْ الْفَرْقُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ قَوِيٍّ فَلْيَتَأَمَّلْ الْمُتَأَمِّلُ قح لَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّ قَصْدَ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَهُوَ يَتَحَقَّقُ فِي ضِمْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَكَانَ عَامًّا بِهَذَا الْمَعْنَى فَلَا يَتِمُّ قَوْلُهُ: فَرْقًا إلَخْ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ وَاحِدًا مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ التَّعْمِيمِ فِيهِ كَانَ عِبَارَةً عَنْ الْمَاهِيَّةِ فَقَطْ فَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنْ الْأَفْرَادِ، وَإِنْ كَانَ وُجُودُ الْمَاهِيَّةِ إذَا تَحَقَّقَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي وَاحِدٍ إلَّا أَنَّ الْقَصْدَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّيْءِ حَاصِلًا وَكَوْنِهِ مَقْصُودًا، وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ إذَا لَقِيتُ أَيَّ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِي فَهُوَ حُرٌّ أَوْ إذَا لَقِيت عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي فَعَبْدِي حُرٌّ وَلَقِيَ الْكُلَّ فَهَلْ يُعْتَقُ الْجَمِيعُ فِي الْأُولَى، وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ لَا حَرَّرَهُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُعْتَقُ الْجَمِيعُ فِي الْأُولَى وَعَبْدٌ لَا بِعَيْنِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَالتَّعْيِينُ فِيهِ لَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعُمُومَ فِي الْأُولَى صَرِيحٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ عِتْقُ عَبْدٍ، وَالْإِضَافَةُ فِيهَا لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ لِلْعُمُومِ بَلْ قَدْ تَكُونُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْجِنْسِ وَنَحْوِهِ

(قَوْلُهُ: إذْ الْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْعَامِّ، وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي: أَيْ الْمُطْلَقِ

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) الْإِشَارَةُ لِقَوْلِهِ بِأَنْ وَقَعَ

(قَوْلُهُ: لِلْمَحْذُوفِ) أَيْ وَهُوَ قَصْدُهُمَا

(قَوْلُهُ: أَوْ الْمَذْكُورِ) وَهُوَ قَصْدُ أَحَدِهِمَا

(قَوْلُهُ: أَوْ رَمَى شَخْصًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الْمِثَالَ لِمَا فُقِدَ فِيهِ قَصْدُ أَحَدِهِمَا، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَصَدَ كُلًّا مِنْ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ غَايَتُهُ أَنَّهُ ظَنَّهُ بِصِفَةٍ فَبَانَ خِلَافُهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْعَيْنِ الشَّخْصَ مَعَ الْوَصْفِ وَبِتَبَدُّلِ الصِّفَةِ تَبَدُّلُ الْعَيْنِ حَيْثُ جُعِلَتْ الصِّفَةُ جُزْءًا مِنْ مُسَمَّاهَا قح بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: هُوَ مِثَالٌ) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ رَمَى شَجَرَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ جَعْلُ الْأَوَّلِ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَمَّا كَانَ إلَى وَأَنَّهُ قَصَدَهُ فِيهِ تَأَمُّلٌ فَتَأَمَّلْهُ قح، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوُقُوعَ وَإِنْ فُرِضَ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنُ الْوُقُوعِ فِعْلًا مَقْصُودًا لِلْوَاقِعِ

(قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ وَهُوَ قَصْدُ الشَّخْصِ دُونَ الْفِعْلِ

(قَوْلُهُ: وَتَصْوِيرُهُ) أَيْ تَصْوِيرُ قَوْلِهِ وَعَكْسُهُ

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ الْجِنْسُ) أَيْ لَا خُصُوصُ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ مِنْهُ حَتَّى يَتَقَيَّدَ بِأَنَّ الضَّرْبَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْفِعْلِ وَالْمَوْصُوفُ بِغَلَبَةِ الْقَتْلِ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ وَبِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ السِّرَايَةِ لَا يُقَالُ فِيهِ يَقْتُلُ غَالِبًا، إذْ مَعَ وُجُودِ السِّرَايَةِ يَسْتَحِيلُ تَخَلُّفُ الْقَتْلِ بَلْ هُوَ مَعَهَا قَاتِلٌ، وَلَا بُدَّ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْمُنَازَعَةَ تَتَأَتَّى فِي الْجَوَابِ عَنْ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِ شِقَّيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ بِقَصْدِ إصَابَةِ وَاحِدٍ) أَيْ فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ قَصَدَهُمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِثَالٌ لِلْمَحْذُوفِ) أَيْ الَّذِي قَدَّرَهُ بِقَوْلِهِ قَصَدَهُمَا وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّ الْمَتْنَ يَشْمَلُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ فُقِدَ قَصْدُ أَحَدِهِمَا يَصْدُقُ مَعَ فَقْدِ قَصْدِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ قَصَدَهُ) فِيهِ تَأَمُّلٌ كَمَا قَالَهُ سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ) يَعْنِي: مُعَيَّنًا لِيُطَابِقَ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكَثْرَةُ الثِّيَابِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ وَبِخِلَافِهَا أَيْ مُطْلَقِ الضَّرْبَةِ مَعَ كَثْرَةِ الثِّيَابِ، وَإِلَّا فَمَفْهُومُهُمَا مُشْكِلٌ سم (قَوْلُهُ: وَتَصْوِيرُهُ) أَيْ الْعَكْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>