للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَ السَّيِّدِ (وَيُقْتَلُ ذِمِّيٌّ) وَذُو أَمَانٍ (بِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ (وَبِذِمِّيٍّ) وَذِي أَمَانٍ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا) كَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ وَمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ (فَلَوْ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ) لِتَسَاوِيهِمَا حَالَةَ الْجِنَايَةِ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُوبَاتِ بِحَالِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّقِيقَ لَوْ زَنَى أَوْ قَذَفَ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يُحَدَّ إلَّا حَدَّ الْقِنِّ (وَلَوْ) (جَرَحَ ذِمِّيٌّ) أَوْ ذُو أَمَانٍ (ذِمِّيًّا) أَوْ ذَا أَمَانٍ (وَأَسْلَمَ الْجَارِحُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ) عَلَى كُفْرِهِ (فَكَذَا) لَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ قَطْعًا، وَلَا فِي النَّفْسِ (فِي الْأَصَحِّ) لِلتَّكَافُؤِ حَالَ الْجُرْحِ الْمُفْضِي لِلْهَلَاكِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْمُكَافَأَةِ وَقْتَ الزُّهُوقِ (وَفِي الصُّورَتَيْنِ إنَّمَا يَقْتَصُّ الْإِمَامُ بِطَلَبِ الْوَارِثِ) وَلَا يُفَوِّضُهُ إلَيْهِ حَذَرًا مِنْ تَسْلِيطِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَسْلَمَ فَوَّضَهُ لَهُ (وَالْأَظْهَرُ قَتْلُ مُرْتَدٍّ) وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ جِنَايَتِهِ (بِذِمِّيٍّ) وَذِي أَمَانٍ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْكُفْرِ حَالَةَ الْجِنَايَةِ فَكَانَا كَالذِّمِّيَّيْنِ، وَلِأَنَّ الْمُرْتَدَّ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الذِّمِّيِّ لِإِهْدَارِ دَمِهِ وَعَدَمِ حِلِّ ذَبِيحَتِهِ وَعَدَمِ تَقْرِيرِهِ بِالْجِزْيَةِ، فَأَوْلَى أَنْ يُقْتَلَ بِالذِّمِّيِّ الثَّابِتِ لَهُ ذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ.

وَرُدَّ بِأَنَّ بَقَاءَهَا يَقْتَضِي التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ، وَامْتِنَاعُ بَيْعِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا لِكَافِرٍ مِنْ جُمْلَةِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ؛ إذْ لَوْ صَحَّحْنَاهُ لِلْكَافِرِ فَوَّتَ عَلَيْنَا مُطَالَبَتَهُ بِالْإِسْلَامِ بِإِرْسَالِهِ لِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِإِغْرَائِهِ عَلَى بَقَائِهِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ بَاطِنًا (وَبِمُرْتَدٍّ) لِمَا مَرَّ، وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ قَوَدًا عَلَى قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ حَتَّى لَوْ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ قُتِلَ بِهَا وَأُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ، نَعَمْ عِصْمَةُ الْمُرْتَدِّ عَلَى مِثْلِهِ إنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوَدِ خَاصَّةً فَلَوْ عُفِيَ عَنْهُ فَلَا دِيَةَ، وَالثَّانِي لَا إذْ الْمَقْتُولُ مُبَاحُ الدَّمِ (لَا ذِمِّيٍّ) فَلَا يُقْتَلُ (بِمُرْتَدٍّ) ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْهُ بِتَقْرِيرِهِ بِالْجِزْيَةِ (وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَلَوْ كَانَ عَطْفُهُ عَلَيْهِ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ بَيْنَهُمَا لَوَجَبَ قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْتَأْمَنِ كَمَا قُتِلَ الْمُعَاهَدُ بِهِ مَعَ أَنَّ الْمُخَالِفَ لَا يَقُولُ بِهِ (قَوْلُهُ: بِحَالِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ

(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يُنْظَرُ) وَعَلَى الْأَوَّلِ تُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقَوَدِ الْمُكَافَأَةُ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى الزُّهُوقِ وَسَيَأْتِي لَنَا مَا فِيهِ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ إلَخْ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَامْتِنَاعُ بَيْعِهَا) أَيْ الْأَمَةِ الْمُرْتَدَّةِ أَوْ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ مُكَافَأَتِهِ لَهُ حَالَ الْجِنَايَةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ وَإِنْ أَسْلَمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالْمُرْتَدِّ هُنَا أَيْضًا، وَإِنْ أَسْلَمَ الْجَارِحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ مُكَافَأَتُهُ لَهُ حَالَ الْجِنَايَةِ، أَمَّا عَلَى الْعِلَّةِ النَّافِيَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرْتَدَّ أَسْوَأُ حَالًا فَلَا

(قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمَقْتُولُ غَيْرَ مُرْتَدٍّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ عِصْمَةُ الْمُرْتَدِّ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فَلَا دِيَةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ دَمَهُ مُهْدَرٌ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَالْقَوَدُ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ لِلتَّشَفِّي فَلَا يُشْكِلُ عَدَمُ وُجُوبِ الْمَالِ مَعَ قَتْلِهِ قِصَاصًا، وَخَرَجَ بِالْمُرْتَدِّ الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ إذَا قَتَلَهُمْ غَيْرُ مَعْصُومٍ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِمْ وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ حَدًّا عَلَى قَتْلِهِ قِصَاصًا، وَلَوْ عُفِيَ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى الدِّيَةِ وَجَبَتْ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِالْعَفْوِ عَنْ الْمُرْتَدِّ. [فَرْعٌ]

وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ تَصَوَّرَ وَلِيٌّ فِي غَيْرِ صُورَةِ آدَمِيٍّ وَقَتَلَهُ شَخْصٌ وَعَمَّا لَوْ قَتَلَ الْجِنِّيَّ شَخْصٌ هَلْ يُقْتَلُ بِهِ أَوْ لَا؟ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْأَوَّلِ أَنْ يُقَالَ: إنْ عَلِمَ الْقَاتِلُ حِينَ الْقَتْلِ أَنَّ الْمَقْتُولَ وَلِيٌّ تَصَوَّرَ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ قُتِلَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ، لَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ قَتَلَ إنْسَانًا يَظُنُّهُ صَيْدًا.

وَأَمَّا الثَّانِي فَقَضِيَّةُ اعْتِبَارِ الْمُكَافَأَةِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَفْضُلَ الْقَاتِلُ قَتِيلَهُ بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ إلَخْ أَنَّ الْقَاتِلَ إنْ عَلِمَ حِينَ الْقَتْلِ أَنَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُمَا إذْ لَا دَخْلَ لِلْعَهْدِ وَالْأَمَانِ فِي اخْتِلَافِ الْمِلَّةِ (قَوْله لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ شَرْعًا فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمَتْنِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا لِأَنَّهُ بِحَسَبِ مَا عِنْدَهُمْ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِاخْتِلَافِ مِلَّتِهِمَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَيَكُونُ الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةً وَاحِدَةً: أَيْ مِنْ حَيْثُ أَنَّ النَّسْخَ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ قَوَدًا إلَخْ.) أَيْ فِيمَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوَدٌ أَيْ لِغَيْرِ مِثْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>