وَبِمَا لَوْ هَدَّدَهُ ظَالِمٌ، وَمَاتَ بِهِ فَاَلَّذِي قَصَدَ بِهِ الْكَلَامَ وَهُوَ غَيْرُ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ بِهِ رُدَّ أَيْضًا بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ قَدْ يَهْلَكُ عَادَةً وَسَيَأْتِي مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مِنْ الْخَطَأِ أَنْ يَتَعَمَّدَ رَمْيَ مُهْدَرٍ فَيُعْصَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ تَنْزِيلًا لِطُرُوِّ الْعِصْمَةِ مَنْزِلَةَ طُرُوُّ إصَابَةِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ.
(وَإِنْ) (قَصَدَهُمَا) أَيْ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ بَلْ وَإِنْ ظَنَّ كَوْنَهُ غَيْرَ إنْسَانٍ (بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا) (فَشِبْهُ عَمْدٍ) وَيُسَمَّى خَطَأَ عَمْدٍ وَعَمْدَ خَطَأٍ وَخَطَأَ شِبْهِ عَمْدٍ سَوَاءٌ أَقَتَلَ كَثِيرًا أَمْ نَادِرًا كَضَرْبَةٍ يُمْكِنُ عَادَةً إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهَا بِخِلَافِهَا بِنَحْوِ قَلَمٍ أَوْ مَعَ خِفَّتِهَا جِدًّا فَهَدَرٌ (وَمِنْهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا) خَفِيفَيْنِ بِلَا تَوَالٍ وَلَمْ يَكُنْ بِمَقْتَلٍ، وَلَمْ يَكُنْ بَدَنُ الْمَضْرُوبِ نِضْوًا وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ صِغَرٍ وَإِلَّا فَعَمْدٌ كَمَا لَوْ خَنَقَهُ فَضَعُفَ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ لَصَدَقَ حَدُّهُ عَلَيْهِ، وَكَالتَّوَالِي مَا لَوْ فَرَّقَ وَبَقِيَ أَلَمُ كُلٍّ لِمَا بَعْدَهُ.
نَعَمْ لَوْ كَانَ أَوَّلُهُ مُبَاحًا فَلَا قَوَدَ لِاخْتِلَاطِ شِبْهِ الْعَمْدِ بِهِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى طَرْدِهِ التَّعْزِيرُ وَنَحْوُهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ خَطَأً مَعَ صِدْقِ الْحَدِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَجْوِيزَ الْإِقْدَامِ لَهُ أَلْغَى قَصْدَهُ، وَلَا عَلَى عَكْسِهِ قَوْلُ شَاهِدَيْنِ رَجَعَا، وَقَالَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِقَوْلِنَا: فَإِنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ شِبْهَ عَمْدٍ مَعَ قَصْدِ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا؛ لِأَنَّ خَفَاءَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا مَعَ عُذْرِهِمَا بِهِ صَيَّرَهُ غَيْرَ قَاتِلٍ غَالِبًا، وَإِذَا تَقَرَّرَتْ الْحُدُودُ الثَّلَاثَةُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِخُصُوصِ الْحَدِّ لَمْ يَقْصِدْهُ
(قَوْلُهُ: وَبِمَا لَوْ هَدَّدَهُ) أَيْ فَهُوَ الْفِعْلُ هُنَا وَهُوَ مَقْصُودُ قح
(قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي قَصَدَ) أَيْ الظَّالِمَ
(قَوْلُهُ: بِهِ الْكَلَامُ) أَيْ هُوَ الْكَلَامُ
(قَوْلُهُ: غَيْرُ الْفِعْلِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَا إلَّا الْكَلَامُ الْمُهَدَّدُ بِهِ وَالتَّأَثُّرُ بِهِ لَيْسَ فِعْلًا فَمَا هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي الْكَلَامُ غَيْرُهُ قح. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ غَيْرُ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ بِهِ أَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي صَدَرَ مِنْ الْمُهَدِّدِ غَيْرُ الْفِعْلِ الْمُهْلِكِ الَّذِي يَقَعُ مِنْ الْجَانِي كَالضَّرْبِ بِالسَّيْفِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُهَدِّدَ صَدَرَ مِنْهُ فِعْلٌ تَعَلَّقَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ غَيْرُ الْكَلَامِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ صُورَةٌ قَصَدَ فِيهَا الشَّخْصَ وَلَمْ يَقْصِدْ فِيهَا فِعْلًا أَصْلًا، وَمِنْ ثَمَّ رُدَّ بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ قَدْ يَقْتُلُ فَالْفِعْلُ وَالشَّخْصُ فِيهَا مَقْصُودَانِ
(قَوْلُهُ: قَدْ يُهْلِكُ عَادَةً) عِبَارَةُ الرَّوْضِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ التَّهْدِيدَ إذَا نَشَأَ مِنْهُ الْمَوْتُ لَا يَضْمَنُ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بَابِ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ، قَالَ شَارِحُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ رَدًّا عَلَى مَنْ جَعَلَهُ تَصْوِيرًا لِمَا انْتَفَى فِيهِ قَصْدُ الْفِعْلِ دُونَ الشَّخْصِ، وَلَا يَلْزَمُ اعْتِمَادُ مَا يَقْتَضِيهِ مِنْ الْحُكْمِ الْمُخَالِفِ لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ طُرُوُّ إلَخْ) يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ أَنْ يُرَادَ بِالشَّخْصِ فِي تَعْرِيفِ الْعَمْدِ الْإِنْسَانُ الْمَعْصُومُ بِقَرِينَةِ مَا سَيُعْلَمُ، وَالتَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ قَصْدُ الْإِنْسَانِ الْمَعْصُومِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ إنْسَانٌ مَعْصُومٌ قح
(قَوْلُهُ: بِمَا لَا يَقْتُلُ) وَكَذَا لَوْ قَتَلَ غَالِبًا حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِهِ بِقَصْدِ إصَابَةِ وَاحِدٍ فَرْقًا بَيْنَ الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ خِفَّتِهَا) أَيْ أَوْ ثِقَلِهَا مَعَ كَثْرَةِ الثِّيَابِ
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ
(قَوْلُهُ: نِضْوًا) أَيْ نَحِيفًا
(قَوْلُهُ: وَكَالتَّوَالِي) أَيْ فِي كَوْنِهِ عَمْدًا
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ أَوَّلُهُ) أَيْ الضَّرْبِ
(قَوْلُهُ: لِاخْتِلَاطِ شِبْهِ الْعَمْدِ بِهِ) هَلْ يُوجِبُ هَذَا نِصْفَ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي شَرْحٍ، وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ، وَقَوْلُهُ فَلَا قَوَدَ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي: وَعَلِمَ الْحَابِسِ الْحَالَ فَعَمْدٌ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ الضَّرْبِ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ نَظِيرُ مَا سَبَقَ مِنْ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَهُوَ هُنَا عَالِمٌ؛ لِأَنَّهُ ضَارِبٌ انْتَهَى قح، وَقَوْلُهُ هَلْ يُوجِبُ، أَقُولُ: الْقِيَاسُ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ) وَجْهُ الْوُرُودِ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَصْدُ الشَّخْصِ وَالْفِعْلِ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا مَعَ أَنَّهُ خَطَأٌ
(قَوْلُهُ: صَيَّرَهُ) هَذَا مَمْنُوعٌ مَنْعًا وَاضِحًا، وَلَوْ قَالَ صَيَّرَهُ فِي حُكْمِ غَيْرِ الْقَاتِلِ غَالِبًا كَانَ لَهُ نَوْعُ قُرْبٍ قح، وَالضَّمِيرُ فِي صَيَّرَهُ رَاجِعٌ لِلْفِعْلِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: رُدَّ أَيْضًا بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ إلَخْ.) كَانَ الْمُنَاسِبُ فِي الرَّدِّ أَنْ يَقُولَ رُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ مَا يَشْمَلُ الْكَلَامَ وَمِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ قَدْ يَقْتُلُ غَالِبًا.
(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالْعَمْدِ