للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَلَوْ) (غَرَزَ إبْرَةً) بِبَدَنِ نَحْوِ هَرِمٍ أَوْ نِضْوٍ أَوْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ وَهِيَ مَسْمُومَةٌ: أَيْ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا أَخْذًا مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ ذَلِكَ فِي سَقْيِهِ لَهُ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ؛ لِأَنَّ غَوْصَهَا مَعَ السُّمِّ يُؤَثِّرُ مَا لَا يُؤَثِّرُهُ الشُّرْبُ، وَلَوْ بِغَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ (بِمَقْتَلٍ) بِفَتْحِ التَّاءِ كَدِمَاغٍ وَعَيْنٍ وَحَلْقٍ وَخَاصِرَةٍ وَإِحْلِيلٍ وَمَثَانَةٍ وَعِجَانٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْخُصْيَةِ وَالدُّبُرِ (فَعَمْدٌ) وَإِنْ انْتَفَى عَنْ ذَلِكَ أَلَمٌ وَوَرَمٌ لِصِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ نَظَرًا لِخَطَرِ الْمَحَلِّ وَشِدَّةِ تَأَثُّرِهِ (وَكَذَا) يَكُونُ عَمْدًا غَرْزُهَا (بِغَيْرِهِ) كَأَلْيَةٍ وَوَرِكٍ (إنْ تَوَرَّمَ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ (وَتَأَلَّمَ) تَأَلُّمًا شَدِيدًا دَامَ بِهِ (حَتَّى مَاتَ) لِذَلِكَ.

(فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ) بِأَنْ لَمْ يَشْتَدَّ الْأَلَمُ أَوْ اشْتَدَّ ثُمَّ زَالَ (وَمَاتَ فِي الْحَالِ) أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ يَسِيرٍ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) كَالضَّرْبِ بِسَوْطٍ خَفِيفٍ (وَقِيلَ عَمْدٌ) كَجُرْحٍ صَغِيرٍ، وَرُدَّ بِظُهُورِ الْفَرْقِ (وَقِيلَ لَا شَيْءَ) مِنْ قِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ إحَالَةً لِلْمَوْتِ عَلَى سَبَبٍ آخَرَ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ؛ إذْ لَيْسَ مَا لَا وُجُودَ لَهُ أَوْلَى مِمَّا لَهُ وُجُودٌ، وَإِنْ خَفَّ (وَلَوْ غَرَزَهَا فِيمَا لَا يُؤْلِمُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ) فَمَاتَ (فَلَا شَيْءَ بِحَالٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ عَقِبَهُ مُوَافَقَةُ قَدَرٍ، وَخَرَجَ بِمَا لَا يُؤْلِمُ مَا لَوْ بَالَغَ فِي إدْخَالِهَا فَإِنَّهُ عَمْدٌ وَإِبَانَةُ فِلْقَةِ لَحْمٍ خَفِيفَةٍ وَسَقْيُ سُمٍّ يَقْتُلُ كَثِيرًا لَا غَالِبًا كَغَرْزِهَا بِغَيْرِ مَقْتَلٍ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّ مَا يَقْتُلُ نَادِرًا كَذَلِكَ (وَلَوْ) مَنَعَهُ سَدَّ مَحَلِّ الْفَصْدِ أَوْ دَخَّنَ عَلَيْهِ فَمَاتَ أَوْ (حَبَسَهُ) كَأَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابًا (وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ) أَوْ أَحَدَهُمَا (وَالطَّلَبَ) لِذَلِكَ أَوْ عَرَّاهُ (حَتَّى مَاتَ) جُوعًا أَوْ عَطَشًا أَوْ بَرْدًا أَوْ مَنَعَهُ الِاسْتِظْلَالَ فِي الْحَرِّ.

(فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ) مِنْ ابْتِدَاءِ مَنْعِهِ أَوْ إعْرَائِهِ (يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا جُوعًا أَوْ عَطَشًا) أَوْ بَرْدًا، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَحْبُوسِ وَالزَّمَنِ قُوَّةً وَحَرًّا وَضِدَّهُمَا، وَحَدَّ الْأَطِبَّاءُ الْجُوعَ الْمُهْلِكَ غَالِبًا بِاثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَاعَةً مُتَّصِلَةً، وَاعْتِرَاضُ الرُّويَانِيِّ لَهُمْ بِمُوَاصَلَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الصَّادِرِ مِنْهُمَا وَهُوَ الشَّهَادَةُ (قَوْلُهُ: نَحْوِ هَرِمٍ) أَيْ كَمَرِيضٍ

(قَوْلُهُ: أَوْ كَبِيرٍ وَهِيَ مَسْمُومَةٌ) قَيْدٌ فِي الْكَبِيرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ

(قَوْلُهُ: اشْتِرَاطِهِمْ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ: بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَوْصَهَا) عِلَّةٌ لِلْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْتَفَى عَنْ ذَلِكَ أَلَمٌ وَوَرَمٌ) ظَاهِرُ الرُّجُوعِ إلَى جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ بِبَدَنِ نَحْوِ هَرِمٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ غَرَزَهَا فِي جِلْدَةِ عَقِبٍ مِنْ الْهَرِمِ وَنَحْوِهِ

(قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِصِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: يَسِيرٍ عُرْفًا) أَيْ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ انْتَهَى قح: أَيْ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ

(قَوْلُهُ: كَجُرْحٍ صَغِيرٍ) أَيْ بِمَحَلٍّ تَغْلِبُ فِيهِ السِّرَايَةُ وَبِهَذَا اتَّضَحَ قَوْلُهُ: وَرُدَّ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ بِالْجِرَاحَةِ الْمَذْكُورَةِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْهَا

(قَوْلُهُ: وَلَا دِيَةٍ) أَيْ وَلَا كَفَّارَةٍ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: مَا لَا وُجُودَ لَهُ أَوْلَى) قَدْ يُقَالُ: ذَلِكَ السَّبَبُ يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ، وَالْإِحَالَةُ عَلَيْهِ مُوَافِقَةٌ لِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَهَذَا السَّبَبُ الْمَوْجُودُ لَمْ يُعْلَمْ تَأْثِيرُهُ فَلَا تَحَكُّمَ قح

(قَوْلُهُ: وَإِبَانَةُ فِلْقَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا مَعَ إسْكَانِ اللَّامِ فِيهِمَا قح

(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ مَقْتَلٍ) أَيْ فَإِنْ تَأَثَّرَ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ فَعَمْدٌ وَإِلَّا فَشِبْهُهُ

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ غَرْزِ الْإِبْرَةِ بِغَيْرِ مَقْتَلٍ فَإِنَّهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، لَكِنْ إنْ تَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ فَعَمْدٌ، وَإِلَّا فَشِبْهُهُ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا يَقْتُلُ نَادِرًا كَذَلِكَ) أَيْ فِيهِ التَّفْصِيلُ

(قَوْلُهُ: أَوْ عَرَّاهُ) أَيْ وَمَنَعَهُ الطَّلَبَ لِمَا يَتَدَفَّأُ بِهِ

(قَوْلُهُ: أَوْ إعْرَائِهِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ: أَوْ تَعْرِيَتِهِ لَكِنَّهُ قَصَدَ التَّنْبِيهَ عَلَى جَوَازِ اللُّغَتَيْنِ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَعَرِيَ مِنْ ثِيَابِهِ بِالْكَسْرِ عُرْيًا بِالضَّمِّ فَهُوَ عَارٍ وَعُرْيَانٌ، وَالْمَرْأَةُ عُرْيَانَةُ، وَمَا كَانَ عَلَى فُعْلَانَ فَمُؤَنَّثُهُ بِالْهَاءِ وَأَعْرَاهُ وَعَرَّاهُ تَعْرِيَةً

(قَوْلُهُ: أَوْ بَرْدًا) أَيْ أَوْ ضِيقَ نَفَسٍ مَثَلًا مِنْ الدُّخَانِ أَوْ نَزْفِ الدَّمِ مِنْ مَنْعِ السَّدِّ

(قَوْلُهُ: بِاثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَاعَةً) قح

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَهِيَ مَسْمُومَةٌ) قَيْدٌ فِي الْكَبِيرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: بِسَبَبٍ آخَرَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَلَى سَبَبٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَرْدًا) يَنْبَغِي أَوْ حَرًّا (قَوْلُهُ: بِاثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَاعَةً) أَيْ فَلَكِيَّةٍ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>